بقلم : علي المطاعني
هناك حقيقة ثابتة لابد أن نعيها جيدا ، ألا وهي أن تطوير الأداء في الجهات الحكومية على النحو الذي نتطلع إليه جميعا في بلادنا ، وخاصة المراجعين للأجهزة الحكومية ، مرتبط ارتباطا وثيقا بكفاءة أداء الموظفين العاملين في هذه الوزارات وتلك الهيئات ، ودون ذلك لا يجب أن ننتظر من الأداء الحكومي تطورا أو تقدما نحو الأفضل والأحسن والأجود ، هذا إن لم نقل أن التراجع قد يغدو أقرب للواقع ، فالنتيجة الطبيعية والمنطقية جدا أن ينعكس تقييم أداء الموظف سلبا أو إيجابا على العمل ففاقد الشئ لايعطيه ، ومالك الشيء سيجود به خلقا وإبداعا وإبتكارا وتجويدا . على ذلك فإن بدء وزارة العمل بإطلاق تقييم الأداء الوظيفي للموظفين في الجهاز الإداري للدولة ابتداء من يناير 2022 ، قد يكون البداية الحقيقية لتحسين خدمة الجهات الحكومية ورفع مستوياتها إلى أفضل مما هي عليه الآن ، وبناء عليه فسوف تختفي بحول الله الشكوى من عدم تخليص المعاملات ، والتأخير في الإنجاز والمواعيد المفتوحة التي تُعطي للمراجعين إلى غير ذلك من التعقيدات الإدارية التي مردها ومكمن الأذى فيها عدم تقييم الأداء للموظفين في الجهاز الإداري للدولة أساسا ، الأمر الذي يتطلب من الجميع إنجاح هذا النظام والتعاون لإتمامه والعمل على وضع الأهداف للموظفين والأقسام والإدارات والمديريات والسعي لتطبيق هذا الأداء كواقع عملي يرتقي بالعمل الحكومي كأحد مسلمات تنفيذ رؤية عُمان 2040 ، بل مواكبة للتطورات في الإدارة الحديثة في عالم اليوم التي تقود التطور في الدول. بلاشك أن تقييم الآداء الوظيفي لـ 175.000 موظف في الجهاز الإداري للدولة يعد تطورا لافتا سوف يسهم بإذن الله في تحريك المياه الراكدة في القطاع العام ، ويشعل جذوة التنافس بين الموظفين إذ الكل يسعى لتقديم أفضل ما في جعبته ليتسنى له تقدم الصفوف وفي ذات الوقت فإن هذا التنافس الحميد سيعزز ثقافة الإجادة في العمل وتأكيد حقيقة أن الأفضل هو الذي ينبغي أن يقدم ، وأن الأسوأ لامكان له أصلا ، كما أن الخطوة ستقف على أسباب تدني الأداء لدى الموظفين ، وبمعرفة الأسباب والمسببات فإن العلاج يمكن توفيرة وبإعتبار أن التشخيص السليم هو نصف العلاج. وفيما بعد ذلك سيستقيم الأمر من خلال التأهيل والتدريب وصقل المهارات الفردية والجماعية ، وبالتالي فإن سمات العمل في قطاعات الدولة سوف تتغير كليا عن ماهي عليه قفزا وتساميا فوق بيروقراطية وروتين لامشكور ولا محمود في كنفه ضياع لحقوق المراجعين وتراجع للخدمات إلى مستويات متدنية لاتفي بالأهداف والتطلعات التي تسعى إليها الحكومة. فالموظف كما نعلم هو الأساس في تطوير الخدمات متى كان جادا ولديه تقييم وظيفي واضح لأدائه وعلى ذلك تتم مكافأته وتحفيزه وترقيته ، وعلى ضوء هذا التقييم ينال كل مجتهد نصيبه من الثواب لا العقاب وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. نأمل ان يغدو توجه وزارة العمل بتنزيل الآداء الوظيفي للموظفين في الجهاز الإداري للدولة لأرض الواقع بمثابة مرحلة جديدة من التطور والإرتقاء في منظومة الجهاز الإداري للدولة ، وتختفي وإلى الأبد بعد ذلك الشكاوى التي كنا نسمعها عن سلفحاتية الآداء وصولا لآداء يساوى سرعة البرق كصيغة مبالغة نركن إليها تفاؤلا ، عندها يمكننـــا القول بأن الجهاز الإداري للدولة يمضي بخطوات ثابتة للمساهمة الإيجابيـــــــة في تحقيق رؤية عُمان 2040 .