سيرة ونهاية أبناء الإمبراطور العماني سعيد بن سلطان

مزاج الاثنين ١٢/أكتوبر/٢٠٢٠ ٢٠:٣٨ م
سيرة ونهاية أبناء الإمبراطور العماني سعيد بن سلطان
إعداد: نصر البوسعيدي
...مات هلال وهو أكبر أبناء السيد سعيد بن سلطان حزينا مقهورا بعدما طرده والده من القصر السلطاني وحرمه من كل شيء!
هكذا كانت سيرة بعض أبناء السيد سعيد بن سلطان الإمبراطور العماني الذي شغل الدنيا بمنجزاته وحنكته السياسية..
حينما أسس امبراطوريته العمانية في شقيها الأسيوي والأفريقي، لم يكن يتخيل أبدا أن أبنائه رغم كثرتهم من أمهات مختلفات كانوا من ضمن الأسباب التي أدت إلى انهيار امبراطوريته وانقسامها بعد أيام بسيطة من دفنه سرا!
يقول البعض أن للسيد سعيد بن سلطان الذي حكم عُمان وشرق أفريقيا منذ عام 1806م وحتى وفاته عام 1856م أكثر من 120 ولدا، ولم يكن اغلبهم معروفين لدى الكثير، والمعروفين بالطبع هم أقل بكثير من هذا العدد بالنسبة للأبناء والبنات.
الغريب في الأمر أن السيد سعيد لم ينجب أخوين أشقاء من الذكور من خلال الأبناء الذين تم توثيق سيرتهم هنا، ولذا لم يستغرب الكثير نشوب الصراع بين أبنائه من أجل نيل السلطة في فترات كثيرة كان أبرزها صراع الأخوين ثويني وماجد والذي بسببه تم تقسيم الإمبراطورية العمانية بعد تحكيم الإنجليز للصلح بين الشقيقين.
وهنا سأحاول أن أنقل لكم سيرة وأسماء أبنائه ونهايتهم والذين لا يعرف عنهم الكثير نتيجة تركيز العديد من المؤرخين المعاصرين للأحداث على الشخصيات التي دارت حولهم السلطة والحكم. ولتكن البداية مع أكبر أبنائه واسمه السيد هلال:
والذي ولد في عام 1817م ، وكانت والدته آشورية من العراق واسمها نجم الصباح وقد عُرفت بجمالها وحسنها ومحبة السيد سعيد لها ولابنهم هلال الذي اعتمد عليه كثيرا في الحكم حينما يغيب عن عُمان متجها إلى ممالكه في شرق أفريقيا.
وبعد فترة من الزمن انتقل السيد هلال إلى زنجبار وولاه والده الحكم في أفريقيا نائبا عنه وقت غيابه.
ولكن هذا الود لم يدم كثيرا للسيد هلال فقد حدث نزاع بينه وبين أبيه لا أعرف تفاصيله وتفاصيل الجرم الذي ارتكبه، ولكن نهايته كانت عزله وطرده من قصر العائلة الحاكمة ليعيش في وضع نفسي ومعيشي صعب للغاية، فوالده السيد سعيد حرمه من أشياء كثيرة ومنها المال وكل ما يتعلق بحياة القصر، ليغادر إلى انجلترا في عام 1845م، طالبا من الإنجليز وتحديدا اللورد أبردين التوسط للصلح بينه وبين والده ولكن جميع محاولاته باءت بالفشل، ولم يساعده الإنجليز أصلا في هذه الوساطة، ليعود خائبا إلى زنجبار التي أغلقت أبواب قصورها في وجهه، لتسوء حالته أكثر لمرحلة كاد يفقد فيها عقله مثلما يذكر البعض، فقرر في قمة حزنه مغادرة البلاد والتوجه إلى بيت الله الحرام، ولكن الوفاة عاجلته وهو في طريقه إلى مكة بعام 1846م، وحينما علم السيد سعيد بخبر وفاة ابنه هلال حزن عليه حزنا شديدا لما بدر منه تجاه ابنه الأكبر الذي غادر دنياه وهو في قمة انكساره.

أما ثاني الأبناء فهو السيد خالد:
الذي ولد في سنة 1819م من أم جورجية اسمها خورشيد، وكان يتميز بالقوة والشجاعة وحنكته السياسية والتجارية والتي استطاع من خلالها تكوين ثروة خاصة به، كما أنه كان مقاتلا شجاعا استطاع إخماد حركات التمرد في ممباسة عام 1837م، وسيوى في عام 1844م، لذا لا غرابة أن نجد مكانته كبيرة عن والده والذي جعله نائبا عنه وحاكما في شرق أفريقيا في فترة رحيله لعمان، ولقد باغت المرض الرئوي السيد خالد ليتوفاه الله في عز شبابه بعام 1854م، ولم يحظ والده بوداعه إلى مثواه الأخير نتيجة سفره إلى عُمان.

