مسقط - الشبيبة
تزامناً مع احتفالات سلطنة عُمان بالعيد الوطني الثاني والخمسين المجيد للنهضة المباركة يقف مجلس الشورى على تجربة خاصة في العمل الشوري تدرجت في مراحلها لتصل اليوم إلى عمل واضح يستمد نهجه القويم من التجربة الناضجة المدعومة بالأنظمة والقوانين بما يلبّي مصلحة الوطن ويستجيب لتطلعات المواطنين ، وعكست مسيرة الشورى خلال (52) عاماً من عمر النهضة الخالدة ، ونهضة عمان المتجددة الشراكة الفاعلة في صنع القرار الوطني ، والأدوار التكاملية بين المجلس والحكومة في دفع عجلة التنمية الشاملة عبر أدوارٍ تشريعية جلية ، وممارسة واضحة لمختلف الصلاحيات في تحقيق متطلبات المشاركة المجتمعية ، وإيجاد بيئة مواتية لترجمة أهداف رؤية "عمان 2040"، و الخطة الخمسية العاشرة (2021-2025م) ومتطلبات تحقيقهما.
واستهل المجلس أعمال دور الانعقاد السنوي الرابع (2022-2023م) من الفترة التاسعة (2019-2023) بإدراك تام لحجم المسؤوليات والجهود التي تتطلبها مسيرة العمل الوطني، ويوليها المجلس جل اهتمامه، ويضعها ضمن أولويات خططه وبرامجه ، بحيث يتم تناولها وبحثها في إطار النظام الأساسي للدولة وقانون مجلس عمان لتكون حاضرة عبر ملاحظات وتوصيات المجلس على مشروعات القوانين والميزانية العامة للدولة والاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية، وفي مناقشات المجلس مع أصحاب المعالي الوزراء خلال استضافته لهم لإلقاء بياناتهم الوزارية، ،مع تأكيد السعي إلى النهوض بأعمال المجلس وممارسة صلاحياته بما يسهم بفاعلية في مواصلة مسيرة التطور والنماء لسلطنة عمان ..
واكتسبت الفترة التاسعة من عمر المجلس أهمية استثنائية في مسار عمل وأدواره كونها شهدت صدور النظام الأساسي للدولة بالمرسوم السلطاني رقم (6/ 2021)، وقانون مجلس عمان بالمرسوم السلطاني رقم (7/ 2021)، تلبية لمتطلبات البلاد في ظل نهضة عمان المتجددة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم –حفظه الله ورعاه -، وساهمت تلك المستجدات التنظيمية والقانونية في رسم جوانب علاقة المجلس بالحكومة، وإجراءات العمل التشريعي مع مجلس الدولة إلى جانب إجراءات العمل الداخلية في آليات إدارة جلسات المجلس ولجانه الدائمة لتحقيق متطلبات العمل الوطني .
