بقلم : علي المطاعني
تكتسب توجيهات حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- والتي أسداها أثناء ترؤسه إجتماع مجلس الوزراء أهمية كبيرة على العديد من الأصعدة والمستويات لما تمثله هذه التوجيهات من أهمية في تعزيز الثقة في الأجهزة الحكومية وأدائها في الفترة الفائتة عبر الجهود التي بذلتها من أجل خدمة الوطن والمواطنين، وإستشراف المستقبل، إضافة للإشادة المتميزة من قبل جلالته أيده الله بما قدمه جهاز الإستثمار العُماني من أداء إستثماري متميز في رفد خزينة الدولة الأمر الذي يبعث على الإرتياح لهذا الإهتمام والرعاية والمتابعة السامية لمجريات الأمور في البلاد والتوجيه المستمر لأجهزة الدولة نحو المزيد من العمل الهادف الذي يحقق الغايات والأماني التي يتطلع إليها الجميع.
جاء ترؤس جلالته لاجتماع مجلس الوزراء في مطلع العام الجديد 2023 والتصديق على الميزانية العامة للدولة في الأول من يناير كالعادة من كل عام، وما تتضمنه من برامج تنموية وتخصيص موازنات للبرامج الإستثمارية والإنمائية والجارية، وكذلك الزيادة في الإنفاق على الكثير من الجوانب والتوجهات المستقبلية في صرف ما تضمنته الميزانية من إعتمادات مالية تُسهم في رفد الجهود التنموية المبذولة، وكذلك يأتي الإجتماع بعد إنتهاء تجربة إنتخابات المجالس البلدية بانتخاب الأعضاء في كل ولايات السلطنة وما تحمله هذه التجربة من أهمية للمشاركة في العملية التنموية والاستفادة من الآراء المجتمعية.
وكذلك نجاح تجربة الإنتخابات بالطرق الإلكترونية لأول مرة وما حققته من تطور أسهم في تسريع العملية الإنتخابية والإطلاع على مجرياتها أولا بأول، ولعل إشادة جلالته بهذه التجربة تحمل الكثير من الدلالات إزاء النهوض بها وصولا لما نتطلع إليه بإعتبارها بدأت أصلا لكي تتطور وفقا وتزامنا مع تطور المجتمع خطوة بخطوة وكتفا بكتف.
في الواقع إن ترؤس جلالته لإجتماعات مجلس الوزراء حدث يترقبه المواطنون بكل شغف لما تحمله مخرجاتة من آمال وتطلعات كبيرة في بناء الوطن وخدمة المواطنين، إذ لا تخلو التوجيهات من إشارات واضحة للحكومة بالإهتمام بالمواطنين وتوفير متطلباتهم الحياتية والإرتقاء بالخدمات الحكومية خاصة في المجالات الأساسية كالتعليم والصحة والجوانب الإجتماعية وتوفير فرص العمل وتهيئة الشباب لسوق العمل.
ولعل توجيه جلالته في هذا الشأن بتهيئة كل السبل التي من شأنها أن توفر المزيد من فرص العمل والتوعية بقيمة العمل وثقافته والتكيف مع المتغيرات العالمية التي تجعل أبناءنا جزءا من العالم مواكبا مع مستجداته لا عبئا عليه، وهو ما يتطلب المزيد من البرامج التوعوية الهادفة لتعزيز قيم العمل وأخلاقياته وكيفية بناء الذات وهذا يتطلب من أجهزة الدولة أن تشرع في الكثير من البرامج التي تهيئ الشباب للتشغيل الذاتي.
وفي هذا الإطار فإن تركيز جلالته على هذه النقطة المحورية لم يأت من فراغ بطبيعة الحال، فالمستجدات العالمية والمطبقة حاليا في أميركا وأوروبا في شأن العمل والتشغيل تشير إلى أفول عصر الشهادات ليحل محلها عصر (المهارات) وهي نقطة جوهرية يتعين على شبابنا وهم عدة وعتاد المستقبل إستيعابها بنحو جلي، فالحصول على الشهادات لايعني بالضرورة الحصول على الوظائف إن لم تتقدم (المهارات) هذه الشهادات وفي هذا الإطار الخطير والجديد على شبابنا العمل بجد وجدية على تنمية وتطوير مهاراتهم الذاتية في كل صنوف العلوم والإبداع والإبتكار والتجديد.
وبما أن الشباب هم عماد المستقبل فليس بالغريب ان يتناول جلالته عدة نقاط تهم الشباب والأسرة والمجتمع، فالمخدرات هي الأفة التي أمست تعصف بالدول والأوطان فقد أوضح جلالته خطرها وأكد على خطط مناهضتها إجتماعيا وأسريا وبقوة القانون أيضا، كما أن جلالته حض الأسرة على القيام بدورها كاملا في متابعة الأبناء والحرص على غرس القيم العُمانية الأصيلة بإعتبارها السياج والحصن الحصين من كل ماهو مخالف وعابر للحدود في ظل إنكماش كوكب الأرض وتحوله لقرية صغيرة بسطوة وسائل التواصل الإجتماعي الأمر الذي يلقى بمسؤولية ضخمة على الأسرة وعلى أولياء الأمور.
نامل من كافة الجهات الرسمية والإجتماعية والأسرية أن تنطلق من الموجهات الواضحة والصريحة التي أشار إليها جلالته فالمرحلة القادمة هي مرحلة تأصيل وتفعيل منظومة البناء الوطني من بعد أن تلقت أجهزتنا الحكومية والإستثمارية الإشادة والتقدير من جلالته على حسن أدائها العام في الفترة الماضية، وأن نمضي جميعا لنقدم لجلالته أداء أرفع، وجهد أعلى، وتفاني أرقى، وعمل دؤوب.