ترجمة الشبيبة
أستشهد المسؤول الكبير في حركة المقاومة الإسلامية "حماس" صالح العاروري، مساء أمس الثلاثاء، في انفجار وقع في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت، واتهمت الحركة إسرائيل بجريمة الاغتيال.
وبحسب وكالة الأنباء اللبنانية، تم تنفيذ الهجوم باستخدام طائرة بدون طيار استهدفت مكاتب حماس خلال اجتماع لكبار مسؤولي المنظمة.
وكان قد حذر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في أغسطس الماضي، إن "قيام إسرائيلي بتنفيذ أي عملية اغتيال على الأراضي اللبنانية سيؤدي إلى رد قوي".
فمن هو القيادي الشهيد بحركة حماس صالح العاروري:
وفقا لتقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليوم الأربعاء، ورصدته وحدة الترجمة بـ"الشبيبة"، فأن صالح العاروري، الذي قُتل أمس (الثلاثاء) في لبنان، في عملية اغتيال نسبت إلى إسرائيل، نائبا لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والمسؤول عن الذراع العسكري للحركة في الضفة الغربية.
ويعتبر العاروري الشخصية المهيمنة والمؤثرة في الحركة الباسلة، ويرجع ذلك أساسًا إلى محاولته تطوير تشكيل عسكري في الضفة الغربية، وكذلك إلى مكان إقامته في بيروت، حيث كان على اتصال وثيق مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وبحسب التقديرات كان هو والقيادي البارز يحيى السنوار متفقين تماما في نظرتهما الاستراتيجية.
والعاروري "أبو محمد" من مواليد عام 1966 في قرية عارورة قرب رام الله.
درس في الخليل وبدأ نشاطه في حماس في أوائل التسعينيات. وعلى مر السنين، نسبت إليه إسرائيل التخطيط للعديد من الهجمات المسلحة ضدها، بما في ذلك اختطاف وقتل 3 مستوطنين صهاينة في صيف عام 2014.
ومكث العاروري في أحد السجون الإسرائيلية لمدة 20 عاما، حتى عام 2010، ودرس اللغة العبرية.
وبعد إطلاق سراحه من السجن، تم ترحيله إلى تركيا، وبقي هناك لعدة سنوات ومن هناك أصدر تعليمات بتنفيذ هجمات ضد الكيان الصهيوني.
وفي إطار اتفاق المصالحة بين إسرائيل وتركيا، تم طرد العاروري من هناك وانتقل إلى الدوحة، عاصمة قطر. وقبل أشهر قليلة من تعيينه نائباً لإسماعيل هنية، تم انتقل العاروري من هناك أيضاً لبيروت، ومنذ ذلك الحين، بقي في لبنان وشارك، من بين أمور أخرى، في تعزيز العلاقات بين حماس وحزب الله .
وبعد مرور عام على تعيينه، زار العاروري قطاع غزة بموافقة إسرائيلية، حيث ذهب على رأس وفد المصالحة الفلسطينية الذي أجرى محادثات مع إسرائيل ومصر لتسوية الوضع في قطاع غزة.
وقال العاروري في الماضي إن "المقاومة هي جوهر وجود حماس" وأن المنظمة لا تشغل نفسها بأي شيء آخر: "إما الإعداد للحرب أو المشاركة في الحرب".
وفي عام 2011، كان العاروري شريكا في إبرام صفقة الجندي الصهيوني شليط. في عام 2017،
وكان قد صرح في مقابلة مع قناة "مكان 11" الإسرائيلية: "هذه نقطة قوة للمجتمع الإسرائيلي، وأقول هذا لجميع أفراد شعبنا، داخل حماس أيضًا – إن الدولة المستعدة لشن حرب من أجل جندي وإطلاق سراح ألف أسير مقابل جندي هو أمر إيجابي. كشخص من جانب العدو، سيكون من الأفضل بالنسبة لي، وسيسرني إذا وصل الإسرائيليون إلى وضع لا يهتمون فيه بالجندي أو المواطن، فهذا من شأنه أن يضعف الطرف الآخر. هذا سيضر بالجيش وسيضر بالمجتمع كله."
