بقلم: علي المطاعني
في الوقت الذي إنخفض فيه عدد محاولات الهجمات السيبرانية أو الإلكترونية التي إستهدفت السلطنة في عام 2020 إلى أكثر من 417 ألف محاولة، مقارنة مع أكثر من 483 الف محاولة في عام 2019.
ومع هذا لاينبغي أن تثنينا هذه النتائج الإيجابية من بذل المزيد من الجهود لإيجاد (منظومة أمنية إلكترونية) متكاملة في السلطنة تضم المختصين والمهندسين والمبدعين من الشباب العُماني وهم كثر ولله الحمد يناط بها تفعيل وتقوية الجُدر النارية الإلكترونية لتضرب سياجا مشتعلا حول البلاد في المرحلة القادمة وذلك لعدة معطيات من أهمها الثورة الصناعية الرابعة التي سوف تتحول إلى تطورات إيجابية وسلبية في آن معا وسيسعى المخترقون من جانبهم لتطوير إمكاناتهم للوصول للمواضع الحساسة بالبلاد، الأمر الذي يتطلب تضافر الجهود وأعادة ترتيب الأولويات على نحو أكثر قدرة على التحكم بمخاطر الأمن المعلوماتي الإلكتروني.
إن الخير والشر يسيران معا في خطان متوازيان وإلى يوم الدين، ذاك هو الصراع الأبدي ما بينهما، مصداقا لقوله تعالى في سورة الشمس (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8).. صدق الله العظيم)، فضلا عن الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد على هذه الحقيقة الإنسانية.
صحيح أن السرقات قد تغيرت عبر العصور تغيرا نوعيا من سرقة ناقة وجمل في العصور الأولى إلى سرقة (معلومة) لا وزن حسي لها لكنها قد تساوي ملايين الجمال والنوق من حيث القيمة المادية لها، وقد يتم تحويل أموال إلكترونيا من حساب بنكي لآخر قد تنؤ أضخم شاحنة من حملها إن كانت السرقة تقليدية كما كانت.
على ذلك يجب على الحكومة إيلاء هذا الموضوع جل إهتمامها وهي ماضية في ذلك أصلا، إضافة لإيجاد وتوفير مقررات تعليمية بالمدارس والجامعات، وفي ذات الوقت تبنى نوابغ الطلاب لهذه المهام الجسام.
وفي ذات الوقت سن القوانين والتشريعات الرادعة المؤكدة على حماية المعلومات الشخصية والعامة أسوة بقانون الإتحاد الأوروبي (GDPR)، ومن ثم تطبيقه على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وينبغي تشجيع المؤسسات المتوسطة والصغيرة للإنخراط في مجال تقديم خدمات الأمن الإلكتروني.
فالمنصات العالمية كتويتر وفيسبوك وواتساب واستطاعت أن تفرض وجودها بعد أن قبلت التحدي الإلكتروني وإقامتها لحوائط صد نارية بالغة التعقيد وعلى شبابنا والمستثمرين إستلهام تلك التجارب العالمية الناجحة والعمل على إيجاد منصات منافسة ترتقي بنا للعالمية بإذن الله، فتطبيق (طلبات) كان من إبتكار شاب كويتي أكد وجوده فإشترته شركة ألمانية.
في الواقع هناك جهود محلية تبذل في هذا الشأن تستحق الإشادة من أبرزها جهود المركز الوطني للسلامة المعلوماتية في وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات من الاستجابة والرصد للمخاطر السيبرانية منذ عام 2010م، وايضا مركز الدفاع الإلكتروني الذي أنشئ بموجب المرسوم السلطاني رقم (64/2020)، وعلى ذات النسق يتعين أن تمضي الجهود القادمة بحول الله.
و قد ساهمت هذه الجهود في رفع ترتيب السلطنة في مؤشر الامن السيبراني الذي يصدره الاتحاد الدولي للاتصالات حيث احتلت السلطنة الترتيب 16 عالميا من اصل 175 دولة والثاني عربيا في عام 2018*
نأمل أن تكلل الجهود الهادفة إلى إيجاد منظومة للأمن المعلوماتي بالنجاح والتوفيق بتضافر كل الجهات والمؤسسات ذات العلاقة..
بالطبع ستظل الجهود متواصلة في هذا الشأن وغيره من أجل مواكبة المتغيرات المتسارعة في التقنيات الحديثة وتحدياتها على كل الأصعدة، بفضل الجهود المبذولة.
نأمل أن تكلل كل الجهود للحد من تأثيرات الهكر والاختراقات والهجمات الإلكترونية والسيبرانية وغيرها مما يحاك في دهاليز الشبكات الإلكترونية والعمل بشكل مضاعف لبلورة حماية قوية للأمن المعلوماتي