ثالث الأبناء هو السيد ثويني:
الذي ولد في عام 1820، وتولى منصب النائب عن والده في حكم عُمان، واستمر على ذلك حتى وفاة والده، فنشب الصراع بينه وبين أخيه ماجد في زنجبار من أجل حكم الإمبراطورية، ووصل الحال إلى نيته بمهاجمة زنجبار بجيش ينطلق من عُمان لولا تدخل الإنجليز وتقسيمهم للإمبراطورية العمانية بعدما أحتكم الشقيقين على تحكيم الإنجليز، والذين لم يجدوا أي وصية من السيد سعيد تشير صراحة إلى من يخلفه في الحكم.
وكانت نهاية السيد ثويني الاغتيال بيد ابنه الأكبر سالم في 28 رمضان بصحار عام 1866م،وله من الأبناء كذلك حمد، وحارب، ومحمد، وعبدالعزيز، وحمدان.

أما الابن الرابع للسيد سعيد بن سلطان فهو تركي:
الذي ولد في عام 1832م، وحينما أصبح شابا عينه والده على ولاية صحار وما حولها، وقد استطاع فيما بعد انتزاع الحكم من ابن أخيه ثويني ومن ابن عمه الثائر باسم الإمام عزان بن قيس الذي كان بينهما الصراع كبيرا جدا انتهى لمصلحة السيد تركي ومقتل الإمام عزان، وقد ظل يحكم عمان حتى عام 1888م، ومن أبنائه السيد محمد وفيصل والسيدة تركية.

الابن الخامس وهو السيد ماجد أبو خنفورة:
وقد عينه والده نائبا عنه في زنجبار بعد وفاة شقيقه خالد، وعُرف بحسن سيرته بين شعبه في زنجبار، وبعهده مثلما قلنا مسبقا انقسمت الإمبراطورية العمانية نتيجة خلافاته الشديدة من أخيه الأكبر ثويني. ويعتبر السيد ماجد من أكثر أبناء السيد سعيد صبرا وتسامحا وكسب شعبية كبيرة أثناء حكمه لزنجبار سواء في عهد حياة والده أو بعد مماته، وكان يعاني دائما من المرض الذي يلازمه حتى وفاته وهو بعمر الـ37 عام.

الابن السادس للسيد سعيد هو السلطان برغش:
الذي ولد في عام 1837م، وكان طموحا للحكم وهو من كان مرافقا لوالده لحظة وفاته وهم قادمين من عُمان إلى زنجبار، ليدفن والده سرا محاولا سلب حكم زنجبار من شقيقه ماجد، وانتهى هذا الصراع بنفيه إلى الهند، وبعد فترة عاد مرة أخرى لزنجبار ليصبح سلطانها عام 1870، أي بعد وفاة السيد ماجد، ولقد ظل السيد برغش حاكما حتى وفاته بعدما قاسى من المرض عام 1882م، مخلفا ولدين هما سيف وخالد.

السيد خليفة:
هو الإبن السابع عشر للسيد سعيد وقد ولد في عام 1852م، وقد أصبح سلطانا في زنجبار من عام 1888م حتى وفاته في عام 1890م مخلفا ابنا وحيدا اسمه محمد.

السيد علي:
وهو الابن الثامن عشر في العائلة وقد ولد في عام 1854م، ووالدته تسمى نور الصباح، وكان السيد سعيد يطلق هذه الأسماء على بعض زوجاته لجمالهن وحسنهن، وقد حكم السيد علي منذ عام 1890م حتى وفاته عام 1893م، وكان لديه اسم آخر يعرف به وهو السيد منين.

السيد محمد:
وهو الابن الرابع والذي ولد في عام عام 1826م، وكان معروفا بتقواه وبعده عن ملذات الدنيا وكان محل ثقة أخوته بعد صراعهم على الميراث عقب وفاة والدهم، فهو من تم توكيله لتقسيم الميراث بين أشقائه وشقيقاته في مسقط وزنجبار، ولم يحكم بعد أبيه بتاتا ولكن ابنه حمود أصبح فيما بعد سابع سلاطين زنجبار، ولقد توفي السيد محمد عام 1902م بعدما احتفل بزواج ابنه.

السيد عبدالوهاب:
ويعتبر الابن الثامن في قائمة الإثنين والعشرين المعروفين في العائلة الحاكمة، ووالدته جورجية الأصل، ولقد كان السيد عبدالوهاب أقرب لشقيقه السيد ماجد سلطان زنجبار وقد جعله قائدا لجيوشه ضد تمرد شقيقهم برغش في معركة مزرعة مارسيليا بزنجبار.