جهود واضحة في التشريع والمتابعة
وشهدت أدوار المجلس الثلاثة الماضية من الفترة التاسعة حراكاً واضحاً في العمل التشريعي، وتفعيل أدوات المتابعة ، وتعزيز الشراكة مع الحكومة من أجل تحقيق المصلحة الوطنية ، واستطاع مجلس الشورى خلالها تحقيق العديد من الإنجازات في إطار صلاحياته التشريعية حيث أجاز (13) مشروعاً لقوانين محالة من الحكومة من بينها: مشروع قانون مكافحة التجارة المستترة، ومشروع تعديل قانون ضريبة الدخل، ومشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة إلى مشروع قانون حماية البيانات الشخصية، ومشروع تعديل بعض أحكام قانون شركات التأمين، ومشروع تعديل قانون التأمين التكافلي، ومشروع القانون (النظام) الموحد لمكافحة الغش التجاري بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ومشروع تعديل بعض أحكام قانون الأحكام المدنية، ومشروع تعديل بعض أحكام قانون تأمين المركبات، ومشروع تعديل بعض أحكام قانون إقامة الأجانب. ومشروع قانون الأوراق المالية، ومشروع تعديل بعض أحكام قانون الوثائق والمحفوظات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 60/2007، ومشروع تعديل بعض أحكام قانون الكُتاب بالعدل، فيما تقدم المجلس بـــ (18) مقترحاً لمشروعات قوانين كان من أبرزها: مقترح مشروع تعديل المادة الرابعة من قانون إقامة الأجانب ، ومقترح مشروع تعديل قانون المجالس البلديّة ولائحتها التنفيذيّة، ومقترح مشروع قانون بشأن إنشاء محكمة مستقلّة للنظر في القوانين واللوائح المخالفة للنظام الأساسي للدولة، ومقترح تعديل أحكام قانون المحاماة ، ومقترح مشروع قانون سلامة الغذاء والدواء، ومقترح قانون مكافحة التجارة المستترة ،وكذلك مقترح مشروع قانون كبار السن، ومقترح مشروع قانون العمل العماني، إضافة الى مقترح مشروع تعديل قانون المراعي وإدارة الثروة الحيوانية، ومقترح مشروع قانون المحكمة النظامية، ومقترح تعديل قانون المراعي وإدارة الثروة الحيوانية الصادر بموجب المرسوم السلطاني رقم (8/2003م)، ومقترح مشروع قانون حقوق وسلامة المرضى ومقترح مشروع تعديل قانون الهيئات الخاصة العاملة في المجال الرياضي الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (81/ 2007) ، ومقترح مشروع قانون بإلغاء المادة (32) من قانون المطبوعات والنشر.
وسخر المجلس عبر جهود أصحاب السعادة الأعضاء أدوات المتابعة التي حددها قانون مجلس عمان في ممارسة صلاحياته في المتابعة لمتابعة أعمال الجهات الحكومية والتنفيذية والجوانب المجتمعية التي تشغل الرأي العام، حيث قدم أعضاء المجلس خلال الفترة الحالية أكثر من (429) سؤالاً في مختلف القطاعات الخدمية والصحية والتعليمية والاجتماعية، بالإضافة إلى (299) طلب إحاطة، كما بحث المجلس (60) رغبةً مبداه في جوانب اتصلت بشكل مباشر باهتمامات المواطن وتأثير الكثير من التغيرات على حياته بشكل مباشر في مختلف المجالات ، كما تمت المواقة الموافقة على (27) من طلبات المناقشة ،و ألقى أعضاء المجلس (25) بياناً عاجلاُ حول عددٍ من القضايا الهامة بهدف التعامل معها واتخاذ الإجراءات بشأنها من قبل الجهات المعنية بما يخفف من حدة تأثيرها على حياة المواطن من بينها تشغيل الباحثين عن عمل ، والدور المأمول من المركز الوطني للتشغيل ، وتعديل أوضاع محاضري الكليات التقنية العمانيين المعينين عن طريق شركات التوظيف ، و تحديات التعليم المدمج والتعلم عن بعد في ظل جائحة كوفيد19 وأثرها على التعليم، و ضوابط وشروط منح الأراضي إلى جانب بيان آخر حول رؤية عمان 2040 والتطلعات حول تحقيقها، حول الآلية المتبعة في صرف المساعدات والتعويضات للمواطنين المتأثرين من الحالة المدارية (إعصار شاهين) ، والمسرحين عن العمل وإعادة تعيينهم برواتب أقل.
وعقدت لجان المجلس خلال الفترة التاسعة (255) اجتماعًا، إلى جانب (132) استضافة للمعنيين من مختلف جهات الاختصاص للاستئناس بمرئياتهم في موضوعات دراسات اللجان، كما تم تشكيل بعض فرق العمل التي من شأنها الوقوف على التحديات والإشكالات التي تواجه مختلف قطاعات التنمية في البلاد.
