بقلم: علي المطاعني
في الوقت الذي تبذل فيه الحكومة ممثلةً في كافة الجهات جهودا كبيرة للحد من تداعيات الأزمة التي يعيشها العالم والسلطنة منه، وتُوجِد الحلول الممكنة لمعالجة الأوضاع وتجاوز كل التبعات، إلا أن بعض الشركات الكبيرة في البلاد لا تتعاطى إيجابيا مع هذه الجهود، بل وتسير في خطوط معاكسة تماما من خلال تسريح المواطنين وتخفيض رواتبهم وتأخيرها وإخراجهم إجازات بدون مرتبات ومضايقات وغيرها من الممارسات تدمي الجبين، الأمر الذي يبعث على الدهشة والحيرة لهكذا صرفات في مثل هذه الأوقات العصيبة، إذ يتطلب من الجهات الحكومية التعاطي بشكل موازٍ لها من إجراءات تلزمها بالواجبات الوطنية تارة والاجتماعية تارة أخرى.
فعلى الرغم من الجهود التي تبذلها وزارة القوى العاملة في إيجاد حلول عملية لهذه الظاهرة وتوقف تسريح العمالة وتشكّل لجانا للتوفيق والمصالحة، إلا أن هناك مَن يراوغ في سبيل التهرّب من الالتزامات الوطنية.
فمن المؤسف له بأن هذه الأزمة لم يمضِ عليها شهران إلا وتداعت الكثير من الشركات باتخاذها إجراءات مضادة كإنهاء خدمات الموظفين، مما يكشف ضعف البنية الأساسية لهذه الشركات وقدرتها وعدم وجود احتياطيات نقدية لديها وصعوبة تكيّفها مع الأوضاع بشكل يعزز من استمراريتها في السوق والصمود في وجه الأزمات، فهل يُعقل أنّ شركات تعمل في البلاد منذ عشرات السنين لا تستطيع الصمود لفترة بسيطة بسبب تأثر بعض الأعمال أو انخفاض بعضها؟ وبممارساتها تزيد الأوضاع سوءا من خلال عدم التفاعل الإيجابي مع تداعيات الأزمة ومعالجة الأمور بشكل إيجابي يُسهم في تخفيف الآلام وتضميد جراح الجميع.
كما أن هناك بعض الشركات التي وجدتها فرصة لتقليص العمالة الوطنية والتخلص منهم تحت ذريعة الأزمة الراهنة واستغلال هكذا ظروف التي تسود العالم وليس السلطنة فحسب، ما يتطلب الاطلاع عليها ومعرفة مسببات هذه التصرفات، وإعادة هندسة الإجراءات في إعادة النظر في الشركات التي تتعامل إيجابا مع مثل هذه المتغيرات والعكس مع التي وجدت فرصة للتخلص من الكوادر الوطنية.
فمن المؤسف جدا أن نرى بعض الشركات النفطية الكبيرة التي لديها عقود بمليارات الريالات في البلاد تعلن بأنها سوف تخفّض العمالة الوطنية وتخفّض المرتبات وهناك شركات كبيرة أيضا تنحو نفس الأسلوب على الرغم من أقدمية تلك الشركات وتعدد أنشطتها في الأسواق.
وفضلا عن أن الجهات الحكومية أصدرت حزمة من الإجراءات لمعالجة الأزمة كتعليق الكثير من الرسوم والضرائب، والإعفاءات؛ بهدف تحفيز الشركات للتعاطي الإيجابي، إلا أن كل ذلك على ما يبدو لا يُجدي نفعا مع الكثير من الشركات التي تتعمّد إنهاء العقود العمالة الوطنية مبررة ذلك بتأثرها بالأزمة.
كما أن بعض الشركات - للأسف - تمارس ما يُسمى بالابتزاز؛ للحصول على مناقصات ومشروعات من الحكومة وشركاتها لضمان استمرار عمل العمالة الوطنية لديها وتضغط بهذا الاتجاه كلما لم يُسند لها مشروع أو مناقصة أو توريدات.
بالطبع ليست كل الشركات سلبية في خضم هذه الأزمة، فهناك بعض الشركات ورجالات الأعمال أكدوا عدم المضي بممارسات تضر بالعمالة في هذه الأزمة وغيرها، وأنهم سوف يضطلعون بمسؤولياتهم تجاه أبناء وطنهم؛ إيمانا منهم بأن الجميع في قارب واحد.
نأمل من الشركات أنْ تتعاطى إيجابا مع المتغيرات لتجاوزها بأقل الخسائر وحتى لا يكون أبناء الوطن ضحايا لمثل هذه الأزمات وغيرها، والصبر والتحمّل يكشف معادن الأخيار.