مسقط - الشبيبة
بقلم : علي المطاعني
على الرغم من الظروف الاقتصادية الراهنة، وتأثيرات الأزمة الصحيّة الناتجة عن تأثيرات فيروس كورونا الصعبة على السلطنة كغيرها من دول العالم؛ إلا أنّ عجلة التنمية أبدًا لم ولن تتوقف بحول الله في هذا الوطن المعطاء، وسيظل العطاء دفّاقًا في شرايين التنمية في تحدٍ للصعاب الجغرافية والطبوغرافية العسيرة، ليتسنّى للمواطنين الوصول لمبتغاهم وقضاء حوائجهم وممارسة أعمالهم.
فهذه الطرق والشرايين الحيويّة هي في الواقع الوسيلة الأسهل لربط أجزاء الوطن بعضها ببعض كما هو الحال في طريق «دبا - ليما- خصب» بمحافظة مسندم الذي حظي بتوجيهات سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه - بالمضي قدمًا في إيجاد مسارات بديلة للطريق؛ الأمر الذي يبعث على الارتياح لهذه الخطوات في خضم الأزمة الاقتصادية والصحيّة الراهنة.
ولا شك أنّ إيجاد مسارات بديلة للطريق الشاق يخترق الجبال الشاهقة والوعرة والصلدة ليحقق الربط الانسيابي بين الولايات المحافظة بدون المرور بالدول الأخرى؛ لاشك أنّه هدف استراتيجي بعيد المدى، وسيحقق العديد من المكاسب، ولعلّ أهمها التخفيف من وطأة الصعوبات والإجراءات والعنت الذي يلاقيه العابرون إلى حدود ولاياتهم.
ولا يعلم مدى هذه المشقة إلا من يكابدها يوميًا من أبناء محافطة مسندم في تنقلهم اليومي بين شطري الوطن؛ لقضاء أعمالهم اليوميّة وممارسة نشاطهم الاجتماعي والاقتصادي الروتيني.
وهذا ما عبّر عنه أحد المواطنين عندما قال إنّ تنقل المواطنين الفلسطينيين عبر المنافذ والمعابر في الأراضي المحتلة أقل قسوة مما يلاقونه في تنقلهم بين ولاياتهم؛ فحتى الأدوية لم تسلم من التفتيش والمنع من وصولها إلى مستحقيها من المرضى؛ لذا من الطبيعي والمنطقي جدا أن يُملي هذا الواقع القاسي على الدولة تسريع خطوات الطريق.
يشكل هذا الطريق أهميّة كبيرة على العديد من الأصعدة والمستويات، وأبرزها ضمان تحقيق أكبر قدر ممكن ومتاح من الاستقرار والطمأنينة للمواطنين في ولاياتهم، بما يحد من التجاذبات والإغراءات في البحث عن بدائل أفضل في النواحي الاقتصادية والاجتماعية التي يلوّح بها البعض كجزء من المطالب الملحة في الوقت الراهن لأي فرد.
فضلا عن أنّ المدن الحدودية في مفهوم الجغرافيا السياسية ينبغي أن ترتقي إلى مستوى المدن من الدرجة الثانية بعد العواصم، وبما يحقق ضمان واستقرار المواطنين بها وتوفير سبل الحياة الكريمة والعصرية لهم، علاوة على أهميّتها الاقتصادية المتمثلة في تعزيز القطاع اللوجيستي وتسهيل التنقل بين الولايات، وإضفاء جماليات عمرانية وسياحية للمحافظة باعتبارها من مناطق الجذب السياحي ولها مكانتها المرموقة في المنظومة السياحية الوطنية والإقليمية.
وعلى الصعيد الاقتصادي سوف يسهم طريق «دبا - ليما- خصب» في ربط بين ولايات المحافظة برًا مما يسهل الحركة اللوجستية ونقل البضائع والتبادل التجاري بين الولايات وموانئ المحافظة، كما يسهل تنقل المواطنين والعمالة؛ الأمر الذي يخفف من ارتفاع تكاليف السلع بسبب زيادة النقل البحري، وصعوبة استخدام المركبات في الطرق الوعرة، والتخلّص من الإجراءات الجمركيّة والضريبية المكلفة عند عبور الحدود للوصول إلى بعض ولايات المحافظة.
ويعد هذا مشروع طريق «دبا - ليما- خصب» أيضًا فرصة لبناء قدرات القطاع الخاص المحلي بولايات المحافظة من خلال إسناد أعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة المحلية من جانب المقاول الرئيس لتعزيز القيمة المضافة المحلية للمشروع من خلال نظام المناقصات الإلكتروني الذي سيديره فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة مسندم، بالإضافة إلى شركة مسندم العالمية للاستثمار - شركة مساهمة مقفلة قيد التأسيس- والتي تعمل الغرفة على تأسيسها بالتعاون مع فريق العمل الحكومي لتأسيس الشركات الأهلية.
بالطبع الجهود ماضية على قدم وساق في تطوير المحافظة والارتقاء بها إلى ما يصبو ويتطلّع إليه إنسان المحافظة وكل أبناء الوطن العزيز، وبما يسهم في توفير كل المتطلبات التي تكفل راحتهم واستقرارهم في ولاياتهم.
نأمل أن تكلل هذه الجهود النبيلة بالنجاح والتوفيق، وأن يفتح هذا الطريق آفاقًا أوسع لتطوير المحافظة والاهتمام بها، وبما يليق بمكانتها الإستراتيجية وأهميتها الاقتصادية والسياحية.