ويحرص مجلس الشورى عبر مسار الدبلوماسية البرلمانية على تعزيز العلاقات الخارجية لسلطنة عُمان، بحضور ومشاركاتٍ فاعلة في مختلف الأحداث الإقليمية والدولية ، وتبادل الزيارات الثنائية مع المجالس التشريعية؛ وتأكيد موقف سلطنة عمان ورؤيتها ومرتكزات سياستيها الخارجية في مختلف الأحداث التي تشهدها المنظمات والاتحادات البرلمانية ، كما يسعى عبر زياراته للدول الشقيقة والصديقة على فتح مجالات التعاون لتبادل الخبرات والرؤى الداعمة لتعزيز العمل المشترك بين سلطنة عمان عبر مجلس الشورى، وغيرها من الدول الشقيقة والصديقة.
كما يجسد المجلس عبر استضافته للاجتماعات المجالس التشريعية، واستقبال الوفود البرلمانية دوراً محورياً في تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، ودعم القضايا العربية المشتركة مستنداً على وجهة النظر العمانية حيالها، ودورها في التعامل مع الملفات المرتبطة بتلك القضايا على المستويات الإقليمية والدولية.
تعزيز المشاركة المجتمعية
ويولي مجلس الشورى المشاركة المجتمعية اهتماماً واضحاً كونها جزء لا يتجزأ من منظومة الأدوار الوطنية بمنهجية واضحة تعزز من ثقافة المجتمع وترفدهم بكل المستجدات المرتبطة بأدوار المجلس وإنجازاته في مختلف المجالات ، كما تعكس مستوى تعاطيه مع مختلف القضايا الوطنية من خلال نشر التقارير والإحصاءات المستمرة ، كما يحرص المجلس على تطوير وتحديث تلك المواد الإعلامية إدراكاً منه بمسؤولية نشر المعلومات الآنية ودورها في تعزيز ذلك التواصل المجتمعي مع المواطنين ، ويستقطب المجلس الباحثين والمهتمين بتوثيق مسيرة الشورى العمانية في كتاباتهم واصداراتهم وتقديم الدعم المعرفي لهم ، كما يهتم بربط النشء بتلك المسيرة وتاريخها ومستجداتها من خلال توفير برامج الزيارة لطلبة المدارس والجامعات . هذا إضافة على حضوره في مختلف المناسبات والاحداث الثقافية التي تشهد مشاركة مجتمعية مباشرة، والاقتراب من فئات المجتمع المختلف بطرح قضاياهم عبر لجان المجلس كلا حسب اختصاصه ومناقشة القضايا التي يمكن بحث حلولها مع الجهات ذات الصلة.
المجلس ورؤية "عمان 2040"
حرص مجلس الشورى منذ انطلاق رؤية "عمان 2040 " على مواكبة مراحلها وخطواتها بحضور ومشاركة فاعلة، ويواصل ذلك الحرص بالعمل على ترجمة أهدافها من خلال ما يقدمه من أعمال وبرامج وخط على مستوى عمل المجلس وأمانته العامة التي أصبحت تعمل وفق قطاعات حيوية تواكب أهداف الرؤية وتسير عمل اللجان الدائمة وهي قطاع التشريع والقانون ، وقطاع الاقتصاد والتنمية ، وقطاع التعليم والشباب والثقافة ، وقطاع الخدمات العامة ، كما يستحضر المجلس في إطار عملة الأولية المرتبطة بالتشريع والقضاء والرقابة ، والأولوية الخاصة بحكومة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع ؛ حيث يسعى المجلس وأمانته العامة إلى تحقيق تلك الأولويات عبر المشاركة الفاعلة في منظومة التشريع من خلال ما أتيح للمجلس من صلاحيات بعد صدور قانون مجلس عمان وفق المرسوم السلطاني رقم 7/ 2021م ، وما منحه ذلك القانون من أدوات متابعة مقررة للمجلس ، وما ستفصله اللائحة الداخلية للقانون – في إطار مواده – من تحديد لآليات ونظم عمل تعينه على التطبيق السليم ، وهي جوانب هامة ينطلق منه المجلس وأمانته لتحقيق أوجه الرؤية ومواكبتها ومسايرتها لما فيه الصالح العام.
