بقلم : محمد بن علي البلوشي
قبل أن ينتهي العام الفائت يصر البعض في مجلس الشورى على مفاجآتنا وشد عقولنا وقلوبنا لكي لاننساه.. حيث صحونا الأسبوع الفائت على ضجيج مادة إعلامية أخذت حيزا كبيرا من التداول داخليا وخارجيا.
البهرجة الإعلامية الجديدة التي تصدى لها فجأة مجموعة من الأعضاء المحترمين فهي أنهم تذكروا أن السلطنة أصدرت قانون مقاطعة إسرائيل في سبعينيات القرن الفائت تماشيا مع قانون عربي لمقاطعة إسرائيل.. ويومها لم تكن هناك اتفاقات السلام .. وبعدها أقامت مصر كأول دولة عربية معاهدة سلام مع إسرائيل ثم حدث ما حدث للقاهرة من مواقف عربية بينما ساندت السلطنة خيار القاهرة الاستراتيجي.. بعد مرور نحو 50 عاما من صدوره حدثت تغيرات وتبدلت المواقف وعقدت اتفاقيات سلام وباتت الدول العربية أكثر ليونة وتقبلا لأفكار جديدة لبناء فكرة السلام والتعايش مع إسرائيل.
القانون قديم جدا ومنسي.. لكن لابأس بمسح الغبار عنه وإثارة زوبعة برلمانية جديدة تسلط الضوء على قوة المجلس وفطنة أعضائه للقيام بأدوار بطولية رائعة.. مراجعة قانون مقاطعة إسرائيل وكل ما يتعلق بإسرائيل مستفيدين في هذا المجال من الشحن الداخلي الذي يقوده البعض والآلة الإعلامية "التويترية" التي تحرض..
قانون مقاطعة إسرائيل في الواقع انتهى فكم من الشركات العالمية التي لها فروع وتوكيلات في إسرائيل وتتعامل معها الدول العربية وماذا عن علاقات بعض الدول العربية واتفاقيات السلام التي عقدتها والتي قد تمهد لسلام قادم مع مرور الوقت.. نبش مثل هذه القوانين يشكل نهجا متشددا لطريق سياسي طويل قد نجند فيه طاقات ابنائنا وعقولهم على رفض كل شيء .. كما حدث في المناهج التي علمتنا أن « ما أخذ بالقوة لايسترد إلا بالقوة » لكن ذلك كان من الأوهام وغسيل الدماغ التي وضعها فينا مؤلفو المناهج.
الدولة تعرف طرق السياسة والسلام ومآلاتها ولست اتوقع اننا بحاجة إلى إظهار بلادنا أنها المعقل الاخير للعداء والمقاطعة مع هذا أو ذلك واننا نحن الأولى بالقضية اكثر من الشعب الفلسطيني الشقيق. ولايمكن لنا أن ننعزل عن العالم على حساب قضايا بها حسابات إقليمية وعالمية..
تستضيف السلطنة مركزا دوليا مهما جدا وهو «مركز الشرق الأوسط لأبحاث تحلية المياه» واسرائيل عضوة به وهو يهتم بقضايا المياه في منطقة الشرق الاوسط.. في التسعينيات كذلك افتتحت عمان مكتبا تجاريا لإسرائيل في مسقط كنافذة لتشجيع السلام وقانون مقاطعة إسرائيل كان موجودا..
كثرة العنتريات التي تعيدنا إلى الصراخ وجذب الانتباه ينبغي أن تنتهي... لنلتفت إلى مصالحنا الداخلية مع الالتزام بثوابتنا. أما محاولة تصوير البلاد كقلعة متشددة تمسك بالراية في وجه إسرائيل فهو مجرد شعارات يعشق اصحابها الثناء الشعبي.
البرلمانيون.. أشدد على كلمة البرلمانيون هم في الغالب متاجرون بالشعارات والقضايا لمصالح انتخابية أو ممارسة ضغوط على خصومهم السياسيين .. وهنا فإن مهمة الشورى العمل مع الحكومة لتعزيز الاداء .لكنني ومع كل ذلك أرى أن سحب قانون قديم من الأدراج واختلف العرب عليه وتغير اليوم لايدل إلا على محاولة شحن الرأي العام القضية الفلسطينية محورها جامعة الدول العربية وكل ما يمكن أن يصدر عنها يمكن أن يتفق عليه العرب..
هل يمكن تجريم إرسال رسالة واتس أب إلى صديق عربي أو حتى لنقل إسرائيلي يعيش في اسرائيل أو إلى منظمة طبية لاخذ استشارة طبية وعلاجية من طبيب مشهور. حسنا ماذا نقول عن القنوات العربية التي تستضيف أطرافا عربية وتحمل جوازات إسرائيلية هل يمكن مخاصمتهم أو حتى إن كانوا أطرافا يمثلون الحكومة للتعليق على الأحداث اليومية التي تحصل في الأراضي المحتلة.
أنا ضد محاولات البعض لاشغال الشارع بالقضايا والقوانين العتيقة التي كانت لها ظروفها ومحاولة بث الحياة فيها لأدلجة الناس والرأي العام... هل يمكن ان نطرد إسرائيل من مركز المياه ونغلقه؛ لأن به رائحة تطبيعية نتنة.. من الحكمة والواقعية بذل الجهود في مشروعات القوانين التي تمس حياة الناس وارزاقهم ومساعدة الحكومة على مواجهة القضايا اليومية والمشاريع والقوانين التي ترفع من قوة الدولة وكيانها وحضورها الإقليمي والعالمي.. بدلا من شغل «الفضاوة».
للتذكير: حاول بعض المنتشين سابقا من الأعضاء في مجلس الشورى إنشاء لجنة "الأمن والدفاع" تقريبا فماذا كان يريد أعضاء الأفاضل من هذه اللجنة المعارك لكن يبدو أن الحكومة وضعت نوايا البعض ورغباتهم الدفينة في إطارها الصحيح والواقعي.. كل عام وانتم في سنة جديدة تتحقق فيها الآمال والأحلام.