بقلم : محمد بن علي البلوشي
بعض التصريحات والتعليقات من مسؤولين حكوميين تثير الاستغراب وتولد الحيرة وتصنع العجب وتؤدي إلى تضارب في التوجهات حتى وإن كانت مجرد تعليقات لكنها تحسب على المسؤول..التصريحات والأراء الشخصية ليس مكانها المنابر العامة..وهي قد تشبه الفتاوى المنفلتة التي تصدر من أشخاص لهم إلمام جيد بعلوم الدين لكنهم ليسوا مخولين بالفتوى التي لها مؤسسة تصدر منها وشخصيات مرجعية تحمل صفة رسمية هي مصدر الفتوى حتى لايتضارب الناس في شؤون دينهم .عادة ماتقوم الدول وخاصة في المنطقة بضبط ذلك منعا للهرج والمرج..يمكن تشبيه التصريحات بالفتاوى المنفلتة التي تنتشر كانتشار النار في الهشيم فهي تمثل إرباكا بين الناس ولاتعرف من تصدق وماهو التوجه.اخر التعليقات هي ماذكره معالي رئيس جهاز الاستثمار في مداخلة له حول الاقتصاد وتوسيع السوق -التي صار الكل يفتي فيها ويعطي حلولا جاهزة ومعلبة لأنه يرى تجارب ناجحة حسب فهمه لهذا التوجه- .تحدث معاليه عن رأيه في الإحلال فقال إنه ليس مع الإحلال وضد خطاب الكراهية كما يراه بل مع توسيع السوق..الإحلال قد يفسره البعض بطرد الناس من وظائفهم وأعمالهم وعودتهم إلى بلدانهم ومن ثم يخلفون وراءهم فراغا اقتصاديا وتتحول البلاد والاقتصاد إلى بلد خاوٍ على عروشه. الذي يعلمه الجميع أن الناس تتحدث عن الإحلال وتوفير فرص عمل للعمانيين فهناك طوابير طويلة من الخريجين والخريجين الجدد سنويا ينتظرون دخول السوق وينتظرون فرص عمل..ماذا على الحكومة أن تفعل..تعمل على مسارين الإحلال واقتصار وظائف معينة يمكن للعمانيين شغلها ومسار توفير فرص العمل الجديدة لهم وتدريبهم وجذب استثمارات لتوفر فرص عمل لأبناء البلاد. في الآونة الأخيرة قامت الحكومة وبتوجيهات سامية بالإحلال في عدة قطاعات منها القطاع العام وكذلك في الشركات الحكومية التي يديرها جهاز الاستثمار وغيرها لشغل بعض الوظائف التي يمكن للعمانيين أن يشغلوها. قامت وزارة العمل كذلك بتوفير الوظائف وبالإحلال أيضا. تذكروا أن قطاع الكهرباء سوف يحل 800 وظيفة ليشغلها عمانيين..المفاجأة أن عدد الطلبات المقدمة وصل نحو 7812 طلبا ..هؤلاء لايحملون شهادة الدبلوم العام بل شهادات بمستويات مختلفة في قطاع الكهرباء .كانوا يبحثون عن العمل وفجأة أمرت الحكومة بآلياتها لتوفير فرص العمل..فألزمت شركات الكهرباء بالإحلال.هل يرى معالي الرئيس ذلك خطأ بمعنى أنها فكرة غير صائبة ومن ثم ينبغي على الحكومة أن تتراجع عن هذا الإحلال في القطاع الخاص.لا أعلم بالنوايا لكن أعتقد أنها فكرة صائبة في الإحلال في حين يرى معالي الرئيس أنه ليس مع الإحلال أو لربما هذا النوع من الإحلال في قطاع الكهرباء.على مدى السنوات الطويلة كانت الحكومة تسعى إلى الإحلال وتوفير الأعمال، فالباحثون عن عمل قنبلة إجتماعية موقوتة وشهدنا اعتصامات لمئات منهم يمثلون الالاف بلاعمل..لم تتوقف الحكومة كما يتضح عن منح تراخيص العمل في المهن والأعمال التي لاتتناسب وطبيعة الحياة وتكاليفها في عمان وانخفاض أجورها أو ندرة المهارات في السوق ومنها المهن الفنية والمهن اليدوية المنتشرة التي يظل السوق بحاجة للقوى العاملة الوافدة.. مؤخرا نشرالمركز الوطني للإحصاء والمعلومات أعداد العمانيين العاملين في القطاع الخاص فبلغ عددهم نحو 254 ألف عماني.. من أين جاء هؤلاء هل جاءوا بسبب سوق العمل المفتوح أم بسبب الاجراءات التصحيحية التي أجرتها الحكومة على سوق العمل كالتعمين وحظر بعض الوظائف على غير العمانيين ليشغلها العمانيون والتدرج في الاحلال بالتدرج والتشغيل في القطاع الخاص مع دورات التدريب المكثفة التي توقعها وزارة العمل.وهذه أرقام ماكانت لتتحقق لولا التعمين ومنه الإحلال.تسعى الدول لجذب الاستثمارات لتوفير أعمال لسكانها وتحقيق القيمة المضافة من تلك المشاريع للسوق المحلي والتصدير ولابأس بأن تستعين بالخبرات غير المتوفرة في السوق المحلي .لكن أن لاتكون مع الاحلال فهذه تحتاج إلى إعادة مراجعة..الواضح أمامي أن خط الحكومة واضح وممنهج في الإحلال وتوفير الأعمال للعمانيين .فلماذا هذه التصريحات المربكة..التجارب الأخرى الماثلة والتي تستدعي أن نتوسع في السوق ولايتم ذلك إلا باستدعاء اكبر عدد من العاملين ليشغلوا السوق تخضع لاعتبارات عدة إجتماعية وسكانية واقتصادية..هل تستطيع أن تكدس مليونين أو 5 ملايين عامل في مسقط على سبيل المثال..هل نحن على استعداد لتوسيع البنية الاساسية والضعط على الخدمات الذي يدفعه ارتفاع عدد السكان من مواطنين ومقيمين.هذه مجرد تساؤلات..حينما يكون المسؤول في الحكومة فإن الأراء الخاصة مكانها في حدود المنزل ..اما طرحها على المنابر مع وجود توجه مغاير فإنه كمثل فريق كروي غير متجانس مما يؤدي إلى هزيمته في المباراة بسبب عدم تطبيق خطة المدرب.