بقلم : محمد الرواس
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة ، في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس - رواه مسلم-.
إن من الأعمال النبيلة بالمجتمع التي يجب على المرء أن يُقيم لها وزناً العمل التطوعي والعون الإنساني عامة ، فالمرء متى ما عظم لديه تقديره لوطنه ارتفع مستوى همته وعطائه وعونه لبني وطنه وقت الحاجة والشدة فلا يتقاعس عند نداء الواجب ، بل يقبل البذل والعطاء والانخراط في الأعمال التطوعية متى ما دعت الحاجة.
والعمل التطوعي فطرة إنسانية فطر الله الناس عليها منذ أن خلق الخلق وجعلها بذرة رحمة في قلوب البشر بغض النظر عن دياناتهم أو اعراقهم أو انتمائتهم ، ولقد حث ديننا الإسلامي الحنيف على الأعمال التطوعية وأشار المولى عزوجل اليها بالقرآن الكريم وأشار اليها و الى جزائها ، ودعا اليها رسولنا المصطفى عليه أفضل السلام وازكى التسليم في احاديثه الشريفة ورغب بها وذكر ثوابها.
والعمل التطوعي يحمل في مقاصده وأهدافه وقّيمه غرساً للصفات النبيلة وتزكية للنفوس وحباً للبذل والعطاء والعون للأخرين ،وعندما يتكاتف أبناء الوطن الواحد تنتشر المحبة والمودة بينهم فيقبل متطوعيهم على العمل لإزالة الضرر بأيديهم ويبذل محسنيهم العطاء باموالهم طوعاً ورغبة ويكون تعاونهم وبذلهم للعطاء طوعاً لله دون انتظار الاجر والثواب من أحد.
لقد ترك إعصار شاهين وراءه من الاضرار الكثير خاصة بالمدن الساحلية بشمال الباطنة فنفرت أجهزة ومؤسسات الدولة جميعها لازالته سواء العسكرية منها أو الشُرطية ونفرت معهم الجمعيات الخيرية التطوعية والشباب العُماني جماعات وفرادى متكاتفين ومتعاونين لإزالة المحنة التي ألَّمت بجزء غال من الوطن ، ومنذ اليوم الأول بعد مغادرة الاعصار أراضي السلطنة تحركت فرق العمل التطوعي تلقائياً واجتمعت دون دعوة من أحد ليكونوا الرافد والداعم لأجهزة الدولة ومؤسساتها التي انتشرت معداتها على الأرض لفتح الطرقات وإزالة مخلفات الاعصار بالمناطق المتأثرة وبالمنازل وبالبيوت والأسواق والمدارس والمساجد والمستشفيات فبادر المتطوعون من خلال فرقهم التطوعية يحملون الغذاء والماء والغطاء لإخوانهم المتضررين ، وهب الوطن من شماله الى جنوبه معهم فنصبت الخيام بالساحات والميادين العامة وبقرب المساجد بكافة انحاء السلطنة من أجل جمع التبرعات وارسالها في اسرع وقت ممكن لإغاثة اخوانهم .
لقد أعجبني ما قرأته منذ عدة أيام عندما بادرت احدى الفرق التطوعية بالدعوة لتوفير الجانب اللوجستي لمن أراد من المتطوعين الشباب الانضمام اليهم بمركبته عند تسييرهم قوافل الإغاثة المحملة بالمؤن الي المناطق المتضررة ، فبعد جمع التبرعات العينية بمكان واحد فأن هناك مهمة كبرى تنتظر الجميع وهي آلية نقل هذه المساعدات للجهات المعنية بتوزيع المعونات بعد الاتصال معهم والتنسيق، وبهكذا أعمال تكاملية يكون العمل التطوعي يخدم سرعة وصول التبرعات في وقتها دون تاخير، ومما اثلج صدورنا مشاهدتنا لقوافل المركبات لمجموعة من نبلاء العمل التطوعي وهي تتحرك في مواكب باتجاه المدن المتضررة من جراء إعصار شاهين الذي زال بفضل الله لكنه ترك لنا مشاهد عديدة من ملاحم التراحم والتعاضد يرسمها لنا ابناء عُمان النبلاء.ختاماً لا يحتاج مجتمع مثل المجتمع العُماني وشبابه من أهل النجدة والبذل ان يحثهم احد على الإسراع للعمل التطوعي عند الحاجة وفي وقت الشدة والأزمات والظروف العصيبة ففطرتهم النبيلة قائمة أصلا على النفع والعون ومد يد المنفعة لوطنهم ومجتمعاتهم .