بقلم : محمد محمود عثمان
التحديات أقوى في العام الجديد من كل الأمنيات في مواجهة ضغوط زيادة الأسعار وارتفاع التضخم، والعجز في السيطرة عليهما في معظم دول العالم، لأن موجات الغلاء متتالية وعاتية مع استمرار سلبيات الحرب في أوكرانيا، التي يعيشها العالم المتضرر من صراعات القوي بين روسيا وإمريكا التي استخدمت الحكومات الأوروبية كمخلب للقط، لإنهاك الاقتصاد الروسي وإضعاف الدولة، لإحكام سيطرتها على الاقتصاد العالمي وتصبح القضب الأوحد في العالم، حتى تتفرغ لمواجة الاقتصاد الصيني القادم بقوة على الرغم من أنف الجميع، لذلك قامت إمريكا بتقديم مساعدات بقيمة 45 بليون دولار لدعم مواصلة أوكرانيا في الحرب بتشجيع من الحزبين الديموقراطي والجمهوري باعتبار أن ذلك هو الهدف الرئيس للأمريكيين، مما يطول زمن الحرب، وانعكست سلبيات ذلك على حياة المواطنين في الدول الغربية التي تعاني من ارتفاع أسعار الطاقة والتضخم بسبب فرض عقوبات على موسكو، وعلى خلفية ارتفاع أسعار الوقود، وخاصة الغاز، مما أفقد الصناعة في أوروبا إلى حد كبير قدرتها التنافسية العالمية، ومن هنا فإن المخاوف قوية من المؤشرات السلبية للحرب الباردة بين القوتين، التي تؤثرعلى الدول النامية التي ترتبط باقتصاديات الدول الكبرى، والمشاكل الجيوسياسية التي أثرت على نمو الاقتصاد العالمي وإصابته بالتباطؤ المفضي إلى الكساد والفساد أيضا، لذلك لا نجد في الواقع مؤشرات إيجابية في الحاضر أوالمستقبل القريب، بعد أن عصفت المشاكل والأزمات المقرونه بسوء الإدارة وعشوائية التخطيط والتنفيذ، بمقومات نجاح واستمرار الدور المرتجى من القطاع الخاص، الذي يُعد العمود الأساسي في اقتصادات الدول، في ظل تعثر الشركات بين الإغلاق والإفلاس، على مرأى ومسمع من الحكومات، التي أصبحت في مدرج المتفرجين، وصعوبة الحصول على مدخلات الإنتاج المستوردة التي تؤججها مشاكل سلاسل الإمداد على مستوى العالم، وانخفاض معدلات القوة الشرائية وتراجع مؤشرات الاستهلاك، التي أدت إلى توقف دوران رأس المال، لأنخفاض الدخل وزيادة الباحثين عن عمل والمسرحين من الوظائف وارتفاع الديون على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأفراد، وعدم مرونة البنوك في التعامل مع المتعثرين، الأمر الذي يتطلب مواكبة التشريعات التي تعالج حالات الإعسارالناتجة عن أسباب خارجة عن الإرادة وفرضتها الأزمات الطارئة، والتغلب على الصدام المتجدد بين القرارات والقوانين ومصالح شركات القطاع الخاص الذي يعاني ويئن، لأنها تستوجب إعادة النظر لتصحيح الأوضاع، التي تؤثر على المستثمرين وعلى المشروعات الاستثمارية التي تتجه نحو الهروب إلى البيئات الاستثمارية الأكثر شفافية من حيث التشريعات والنظم والتنظيم واستقرار القوانين وتثبيتها، لأنها من العوامل الطاردة بشدة للاستثمار، وهى من أولى اهتمامات المستثمرين، التي تؤثر على قرارهم الاستثماري، ولم يستمرفي بعض الأسواق سوى مستخدمي واجهة الاستثمار للحصول على تأشيرات الإقامة وتراخيص العمل، والتي ليس لها عائد اقتصادي أو تقدم قيمة مضافة، حتى أن هناك تندراً من السماح في بعض الدول للسائقين أو المزارعين أو الحلاقين والكوافيرات وعارضات الأزياء، وعمال النظافة والشغالات وأصحاب بعض المهن التي يتم توطينها وغير مصرح بها، للتحول إلى مستثمرين وهم يفتقدون لرأس المال والخبرة في مجالات الاستثمار، إلا إذا كان الهدف هو تحصيل الرسوم والأموال، بدون إدراك من التأثير على تدفق الاستثمارات وهجرة المستثمرين، وإصابتهم بحالة من الهلع والخوف التي نالت الجميع في الداخل والخارج، وأثرت على قناعات ورؤية أصحاب الأعمال والمستثمرين الجادين من الأجانب والمحليين، الذين يضيفون للاقتصاد، ولديهم الملاءات والقدرات المالية والتكنولوجيا والخبرات التي تؤهلهم لذلك، لنجد أن قراءة الواقع تشيرإلى أن التحديات في العام الجديد سوف تطيح بالأمنيات والتطلعات نحو الخروج الآمن من الأزمات، لأنه لا توجد مؤشرات إيجابية، تدعم الاستثمارات والمشروعات في القطاع الخاص، وبعد أن عصفت الأزمة بقوة بالقطاعات الاقتصادية والسفر والسياحة، وانعكس ذلك على حجم الإنفاق وعلى تدني القدرة الشرائية للمستهلكين، التي أصابت الأسواق في مقتل، بعد أن أدى تراجع الاستهلاك إلى انخفاض الطلب، الذي أثر على الشركات والإنتاج والأسواق بشكل عام، بعد الاستغناء عن أعداد كبيرة من الأيدي العاملة الأجنبية، والتي أثرت على القدرة والطاقة الاستهلاكية للأسواق، ما يستوجب ضرورة التصدي لهذه الظواهر لضمان استمرارية أنشطة القطاع الخاص، للمحافظة على مستويات مناسبة من النمو، وحتى لا نودع عام 2022 باللعنات نتيجية الخسائر التي تكبدتها قطاعات الإنتاج المختلفة، أو أن نظل في حالة اليأس والاحباط، التي فُرضت على القطاع الخاص وعشناها جميعا، فيقودنا ذلك إلى نتائج أسوأ مما عانينا منه في العامين السابقين، ويكون الأمر أكثر سوءا في الاقتصادات منخفضة الدخل، حيث ربما تنعدم المسارات القوية للتعافي فيها، أو أنها تكون بنسب أقل كثيرا من المعدلات المتوقعة عالميا.