تبرع بالدم لإنقاد حياة إنسان

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٢/يونيو/٢٠٢١ ٠٨:١٩ ص
تبرع بالدم لإنقاد حياة إنسان

بقلم : علي المطاعني

التبرع بالدم في السلطنة من المبادرات التي حققت نجاحات طيبة في السنوات الفائتة؛ بفضل الوعي الصحي المترسّخ في المجتمع بأهميّته لصحة الفرد، وبفضل الجهود التي يبذلها بنك الدم في التوعية بأهمية توفير وحدات الدم في السلطنة؛ والتي تبلغ حوالي 60 ألف وحدة سنويا بواقع 5000 وحدة دم شهريا، حيث بلغت نسبة التبرع بالدم في السلطنة حوالي 91%؛ إلا أنّه وخلال الفترة الماضية تراجعت المعدلات المُعتادة نتيجةً‏ للمخاوف من فيروس «كورونا»، على الرغم من أنّه ليس هناك مبررات حول ذلك طالما التزم المتبرعون بالإجراءات الاحترازية من جانب، وحرصت بنوك الدم من جانب آخر على تطبيق كل الاحتياطات اللازمة باعتبارها مؤسسات صحية دورها الأساسي يتمثل في تجسيد هذا الدور المهم.

الأمر الذي يتطلب من أبناء المجتمع الأوفياء والمخلصين عدم التردد في التبرّع لما يُمثله من أهميّة كبيرة لصحتهم في المقام الأول بتنشيط الدورة الدموية ومكاسب صحية متعددة، وإنقاذ الكثير من الحيوات والجرحى والمرضى المحتاجين إلى نقطة الدم، وهذا ما نتعشّمه في إخواننا وأخواتنا الأوفياء من المواطنين والمقيمين بهذا الوطن بأن يستمروا في عطاءاتهم الغالية بالتبرع بأغلى ما لديهم.

ولاشك أنّ تحقيق الاكتفاء الذاتي من الدم وعدم الاستيراد من الخارج يُجنّب الفرد والمجتمع الأمراض المتنقلة عن طريق الدم، ولعلّ أخطرها مرض نقص المناعة المكتسبة وغيره من الأمراض؛ فالتوجّه نحو توفير متطلباتنا من الدم يعكس مدى متانة التضامن والتكاتف المُجتمعي الهادف إلى الاعتماد على ذاته؛ لاسيما أنّ الطلب على الدم يتزايد في مثل هذه الأيام الصحيّة والظروف الاستثنائية، وهو ما يفرض على الفرد والمجتمع التعاطي معه والإسهام بإيجابية تجعلنا نتجاوز مثل هذه الظروف بسلام من خلال الإقبال على التبرّع سواء عبر بنوك الدم المنتشرة في جميع أرجاء السلطنة أو حملات التبرع التي تجوب الأماكن العامة والجهات والشركات لتوفير متطلباتنا من الدم، والتي عليها أن تحث موظفيها والعاملين تحت مظلتها على التبرع كأحد الواجبات التي تبلور وعي الموظف ودوره في مجتمعه ومدى إيجابيته.

إنّ تطوّر إحصائيات بنك الدم خلال السنوات الفائتة يعكس مدى الوعي‏ في مجتمعنا، حيث ارتفع عدد المتبرعين إلى 59.048 متبرعا في عام 2019م، مقارنة بـ 33.209 متبرعا في عام 2004م، وما يثلج الصدر أنّ خلال 12 سنة كانت نسبة المواطنين من إجمالي المتبرعين في المتوسط أكثر من 75%، مما يدلل على مدى تفاعل المواطنين مع هذه الجهود النبيلة في توفير وحدات الدم في السلطنة، وما يمثله ذلك من أهمية كبيرة؛ لذا يجب أن نحرص على هذه النجاحات المبشرة بالخير والوفاء لهذا الوطن ومواطنيه؛ خاصة في الأوقات الحرجة كالتي نعيشها في هذه الفترة والتي تتطلب منّا مضاعفة التبرّع خاصة في الفئات النادرة مثل فصيلة الدم Bسالب و Aسالب وغيرها من الفصائل التي تكون الحاجة إليها مٌلحة عند بعض الحالات.

كثير ما يتداول بأنّ الطفلة فلانة بنت فلان تحتاج إلى وحدة دم من فصيلة A سالب مثلا في مستشفى كذا، وذلك لإجراء عملية جراحية لها أو نقص في الدم، وهذه النداءات عبر وسائل التواصل الاجتماعي في الحقيقة تبعث على الرأفة والتراحم، لذا يجب أن تكون وحدات الدم موجودة في مستشفياتنا من خلال زيادة التبرّع من الإخوة حاملي هذه الفصائل من الدم وغيرها كإجراء اعتيادي بواقع 4 مرات في السنة يقدم فيها المتبرع على بنوك الدم لإنقاذ حياة غيره من أبناء وطنه والإنسانية.

على بنوك الدم كذلك أن تقوم بجهود التوعية الإلكترونية من خلال قاعدة البينات التي لديها؛ وذلك بإرسال رسائل نصيّة قصيرة عبر شركات الاتصالات لتذكير المتبرعين لديها بالتبرّع بالدم أو حتى عبر رسائل الواتس اب خاصة لأصحاب فصائل الدم النادرة، بجانب ا‏لاستمرار في التنسيق مع الجهات والشركات ووسائل الإعلام لتعزيز حملات التبرع بالدم لمواجهة مثل هذه الظروف وغيرها من التي تتطلب زيادة وحدات الدم بمستشفياتنا.

بالطبع ندرك بأنّ الجهود المبذولة كبيرة وفق الإمكانيات المتاحة، لكن هناك الكثير مما يجب عمله لتوفير وحدات أكثر من الدم عبر حث المتبرعين وتبديد المخاوف تجاه تأثيرات فيروس كورونا وخلافه، فالمؤسسات الصحية مدركة لدورها ومسؤوليّاتها في حماية الفرد والمجتمع من أي أضرار صحيّة جانبية جراء التبرع بالدم.

نأمل أن تكلل الجهود المبذولة في تعزيز التبرع بالدم في السلطنة وحث المواطنين والمقيمين على الدوام بالتبرع من أجل صحتهم في المقام الأول ووطنهم وإخوانهم المرضى والجرحى في المقام الثاني، فالتبرع بأغلى ما لدى الإنسان يعكس معاني صفاء النفس والتضحية والإيثار.