بقلم : علي المطاعني
تابعت ردود الأفعال على المرسوم السلطاني السامي الخاص بالزواج من الخارج ولتباين الآراء بين مؤيد ومعارض ومتحفظ على ماورد من رفع القيود والإشتراطات على الزواج من الخارج ماعدا ما يخالف الشريعة الإسلامية ، إلا أن المجتمع العُماني وخاصة النساء لا يتعين عليهن التخوف من المستجدات الآتية لا محالة مع الوقت وفي كنف عالم يشهد متغيرات متسارعة يجب علينا أن نتكيف معها بالإيجاب ، بل أن على المجتمع أن يحول هذه التحديات إذا كانت كذلك إلى فرص لتسهيل الزواج من الداخل من خلال تقليل المهور والطلبات الزائدة فوق طاقة الأزواج وتيسير الأمور على الشباب وعدم المغالاة في الطلبات كأحد الحلول لمواجهة هذا التحدي اذا كان ، عندها ستجد الشباب العُماني مقبلا على الزواج من بنات وطنه ولن يذهب بعيدا .
الأمر الذي يتطلب أن يراجع المجتمع العُماني نفسه في ظل هذه المتغيرات التي لابد منها ولاينبغي أن نبقى منغلقين على أنفسنا إلى الأبد بدواعي عفى عنها الزمن ، وإنما يجب أن نواجه هذه التطورات بالمزيد من الإيجابية وتغيير تفكيرنا ومراجعة ممارساتنا الإستهلاكية المتزايدة التي لا تتواكب مع القيم الإسلامية الحميدة سواء في الزواج أو غيره ، ولا تتماشى بالتالي مع التحديات الحياتية التي يعيشها الشباب المقبل على الزواج.
ان مسألة الزواج من الخارج ليست جديدة ولا غريبة على المجتمع العُماني ، فالعمانيين جابوا العالم في الحقب الماضية وتزوجوا من بلدان عدة في العالم ، لذا تجد المجتمع العُماني مزيجا متجانسا من الأجناس والأعراق والأصول ، وإذا كانت الفترة الماضية وضعت بعض الإشتراطات على الزواج من الخارج لمعطيات معينة ولظروف خاصة ، إلا أن المرحلة القادمة تتطلب المزيد من الإنفتاح ومنح الحريات للأفراد في هذا الشأن الشخصي ، لكن في المقابل على المجتمع ومؤسساته الإجتماعية والأهلية أن تسعى لإطلاق حملات توعية لأولياء الأمور لتسهيل أمور الزواج وعدم المغالاة في الطلبات حتى لا يجد الشباب مبررا للبحث عن البديل المعروف ، فمن الأهمية إذن المضي قدما في حملات التوعية حتى الوصول للنتائج الإيجابية المرتجاة .
لانخفي في الواقع حقيقة أن المجتمع يعايش حالات هي اقرب للنفاق الإجتماعي ، ففي الوقت الذي يطالب فيه أولياء الأمور بالقضاء على العنوسة والحث على الزواج والتقيد بالتعاليم الإسلامية ، إلا إنه في ذات الوقت يغالون في المهور والهدايا والقاعات الفاخرة وغيرها من المظاهر الشوفونية التي يعجز الشباب عن تلبيتها وتكون هي بذرة الطلاق القادم بعد شهور قليلة ، أو أن يعزفوا عنه كحل حاسم ، غير أن الباب الآخر مفتوح الآن على مصرعيه إذا ظلت الأمور كما هي عليه.
بالطبع أن نسبة بسيطة من فئات المجتمع سوف تتجه إلى الزواج من الخارج ولا يجب أن نثير الكثير من المخاوف في هذا الشأن ، ولكن في المقابل يجب علينا أن نعالج المشكلة من جذورها ، فاليوم نجد أن متوسط تكلفة الزواج تزيد عن 15 الف ريال عُماني فكيف للشاب أن يوفر هذا المبلغ بدون تكاليف البيت والمعيشة ومستلزمات الحياة.
نأمل أن نحول التحديات إلى فرص في إعادة النظر في كل ممارساتنا وطلباتنا لتكون منسجمة مع مستويات الدخل والظروف الحياتية التي نعيشها ، فالزواج من الخارج لا يمكن مكافحته بالمنع والإشتراطات بقدر ما يمكن الحد منه بإزالة الحواجز التي تعيق الزواج من الداخل.