قانون العمل الجديد ما له وما عليه

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٧/نوفمبر/٢٠٢٢ ٠٩:٣٢ ص
قانون العمل الجديد ما له وما عليه

بقلم : علي المطاعني

قد يثير قانون العمل الجديد الذي أحالته الحكومة إلى مجلس الشورى في الفترة المقبلة جدلا كبيرا في الأوساط المحلية لما تضمنه من مواد قد تسبب الفصل من العمل للقوى العاملة الوطنية من جانب الشركات والمؤسسات وإنعكاسات ذلك على الأوضاع الإجتماعية لشرائح واسعة في المجتمع.

وبالتالي يعمق الفجوة بين أطراف الإنتاج، الأمر الذي يتطلب التعامل مع مواد القانون بحذر وحيطة كبيرة من أعضاء مجلس الشورى وتغليب المصلحة العامة على كل المستويات واعطاءه الوقت الكافي والمناقشات العميقة للوقوف كليا وجزئيا وحرفيا على مواده، والغوص بعيدا في تأويلاته وتفسيراته وإسقاطاته وذلك للوصول لكل أعماقه البعيدة الغائرة، الأمر الذي يفرض على المجلس التعاطي بمسؤولية كما هو متوقع مع القانون وقبل تمريره حتى لا نجد أنفسنا في مواجهة حتمية مع المجتمع ناتجة من عدم إكتمال بنود الإحاطة كما ينبغي.

بلاشك أن قانون العمل الذي ينتظره الكثيرون على أحر من الجمر ليكون منصفا لهم (قد) يصطدمون بما يحمله من مواد تعطي الخيط والمخيط لأرباب العمل لتسريح القوى العاملة الوطنية وإستبدالها بالعمالة الوافدة لشيء في نفس يعقوب كما يقال، وبما إننا لا نجزم بأن ذلك سيحدث حتما لهذا وضعنا (قد) بين قوسين وبإعتبار أن الجميع يعملون من أجل إستقرار وديمومة القوى العاملة الوطنية.

الحكومة قد تكون أول المتضررين إن حدث ذلك لاقدر الله نتيجة لإزدياد أعداد المسرحين عن العمل وما يمثله ذلك من أعباء كبيرة عليها سواء في الجوانب الإجتماعية والإقتصادية والأمنية، ففي ظل وجود هكذا ثقب أسود في منظومة الأمن الإجتماعي لنا أن نتوقع كل شيء، وأن هذا الشيء من الممكن أن يؤثر سلبا بنحو أو بآخر على إستقرار المجتمع ويحدث خدوشا على جدار المنجزات الضخمة التي تحققت في سنوات النهضة المباركة.

تدرك الحكومة تماما تركيبة القطاع الخاص الذي تهيمن عليه العمالة الوافدة وما يقال بهتانا عن القوى العاملة الوطنية من أنها غير منتجة وغير جادة وضعيفة مستوياتها المهنية، في غض طرف واضح عن حقيقة أن العمالة الوافدة نفسها تدربت لدينا واكتسبت الخبرات من أسواقنا المحلية وعلى حساب شركاتنا الوطنية، والمستقبل القريب سيثبت صحة هذا الطرح ومصداقيته.

الآن تقع على ممثلي المجتمع مسؤوليات جسام في عدم المشاركة في إقرار هذا القانون إن تبين لهم بعد الدراسة المستفيضة التي أشرنا لحتميتها بوجود مواد تعلي من كعب العامل الوافد على حساب المواطن.

فاليوم هناك ما يقارب من 13 الف مسرح من العمل يتقاضون رواتب من الأمان الوظيفي، ومع تطبيق هذا القانون إذا تم تمريره بوجود تلك النقاط التي توجسنا خيفة منها من مواد تحق وتجيز فصل المواطن سترتفع الأعداد عشرات المرات.

هناك حلول عملية لضبط أطراف الإنتاج أي الشركات والعامل، كأن يسمح للشركات التي لديها نسبة تعمين 100% أن تفصل المواطن غير المنتج وبعد إستيفاء الأسباب والمبررات القوية التي أوجبت إتخاذ هذا القرار، مع التأكيد والتأمين على النقطة الجوهرية وهي أنه لا يحق لها إستبدال المواطن المفصول بإستقدام عامل وافد، وعدم السماح للشركات بالتجديد للعمالة الوافدة إذا لم توظف مواطنين ليحلوا مكانهم، بمثل هذه الشروط فقط يمكن ضبط الشركات وتقييدها وفق الآليات التي تعطيها مساحة للحركة في هذا الإطار إذا كانت جادة فعلا.

بالطبع المنتفعين من وجود هكذا مواد سالبة إن عثرنا عليها سيبذلون جهودا خارقة لتعطيل التوجه العام والمتفق عليه مجتمعيا ووطنيا تحت ذرائع واهية كالركود الإقتصادي، وجلب الإستثمار، بعد إعادة تشغيل الأسطوانة القديمة المشروخة والقائلة بعدم جدية القوى العاملة الوطنية وضعف إنتاجيتها الخ.

نأمل من أعضاء مجلس الشورى اليقظة وهم في الأصل كذلك عند مناقشة بعض مواد قانون العمل وعدم إجازة وتمرير أي مادة تشير ولو همسا لتفضيل العامل الوافد على المواطن، فهذه المسؤولية التاريخية ضخمة حجما ووزنا ويتحتم أن يتحملها المجلس بكل أعضائه ولجانه، وإن غداً لناظره قريب.