بقلم: علي المطاعني
يحق لكل مواطن على ثرى هذه الأرض الطيبة أن يفخر ويفاخر بالأداء العالي والتضحيات الجسام والكبيرة التي يجسدها اخواننا أبناء قوات السلطان المسلحة وشرطة عُمان السلطانية في مثل هذه الظروف الإستثنائية الصعبة التي تظهر فيها وبنحو جلي معادن الرجال ، وقدرتهم وتصميمهم على التغلب على التحديات مهما كبرت أو صغرت أو تدثرت.
لقد أكدت لنا الأيام الماضيات بكل قساوتها وبكل مراراتها وبكل خطوبها وبما لايدع مجالا للشك بأن أبناء قوات السلطان المسلحة بكل تشكيلاتها وأجهزتها تلعب دورا حيويا وإستراتيجيا كبيرا في مناطحة الأنواء المناخية والحالات المدارية التي تعصف بالبلاد وفي تخفيف الآلام عن أبناء الوطن العزيز وفي بتقديم كل العون والمساعدة والمساندة وفي إعادة الأوضاع إلى طبيعيتها وبأسرع وقت ممكن ومتاح عبر شق الطرق وإزالة الأتربة وإرتال الطين وتمهيد الشوارع وتعبيدها لتغدو صالحة للإستخدام وبإعتبار أن الطرق هي عصب الحياة والسبيل الوحيد لمواصلة زخم العون للمتضررين، وإذا ما بقيت الطرق غير صالحة فإن كل الجهود التي تروم تقديم أي إعانة للمتضررين ستغدو عديمة الجدوى، وهذا ما تعلمه يقينا كل تشكيلات قوات السلطان المسلحة فعمدت إلى ذلك بدءا وأفلحت فيه بإمتياز بعدها إنهمر الغوث للمتضررين، ثم انفرجت أسارير المواطنين كأمر طبيعي وكتأكيد مبتسم على نجاح الجهد المقدر والمشكور.
ثم من بعد ذلك تدفقت جهود الإنقاذ للعالقين بين شعاب الأودية وفي المرتفعات، وكذلك إسعاف المصابين والبحث عن المفقودين وسط هدير المياه الزاحفة لا تلوي على شيء، ثم تمشيط السواحل بالطائرات العمودية وتحديد مكامن الخطر، وإزالة كل المخلفات التي ألقى بها الإعصار من شاهق أو نقلها عمدا ومع سبق الإصرار والترصد من مكان لآخر، لا نكاية بالمكان ولكن تحقيقا لمآرب نفسه يعرفها هو لانحن، كما كان الحرص كاملا على تتبع المفقودات التي عبث بها هذا الزائر والتعرف عليها تمهيدا لتحديد أصحابها وتسليمها كما ينبغي.
في الواقع وتلك حقيقة يجب أن تقال بالصوت العالي أن قوات السلطان المسلحة بكافة تشكيلاتها وأجهزتها تؤدي أدوارا أقل مايقال عنها أنها بطولية صرفة، تجلت في ثناياها تلك المعاني الرائعة والقائلة بأن الوطن كان وسيبقى في حدقات عيونها حبا وهياما، وأن هذه القوات الباسلة لا تفرق بين التضحية في ساعات الوغى دفاعا عن الوطن إذا ما حاول الأعادي المساس بشبر من أرضه الطاهرة، ومابين الدفاع والذود عنه في هكذا ظروف وأنواء مناخية، فالمبدأ واحد، والهدف واحد، والغاية واحدة ففي كلا الحالين فإن الوطن أمسى مستهدفا وبغض النظر عمن هو، ليأت الرد واضحا لالبس فيه وهو النهوض لبذل الغالي والنفيس وبما فيها الروح لتبذل مهرا للوطن ليظل أبدا سالما، ومن هنا ومن هذا المتكأ النبيل جاء الإعتداد والإعتزاز بهذه القوات على حسن بلاء لها لا تخطئه أي عين في الوجود.
واقعيا وتاريخيا نجد أنه وفي كل الأنواء المناخة المتتالية التي مرت بالسلطنة خلال السنوات الفائتة كانت قوات السلطان المسلحة وشرطة عُمان السلطانية وكافة الاجهزة الأمنية كانت أبدا في طليعة ومقدمة القطاعات التي تتصدى للحالات المدارية والأعاصير، فهي أصلا وأبدا تضع نصب أعينها إمكانية حدوث أمر كهذا في أي وقت وعلى مدار العام، لذلك فإن الجاهزية كانت وستظل أبدا في قمة عنفوانها، والتدريب متواصل على مدار الساعة في كيفية مقاومة هكذا ظروف، لذلك نجد أن هذه القوات أفلحت بفضل الله وتوفيقه وفي اقل وقت ممكن في إنجاز مهامها بنجاح منقطع النظير وفي كافة مجالات الغوث والإنقاذ والمساندة والمساعدة سواء في الطرق كما أوضحنا وفي مجال التعامل مع الكهرباء إذ خطرها يزداد ولايقل عن الإعصار نفسه وفي مجال تقديم الدعم الفني للمواطنين في المواقف الحرجة والصعبة فضلا عن خدمات أخرى لايسع المجال للوقوف على تفاصيلها الدقيقة.
لقد كان الملحمة عظيمة بالفعل، ولاتقل سيطا عن ملحمة هوميروس الإلياذة والأوديسا أعنى، فكلاهمــــا حجزا لنفسيهما مكانا في صحـــــــائف التاريخ والخلود.
لقد تعلم الجميع من هذه القوات الكثير من المفيد في تعاملهم مع هذا الظرف، لذلك فلن نندهش عندما نرى 15 ألف مواطن يهبون دفعة واحدة للإلتحاق بالعمل التطوعي العظيم والذي دخل الآن في ذمة التاريخ كحدث يؤرخ به ويؤرخ له، لقد كانت هذه القوات ملهمة لهذه الجموع التي هبت دفعة واحدة عندما رأت بأن قوات السلطان هناك تقف في قمم الجبال والتلال وفي أعماق الأودية رافعة شعار حب الوطن والسلطان.
اليوم وهذا ماكتبه التاريخ لا نحن، فكل ما فعلناه أننا إختلسنا النظر لهذه الصفحة التي تشع ألقا والمكتوب فيها بأحرف من نور بأن قوات السلطان المسلحة كانت روح العمل وبيت القصيد في إزالة وتنظيف ومحو آثار شاهين، المجد لقوات السلطان المسلحة وهنيئا للوطن بها.