بقلم : علي المطاعني
عكست المؤشرات لزيادة أعداد الزوار للبلاد من شهر يناير حتى شهر نوفمبر 2022 م، تقدما ملحوظا وإيجابيا في ترموميتر تعافي القطاع السياحي في السلطنة بعد ما ألم به من أضرار نتيجة الجائحة، والمؤشرات تؤكد أيضا نجاح الجهود التي بذلتها مختلف الجهات ذات العلاقة وعلى رأسها بطبيعة الحال وزارة التراث والسياحة لإستعادة التعافي للقطاع والتخلص من تبعات ومخلفات ذلك الزائر الذي أضنى سكان كوكبنا كما نعلم ونعرف وكما لن ننسى.
فالأرقام الرسمية تشير إلى ارتفاع عدد الزوار القادمين من جميع المنافذ حتى نوفمبر 2022 بنسبة 438.3% مقارنة بنفس الفترة من عام 2021 ليصل العدد إلى 2.5 مليون زائر، رقم وبكل الحسابات يمثل إنجازا نوعيا لهذا القطاع الحيوي الذي يمضي قدما وبخطوات ثابتة وواثقة لتحقيق غايات رؤية عُمان 2040 بإعتباره أحد أهم القطاعات المعول عليها في منظومة التنويع الإقتصادي.الامر الذي يبعث على الاعتزاز لهذه التطورات الايجابية التي تبعث الامال بمستقبل القطاع السياحي واهميته كأهم القطاعات لإنعاش الحركة الاقتصادية في البلاد واثراء المجتمعات المحلية.
كما يمكن النظر للرقم من زاوية إنه قطاع واعد ويمكن أن نعول عليه لقيادة جهود رفد الجهود المبذولة للتنويع الاقتصادي وزيادة مساهمته في انتاج المحلي الاجمالي، بإعتباره الأسرع تطورا ونموا والقادر بما يملك من مقومات على تحقيق سمعة حسنة للسلطنة لدى شعوب كوكبنا، فزيادة عدد الزوار والسياح يعنى المزيد من الصيت الحسن في الدول الأخرى، وبإعتبار أن الزائر هو في الحقيقة خبر ونبأ متحرك وسيجلب المزيد من السياح حتما.
لهذا نصف هذا القطاع بالأكثر تطورا سيما ونحن نثق تماما في إمكاناتنا السياحية وقدرتها على المنافسة في هذا السوق الذي لا رحمة فيه، وإذ البقاء فيه للأقوى والاقدر على تقديم الأفضل والأجمل والأحسن، ونحن في الواقع كذلك.
صحيح أن هذا القطاع كان الأكثر تأثرا والأكثر تضررا في الفترة الماضية من جائحة كرونا في تلك الأيام الصعبة بحكم أنه مرتبط بالسفر وبحركة الناس، والحركة والسفر كانت قتيلة وطعينة في تلكم الأيام الكوالح، غير إنه وفي الوقت ذاته يملك القدرة على سرعة التعافي بذات القدر فالموجات البشرية التي أقعدتها الجائحة هاهي تنطلق من جديد لتعويض تلك السنين العجاف، وهذا يعضد ما قلناه بثقتنا في إمكاناتنا السياحية وأن ما لدينا من مقومات في هذا الشأن كاف ليبقى في ذاكرة كل من زار بلادنا.
وأن الزائر السابق هو الذي أوحى للزائر الجديد بزيارتنا، لهذا فهذا القطاع هو الأكثر قابلية للتوسع وعلينا في مطلق الأحوال المضي قدما في جهود التحسين والتطوير كما وكيفا فالأعوام القادمة إنطلاقا من العام الجاري 2023 ستشهد المزيد من الوفود السياحية ومن كل بقاع الدنيا ونحسب بأن الجهات المختصة تضع تلك الحقائق في حساباتها وتعمل على تحقيق تلك الغايات.
وبلغة الأرقام وحدها وهي الفيصل في كل إنجاز تم تحقيقه نجد أن إيرادات الفنادق حتى نوفمبر 2022 الماضي بلغت 161 مليون ريال بإرتفاع نسبته 91.7% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق 2021، وبالتأكيد أن ارتفاع عدد الزوار والسياح سيفضي لزيادة مداخيل كل القطاعات الأخرى المرتبطة بهذه الصناعة الإستراتيجية أمست، إشارة إلى الأنخفاض الذي حدث في عام 2021 بلغت نسبته 22.4% بعائد مالي بلغ 225 مليون ريال عُماني.
وإذا كنا قد قلنا بان قطاع السياحة أو صناعة السياحة تقود عجلة الإقتصاد الوطني وتقدمها يعنى تقدم كل القطاعات والصناعات ذات العلاقة على ذلك نجد إنتعاشا تلقائيا ومصاحبا لدى مكاتب الطيران وكذلك على المطاعم وتجارة التجزئة وقطاع المقتنيات التراثية واللقى الحضارية لذلك فإن تركيزنا على صناعة السياحة لم يأت من فراغ.
وإذا كان الأمر كذلك فإن هذا الحراك الاقتصادي الإيجابي كان في الواقع ثمرة لجهود دائبة ومضنية بذلتها وزارة التراث والسياحة في تهيئة البنية الأساسية للقطاع والعمل بجدية وإصرار محمود لجذب الإستثمارات الداخلية والخارجية للمشاريع السياحية مثل المؤسسات الإيوائية والمشاريع التي تدعم المقومات الطبيعية علاوة على توفير منتجعات ومنتجات سياحية متعددة كالسياحة الثقافية والتراثية والسياحة الترفيهية وسياحة المغامرات وغيرها وذلك انطلاقا مما تزخر به السلطنة من تنوع البيئات بين الزراعية والبدوية والبحرية والمناخية.
وإذا كانت لغة الأرقام قدمت خطابا واضحا على تعافي هذه الصناعة وهذا القطاع فذلك يستدعي البناء عليها خاصة تلك التفاصيل المتعلقة بجنسيات الزوار والتي تصدرتها جنسيات دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بـ 1.4 مليون سائح، تلتها الجنسية الهندية بـ 292 ألفا، ثم اليمنية بـ 98 الفا، والباكستانية بـ 65 ألفا، والألمانية والبريطانية بـ 57 ألفا، و54 ألفا على التوالي.
نأمل أن تكلل جهود وزارة التراث والسياحة وكل القطاعات ذات العلاقة بهذه الصناعة بالتوفيق والسداد، فهذا القطاع قادر على تحقيق كل الأمال الموكولة والمعلقة عليه، وقادر بحول الله على تشغيل كل شبابنا الباحثين عن عمل وفي مهن تدر عليهم مداخيل تفوق بأضعاف مداخيل الوظائف الأخرى في القطاعين، لذلك نحث على تتضافر جهود كل الجهات في دعم ورفد صناعة السياحة فهي المحرك الأساس لمنظومتنا الاقتصادية برمتها.