تعليم السياقة.. يعوزها التنظيم !

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٦/أبريل/٢٠٢١ ٠٩:٢٠ ص
تعليم السياقة.. يعوزها التنظيم !

بقلم: على بن راشد المطاعني

من الأمور التي تحتاج إلى تنظيم في السلطنة مدارس تعليم قيادة السيارات التي لا ينظمها قانون يذكر حتى الآن ولا تشرف عليها جهة بعينها، فتجد هذه المهنة تعتريها الفوضى بمعنى الكلمة من حيث طرق التدريب أو أسعارها والإستغلال الواضح للمتدربين الذين يمكن أن نطلق عليهم (مكره أخاك لابطل) إذ لامفر أصلا أمامهم فالبحر من خلفهم والعدو أمامهم وليست أمامهم إلا الصبر وخوض غمار هذا الإبتلاء ولا نقول الإمتحان، فنجد (بعض) أصحاب السيارات يتفنون في تعذيبهم وإستغلالهم، فالتعليم بالساعة تارة وبغير الساعة تارة أخرى، وكلها طرق لسحب المبالغ من جيوبهم موافقين أو مكرهين فالنتيجة في نهاية المطاف واحدة، وليس أمامهم بالطبع من سبيل لإبداء وجهة النظر أو التعبير عما يجيش في حنايا الصدر من عذاب.

فالمتدرب لايملك أي خيار غير أن يبقى أبدا تحت رحمة المدرب، فالهدف الغالي والبعيد وهو الحصول على رخصة القيادة يجبره على الصمت الجميل وبإعتبار أن الغاية أجمل، وفي طلابها تضرب أكباد الإبل.

كما أن المتدرب يعلم بأن أي إنتفاضة منه وإذ هو في منتصف طريق الشوك تعني عودته لنقطة الصفر، إذن وفي مطلق الأحوال فأن الصمت الجميل أولى بالإتباع، هذا ما تقوله الحكمة بعيدة المنال عندما تتجلى في متاهات الشوق.

الأمر الذي يتطلب تنظيم مهنة تعليم القيادة بشكل أكثر تحضرا وبمسؤولية أخلاقية كاملة النصاب، وعبر تقييم من جهات معروفة ومعتمدة تملك صلاحية تقويم أي أعوجاج مهنى بل وتملك حق الردع أيضا إذا لم يستقيم العود الأعوج، وبما يكفل حماية المتدربين من أي إستغلال وفي ذات الوقت يكفل للمدرب أجرا عادلا يتناسب مع جهده وجودة التعليم الذي يقدمه لتلاميذه وبدون ضرر أو ضرار.

كنت أستمع لإذاعة ال (BBC) وكانت الحلقة عن تعليم قيادة المركبات، تطرق البرنامج للأنظمة المطبقة في ألمانيا في هذا المجال ومنها أن المتدرب يأخذ دورة تدريبية في (الإسعافات الأولية) وكيف يتسنى له إسعاف المصابين أثناء الحوادث المرورية، كأساس للحصول على رخصة القيادة، فضلا عن المعرفة الكاملة بقوانين المرور واللوائح المرورية والتوعية بالحوادث والقيادة الآمنة وغيرها من الجوانب ذات العلاقة.

لكن كما يقال نحن (نريد من الجمل قيده) نريد تنظيم المهنة وبدون دورات في الإسعافات الأولية أو التوعية المرورية من قبل الجهات المختصة، فاليوم لا يمكن أن تجد متدربا لا يشتكي من مدرسة قيادة أو مدرب تعليم، سواء نيله لسعر أعلى أو أخذ مقدم كبير، ثم يأت بعد ذلك مسلسل التهرب بعد الدفع طبعا، فضلا عن عدم الإلتزام بالمواعيد المضروبة للتدريب أو الإلتفاف عليه بتعليم ساعات أكثر إذا كان المتدرب يدفع أقل من 8 ريالات في الساعة ليحصل على المزيد من المال، كما أن سعر التقديم للرخصة 40 ريال سواء نجح أو رسب، وسعر 40 ريال على النجاح فيه أيضا مغالاة لا مبرر لها.

أما أماكن تعليم السياقة فحدث ولا حرج فهي تفتقر لأدنى متطلبات التعليم المثالي، على ذلك فإن المتدرب يعايش واقعيا محنة حقيقية إلى أن يعتقه الله من هذا الضنى بالنجاح والفلاح في إمتحان الحصول على الدكتوراه عفوا أقصد الحصول على رخصة قيادة مقاتلات ال F16، وعند النجاح يحق للمتدرب أن يفرح ويسعد كما يحلو له، والإحتفالية ليست بالضرورة لحصوله على الرخصة بل لإنتهاء ساعات عذابه ومعاناته.

بالطبع فإن التعميم هنا لايجوز شرعا، فهناك معلمين يقومون بواجبهم التعليمي أو الوظيفي بمنتهى الإمانة وبمنتهى الأدب وبقمة درجات الخوف من الله في ما يأخذونه من أجر، هؤلاء هم الذين يبنون سمعتهم الشخصية لتبقى نظيفة لا تشوبها مع مرور الوقت شائبة، وهؤلاء هم الأمنون من الدعوات واللعنات عليهم، بل مايحصدونه هو دعوات لهم بالتوفيق والسداد ونحن نفعل الشئ نفسه لهم فهم يستحقون الأفضل.

نأمل أن تعمد الجهات المختصة لتنظيم هذه المهنة كما ينبغي وكما يحب ربنا ويرضى كغيرها من المهن التي وضعت لها أنظمة وقوانين ولوائح ومسموحات ومنهيات، وذلك هو السبيل الوحيد لقطع دابر إي إستغلال من قبل (البعض) الذين شوهوا سمعة هذه المهنة الشريفة..