كما سعى المجلس مواكبة لتوجهات رؤية "عمان 2040" إلى تجويد العمل وتقديم مستوى متطور من الفعالية والانجاز؛ حيث قامت الأمانة المساعدة لشؤون الجلسات بعدة مشاريع كمشروع التحول الالكتروني لنظام الجلسات متضمناً عمليات التصويت والانتخاب الالكتروني لعمل المجلس، هذا إضافة إلى تفعيل النظام الالكتروني لأدوات المتابعة التي يستخدمها الأعضاء بما يواكب توجهات الرؤية الوطنية 2040 والتي جعلت من ضمن أولوياتها الحكومة الذكية والتحول الالكتروني وتبسيط الإجراءات من خلال الحوكمة.
كما عمل المجلس خلال الفترة الماضية إلى وضع لائحته الداخلية بعد صدور قانون مجلس عمان؛ وذلك من خلال تحديث اللائحة الحالية وتضمينها المواد التي تساهم في إحداث نقلة نوعية في أداء المجلس، وتعنى الجلسات بشكل خاص بجزء كبير من مواد اللائحة التي تنظم الإجراءات أثناء انعقاد الجلسات وتحدد الصلاحيات والاختصاصات
وسير الجلسات وقرارات المجلس الأمر الذي يؤكد تحديث منظومة القوانين والتشريعات بما يواكب من الأولويات التي ركزت عليها رؤية "عمان 2040" ، ويعمل المجلس في إطار ذلك على مراجعة منظومة التشريعات والقوانين، ووجود لجان متخصصة في المجلس تتابع أداء الحكومة في هذه المجالات ، ومراجعة مشروع الموازنة العامة للدولة وتقديم المقترحات حولها، ومراجعة تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة ،وتقديم أدوات متابعة فيما يخص بعض التحديات التي تواجه المؤسسات، ومراجعة مشاريع خطط التنمية من خلال دراسة الخطط الخمسية ومتابعة تنفيذها.
الشراكة الوطنية مع مؤسسات الدولة
وترجمة لما نص عليه النظام الأساسي للدولة وقانون مجلس عمان يواصل مجلس الشورى تحقيق التكامل والعمل الوطني المشترك مع مؤسسات الدولة الأخرى في كافة المجالات بما يعزز مسيرة العمل التنموي في سلطنة عمان؛ وتجسد هذا الجانب في اللقاءات والاجتماعات المشتركة بين مكتب مجلس الشورى ومجلس الوزراء ، كما عكست الزيارة التي قام بها صاحب السُّمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء وعدد من أصحاب المعالي لمجلس الشورى في أكتوبر الماضي أهمية التنسيق المستمر بين مجلس الوزراء ومجلس عمان بهدف تحقيق الأهداف المشتركة، والتعاون المنشود في تنفيذ الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية في كل ما يهم المصلحة العليا للوطن ، والتأكيد على ضرورة تعزيز الشراكة بين الحكومة والمجلس ، و أهمية تضافر كافة الجهود الرامية إلى تحقيق المصلحة العامة.
وفي إطار الأهداف المشتركة يحرص المجلس على تحقيق التكاملية مع مجلس الدولة من خلال العمل على ممارسة صلاحياتهما واختصاصاتهما بما ينعكس إيجاباً على تحقيق الممارسة الشورية في سلطنة عمان؛ وذلك من خلال التنسيق المستمر بين المجلسين عبر مكتبي المجلسين ولجانهما، واللجان التنسيقية، هذا إضافة إلى الجلسات المشتركة بينهما التي حدد النظام الأساسي آلية عقدها في حالة وجود اختلاف بشأن مواد في مشروع قانون معروض عليهما.