وفي تسجيل للعاروري تم نشره في شهر فبراير من العام الماضي، سُمع وهو يشرح في محادثة مغلقة لماذا لم ترد حماس على غارات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. ووفقا له، فإن ضبط النفس ينبع من قرار مدرك، ويوضح غايته: السماح للمقاومة في الضفة الغربية بأن تتسارع، دون جذب انتباه القطاع. وحسب قوله، فإن الحديث يدور عن درس من أحداث عملية “حارس الأسوار” أو “سيف القدس”، كما تسمي حماس القتال الذي وقع في مايو2021.
وقال العاروري: “هناك من يقدمون لنا المواعظ الأخلاقية. أين غزة، لماذا لا تساعدنا غزة”، قال العاروري، “لكن على المستوى الاستراتيجي، ومن أجل أن تتطور المعركة في الضفة بالاتجاه الصحيح، فالمطلوب هو ضبط نفس في غزة”.
وحسب قوله، فإنه “في اللحظة التي ستدخل فيها غزة إلى القتال سيؤدي هذا إلى رد عسكري بمستوى أعلى، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض حجم النضال الشعبي والنشاطات السرية، لأن الناس سيدخلون إلى مرحلة الاستعداد لضربة واستيعابها. هذا تعلمناه في معركة “سيف القدس” حيث انتقل كل الاهتمام من الضفة والقدس إلى قطاع غزة”. حسب العاروري، العبرة هي وجوب “إعطاء المقاومة في مناطق الضفة فرصة للتطور، ومساعدة قوات المقاومة في الضفة بكل الوسائل باستثناء فتح معركة وإطلاق صواريخ كثيف”.
وفي رسالة موجهة أيضاً إلى إسرائيل، أوضح العاروري أن استراتيجية الصبر ليست أبدية: "قيادة حماس وقيادة الذراع العسكرية على استعداد للتدخل، يفعلون ذلك عند الضرورة ويستخدمون ما لديهم. ونقول عليهم إعطاء المقاومة في الضفة الغربية فرصة (وعدم التحرك)، ولكن حتى لا تهدأ إسرائيل، أحذر من أن استمرار التصعيد من جانبها قد يوسع ساحة النضال إلى ما هو أبعد من الضفة الغربية وحتى خارج غزة، وصولا إلى حملة إقليمية."
وفي عام 2018، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستمنح مكافأة نقدية قدرها 5 ملايين دولار لأي شخص يمكنه تقديم معلومات عن العاروري. وفي حينه أعلنت الخارجية الأمريكية أنه كان يعمل مع قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي اغتالته الولايات المتحدة عام 2020.
وفي 31 أكتوبر، دمر الجيش الصهيوني منزل العاروري المهجور في قرية عارورة، شمال غرب رام الله، وشهد السكان أن قوات كبيرة من الجيش الإسرائيلي دخلت القرية، وحاصرت المنزل وأعلنت أنها تنوي تفجيره. وطالبوا الأهالي بالابتعاد عن المكان وحذروهم من الاحتجاج.
وقبل ذلك بأسبوعين، سيطرت القوات العسكرية على المنزل، بل ووضعت لافتة في المكان تشير إلى أنه أصبح مقرًا للمخابرات الإسرائيلية، كما تم اعتقال عدد من أفراد عائلة العاروري.
وقالت شقيقة العاروري أمس في مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية: "لسنا في حداد ولا نقبل العزاء. فدماء صالح ليست أغلى من دماء الأطفال في غزة. واغتيال صالح لن ينهي المقاومة وسيكون هناك ألف مثله. دماؤه هي انتصار وتحرير لأرض فلسطين، وسيشعل الضفة الغربية تحت أقدام الاحتلال".