بقلم: علي المطاعني
من الجوانب المهمّة التي يجب الأخذ بها في تنفيذ الحكومة الإلكترونية في السلطنة هو إنشاء بريد إلكتروني وطني لكل المواطنين في البلاد، بهدف تعزيز الهوية الوطنية وحفظ بيانات المواطنين واسترجاعها بواسطة الرقم المدني والبريد الإلكتروني من أي جهة حكومية في حال الحاجة لها لأي معاملات يتقدَّم بها المواطن للجهات الحكومية والخاصة، الأمر الذي يتطلب من وزارة تقنية المعلومات والاتصالات تطوير هذا الجانب بالتعاون مع الجهات المختصة باعتبار أن هذا المشروع يُسهم في عملية التحوُّل للحكومة الإلكترونية والتخلّص من كل الأوراق.
فبلا شك أنَّ البدء في الحكومة الإلكترونية لا يتأتى إلا من خلال إحداث تحوُّلات تقنية جذرية تلغي كل ما يمت بالأوراق والمعاملات التقليدية، وهذا لا يتأتى إلا من خلال إيجاد إيميل إلكتروني وطني لكل مواطن يكون بمثابة ملف وطني بحيث يتضمّن كل المعلومات الأساسية للمواطن ابتداءً من شهادات الميلاد إلى الشهادات المدرسية وخبراته وملفاته الطبية وغيرها التي تساعد الجهات في استحضارها في أي وقت دون أنْ تتطلب منه إحضار ورقة أو تصوير وثيقة وغيرها من الثبوتيات التي تُطلب من المواطن عند تخليص المعاملات في كل أجهزة الدولة.
إنَّ هذه الخطوة سوف تُسهم كذلك في تسريع متطلبات الحكومة الإلكترونية وتختزل الكثير من الجهد والوقت اللذين يُتطلبا لإنجاز المعاملات أو إحضارها لأي جهة، كطلبات شهادة الراتب لطلب قروض من البنوك أو استقدام عمالة منزلية، أو الرقم المدني لتجديد سيارة إلى غير ذلك من بيانات شخصية يُطلب من المواطن الإفصاح بها للآخرين أو للجهات لإنجاز معاملاته.
كما أنَّه من خلال الإيميل الوطني يمكن للجهات الحكومية أنْ تُرسل التعاميم للمواطنين بالتوجهات والتعليمات الجديدة دون أنْ تحتاج إلى وسائل أخرى، فهذه الوسيلة قانونية أكثر من غيرها من الوسائل المُستخدمة في الوقت الراهن.
وهناك تجارب دولية مثل ماليزيا التي بدأت في تطبيق مبادرة حكومية إلكترونية تحمل اسم 1MY بإعطاء كل مواطن فوق عمر 18 سنة عنوان بريد إلكتروني “وطني” بحيث يستخدم هذا العنوان في المعاملات الحكومية مقابل أجر رمزي.
وكذلك عملت الحكومة التركية من خلال إنشاء بريد إلكتروني لحماية أمنها وأمن مواطنيها من "تلصص" الشركات الأجنبية التي تقع في جعبتها بكل سهولة معلومات لا تُقدَّر بثمن عن المشتركين، بحيث أصبح لكل مواطن تركي بريده الإلكتروني الخاص بمساحة 10 جيجابايت، ويتضمّن المعلومات الأساسية الواردة في بطاقة الهوية، بل كل طفل يُولد يُكتب في شهادة ميلاده تلقائيا بريده الخاص الذي سيستخدمه في المستقبل.
فمثل هذه الخطوة ستعزز الحكومة الإلكترونية، وخدمة البريد الإلكتروني هي مرحلة أولى لبناء بوابة حكومية إلكترونية شاملة لكل الخدمات، بحيث لا يحتاج المواطن إلى الذهاب إلى الدوائر الحكومية من أجل إتمام معاملاته بل عليه فقط الدخول للبوابة وإنجازها، خاصة في مثل هذه الظروف التي يعيشها العالم.
بالطبع هناك تحديات يراها البعض في ذلك لكن لا بد لهذه التحديات التي تتلاشى مع مرور الوقت، وكمرحلة أولية يمكن أنْ يُعمل البريد الإلكتروني لكل مواطن بلغ من العمر 18 سنة.
نأمل أنْ تعمل وزارة تقنية المعلومات والاتصالات بهذا الجانب لما فيه من فوائد كثيرة تنسجم مع التوجهات للحكومة الإلكترونية.