محمد البلوشي يكتب : أضعنا سوقنا..فمن يعيده لنا؟

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٥/يناير/٢٠٢٣ ١٠:١١ ص
محمد البلوشي يكتب : أضعنا سوقنا..فمن يعيده لنا؟
محمد بن علي البلوشي

بقلم :محمد بن علي البلوشي

تطرق مولانا جلالة السلطان المعظم في اجتماع مجلس الوزراء الموقر مؤخرا إلى نقطة في غاية الأهمية ألا وهي أن يعترف ويصحى جيل الشباب الباحثين عن عمل إلى الوقائع الاقتصادية الجديدة ويلتفتوا إلى العالم ثقافة الأعمال الحرة السائدة عالميا حيث يسعى الناس إلى الأعمال واقتناص الفرص المتاحة..كيف يتحرك أقتصاد بلدان العالم فيما نحن نتجاهل مايحدث في سوقنا حيث تذهب الأعمال والفرص للغير بينما تتترسخ الإتكالية فينا والعزوف عن العمل بمختلف أنواعه..قلت سابقا وكثيرا أن مجتمعنا يعرض نفسه للتشويه الذاتي ويصبح إتكاليا وترفا كثيرا كما أن سوق العمل مختطف ومشوه وتتداخل في ذلك أسباب معروفة .. أقول اولا أنه لايليق بالمجتمع العماني الذي عرف عنه حب العمل الترفع الحالي عن العمل الحر ..لمواجهة ذلك علينا اقتلاع هذه الثقافة السيئة عن تصنيف العمل..ولكي نواجه الحقائق لننظر على سبيل المثال إلى الأسواق التقليدية كسوق نزوى ومن يسيطر عليه بينما في الأسواق الاخرى كسوق مطرح والأسواق الشعبية في صلالة الأمر مؤلم للغاية.هل يختلف الناس في نزوى عن سكان المحافظات الاخرى..أترك لكم الإجابة.الثقافة الحالية تتحدث عن دولة نفطية توفر الأعمال لأبنائها وتعتبر الوظيفة حق اجتماعي بينما الأعمال الحرة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة تفتح أبوابها للقوى العاملة الأجنبية..هذه قصة ينبغي أن تتوقف وبخاصة أننا كنا قطعنا شوطا فيها حينما تبنت الحكومة برنامج سند ثم حدث ماحدث للاسباب التي يعلمها الجميع.ماالذي ينقصنا أو ماهي الحلقة المفقودة التي نحن بحاجة لها للسيطرة ولو جزئيا على سوقنا والاستفادة بجزء من خيراته .هناك الكثير من الأعمال التي يمكن أن يقتنصها الشباب ويبدأون بها مشروعاتهم الحرة فيها لكنها تتطلب انضباطا جيدا وعزيمة وإصرار على النجاح..عندما أرى أن الأعمال والمشاريع الصغيرة في السوق متوفرة وتفتح أبوابا للرزق الوفير للغير في حين يتفرج الأبناء على ذلك وغير قادرين على تغيير هذه الثقافة فتلك مصيبة..في الواقع أن هذه الثقافة السائدة بنيوية متراكمة لها طرفين الحكومة والمجتمع ومع ذلك فإن الحكومة تتحمل جزءا كبيرا من ذلك. ولذلك يطالب الناس الحكومة وبضغط اجتماعي شرس التوظيف..توفير الوظيفة الحكومية..وفجأة يظهر حينما يصاب الباحثين عن عمل بالبيأس والغليان يذهبون بأتجاه التجمع أو التجمهر أمام وزارة العمل أو في ميدان عام ليطالبوا بالوظائف..وهنا الوظيفة بمعنى الحكومية أو في القطاع الخاص التي يمكن يوفر أجرها على القيمة السوقية للشاب.الجهود الحكومية الحالية مشجعة لكنها بحاجة إلى تسريع الجهود..لايمكن أن يظل شابا أو شابة خمس سنوات دون عمل.

يمكن للمحافظات الأن بالصلاحيات الحالية أن تتبنى المبادرات عبر الألتقاء بالشباب بحسب الولاية ومع المجلس البلدية والقطاعات الحكومية المعنية بعرض فرص الأعمال الحرة التي يمكن أن تتاح لهم مع توفير التدريب والمتابعة المستمرة وتعاون شركات القطاع الخاص عبر سلاسل التوريد حتى لايتعرضون لمقامة غير عادلة ولاحقا يتم حصر تلك الأعمال على أبناء الولاية..

في وقت مضى قالت وزارة العمل أن 200 مهنة مصنفة مقتصرة على العمانيين وهو خبر شاع في مختلف دول المنطقة..في الحقيقة الرقم قد يكون صحيحا ويمكن أن تعرضه الوزارة ..لكن من السهل التلاعب والالتفاف عليه من قبل بعض أطراف القطاع الخاص والنتيجة هي وجود ألاف العاطلين عن العمل..ادوات الحكومة كثيرة وتستطيع ان تفعل وتقنع إن أرادت.دون الالتفات للضغوط والمبررات الوهمية التي قد يسوقها بعض من القطاع الخاص..فإما ان يبقى العماني نائما في بيته باحثا عن عمل فيما يسيطر غيره على السوق في الاعمال الحرة أو الاعمال في القطاع الخاص.وتستمر أزمته وتتفجر بين حين وآخر.

ملاحظة:كشف وزير العمل عن بيانات تشغيل الباحثين عن عمل في العام الفائت .شخصيا لا أشكك في الوزير ومصداقية أرقام وزاته .فوزارته مسؤولة أمام جلالة السلطان ولا مكان لتزييف الأرقام..ومما يؤكد حقائق الأرقام كشف الوزارة عن  وجود 80 ألف باحثا عن عمل..رقم ضخم ويسبب قلقا اجتماعيا واقتصاديا للبلاد..فماذا نحن صانعون أمام هذا الرقم الذي يتزايد سنويا.