السيد علي:
كان منذ صغره يعاني من المرض المزمن الذي قضى عليه في عام 1854م، ولقد حزن عليه والده كثيرا لدرجة أنه غير اسم ابنه منين إلى علي تيمنا به.

السيد جمشيد:
وهو الابن العاشر في الأسرة الحاكمة وولد عام 1842م وأمه كذلك كانت من جورجيا واسمها السيدة عائشة، وكان مميزا بملامحه التي أخذها من والدته بعينيه الزرقاويتين وشعره الاشقر، ولكنه مات وهو صغير السن بعمر السابعة عشر نتيجة تأثره بمرض الجدري عام 1858م.

السيد حمدان:
يعتبر الابن السابع للسيد سعيد وولد في عام 1843م من أم أصلها شركسية وتعرف باسم ماما بوانا حمدان، ولم تدم حياة السيد حمدان كثيرا فقط مات كذلك بسبب مرض الجدري وهو بعمر السادسة عشرة عام 1858م، وهو العام الذي انتشر فيه مرض الجدري في زنجبار ومات بسببه الكثير ومنهم أبناء الإمبراطور العماني السيد سعيد بن سلطان.

السيد غالب:
ولد في عام 1845م ويعتبر الابن الثاني عشر للسيد سعيد ومات وهو بعمر الخمسة والعشرين عاما فقط في عام 1870م.

السيد عبدالعزيز:
ولد في عام 1850م وتولت رعايته أخته غير الشقيقة السيدة خولة بعد وفاة والده ووالدته، وحينما أصبح شابا تسبب بمتاعب كبيرة لأشقائه بإثارته للعديد من المشاكل طمعا في السلطة، وقد تحالف مع شقيقه برغش رغم صغر سنه للإطاحة بحكم شقيقهم ماجد في زنجبار، ولكنه انهزم مع برغش وتم نفيهما للهند، وبعد ذلك عفى عنهم السيد ماجد ليعود إلى زنجبار، وبعد فترة وجيزة من ذلك خطط لتمرد آخر ضد شقيقه ماجد، ليتم نفيه مرة أخرى إلى عُمان، وهناك كذلك أخذ يحيك المؤامرات للإطاحة بشقيقه تركي الذي كان يحكم صحار، فتم القبض عليه وطرده ونفيه إلى الهند مرة أخرى سنة 1871م، وعاش هناك في بومباي برفقة بناته السيدة مي وثريا القادمتين من مسقط حتى وفاته عام 1907م، لتعود بناته للإقامة في القصور السلطانية بزنجبار حتى مماتهن.

السيد عبدالله:
ولا يعرف عن سيرته أي شيء إلا وفاته في عهد والده.

السيد حمد:
عاش حتى زمن شقيقه السلطان برغش ولديه عدد من البنات لا أعلم أسماءهن.

السيد طالب:
كان أحد كبار مستشاري شقيقه السلطان برغش ومات في عهده.

السيد عباس:
عرف بالشجاعة والإقدام، وهو الابن التاسع عشر للسيد سعيد ومات في عهد شقيقه السلطان برغش.

السيد ناصر:
هذا الابن العشرين للسيد سعيد، وقد ماتت والدته أثناء ولادته وقامت بتربيته أخته من والده السيدة خديجة، وقد عاش في كنف شقيقته حتى حكم السيد برغش لزنجبار، وفي موسم الحج ذهب هو والسيدة خديجة لأداء مناسك الحج ولكنها كانت رحلتهما الأخيرة، فالسيدة خديجة انتقلت إلى جوار ربها في المدينة المنورة، والسيد ناصر وافته المنية في مكة بعد عدة أيام ليعيشا مع بعضهما ويفارقا الحياة مع بعضهما.

السيد عبدالرب:
الابن الحادي والعشرين في العائلة، وقد مات في عهد حكم السلطان برغش.

السيد بدران:
هو أصغر أخوته وكان ذكيا جدا وقوي الشخصية مهابا في البيت الحاكم، ولكن حياته كانت قصيرة فقد انتقل إلى جوار ربه وهو بعمر الثلاثين في عام 1886م، وقد خلف من الأبناء ماجد وابنته فراشو.
ونلاحظ هنا بأن أبناء السيد سعيد بن سلطان الذين تذكرهم بعض هذه المراجع التاريخية هم جزء لم يتجاوز النصف من مجموع أبنائه وبناته الذين لا يعرف عن سيرتهم الكثير رحمهم الله أجمعين، وبأن الكثير منهم مات في ريعان شبابه بعهد شقيقهم السيد برغش.

المرجع: البوسعيديون حكام زنجبار، الشيخ عبدالله بن صالح الفارسي قاضي قضاة كينيا، ترجمة محمد أمين عبدالله، الطبعة الخامسة2015م، وزارة التراث والثقافة – سلطنة عُمان.