بقلم : علي المطاعني
البعض يُحمل المؤسسات أكثر من طاقاتها وصلاحياتها ومهامها لعدم وعيه بنطاقات العمل المحددة لها ، والدور الذي تضطلع به في خدمة أي من القطاعات ، فأحيانا ليس بالضرورة أن يُعلن للملأ هذا الجهد أو ذاك لضرورات يتطلبها العمل نفسه ، ونسق التعاملات بين أجهزة الدولة أو لغيرها من الدواعي والأسباب .
وإتساقا مع هذه الحقائق فغرفة تجارة وصناعة عُمان تُعد إحدى المؤسسات المدنية ذات النفع العام والتي قد تجد نفسها تتبع هذا النهج أحيانا ، غير أن ما نتفق عليه هو أنها تهدف إلى تنظيم المصالح التجارية والصناعية لمنتسبيها بل وتنميتها والدفاع عنها وتمثيلها ، فهي تعمل لتحقيق ذلك وفق أطر معينة ومحددة بموجب نظامها الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم (2017/45) ، وقد حدد المرسوم طبيعة عملها وصلاحيتها ومهامها كمؤسسة تمثل القطاع الخاص وتعمل على تنميته ، وهي بالتالي تبلور عملها وفق هذه المرئيات ولا يمكن أن تقفز عليها أو تتجاوزها إلى جوانب أخرى تتعارض مع الأطر القانونية والتشريعية المشار إليها بالمرسوم.
لذا فليس من الحكمة والعقلانية مطالبتها بأن تعمل أكثر أو خلافا لذلك الذي قد يوقعها في المحظور أو يعرضها للمساءلة في نهاية المطاف ، ومع ذلك تعمل الغرفة وكافة أجهزتها على ترجمة كل تطلعات منتسبيها والدفاع عنهم ورفع مطالبهم بكل السبل المتاحة ، ولكن وبطبيعة الحال لايتحقق كل ما تطلبه وتتمناه وتسعى إليه كغيرها من مؤسسات المجتمع المدني سواء في السلطنة أو خارجها وهو ما يجب تفهمه وتقديره على كل الأصعدة والمستويات فنحن جزء من المجتمع ألذي نعيشه ونعرف حجم المساحات التي تتحرك فيها المؤسسات وطبيعة المرحلة التي تعيشها البلاد ، وكذلك تجارب الدول المجاورة وغيرها في تعاطيها مع مثل هذه الأمور، فهي ليست بأفضل منا في المشاركات السياسية وصنع القرار أو عكس المطالب وإن إختلفت الظروف ، إلا أن الحال سيبقى واحدا.بلاشك أن ما تلعبه غرفة تجارة وصناعة عُمان في تجسيد دورها سواء من خلال مجلس إدارتها أو فروعها ولجانها ومشروعاتها وخدماتها أمر يعجز اللسان عن وصفه ، فهي تمثل القطاع الخاص كما ينبغي ، فهي تضم حوالي 210 آلاف مؤسسة وشركة نشطة ، فمن الطبيعي أنها لن تترجل بنفسها لتطرق أبواب كل شركة لتعيد صياغتها ، العكس هو الذي ينبغي أن يحدث ، كما إنه ليس بالضرورة أن الكل له حاجة بالغرفة تؤديها له مقابل انتسابه ، غير أنها ستبقى وفق المفهوم البسيط مظلة لكل الشركات والمؤسسات يستظلون تحتها عندما تنتصف الشمس في كبد السماء ويشتد الحر ويرمض الجندب .وهي بذلك لديها فروع لتقسيم العمل على محافطات السلطنة لقضاء متطلبات القطاع الخاص وكذلك هناك 17 لجنة تدرس وتناقش الإشكاليات والقضايا الخاصة به ، وترفع توصياتها ومرئياتها لمجلس الإدارة وبدوره يرفعها ويناقش الحكومة فيها ، وبذلك يمضي دولاب العمل بها كغيرها من مؤسسات الدولة .أما مسألة الإنتساب التي يلوح بها البعض بإعتبارها قضية ويتساءل تبعا لذلك لماذا يدفع هذه الرسوم وهو لا يتستفيد منها ، بالقطع هو قول مردود ، فإلانتساب ليس شرطا لإكمال معاملات بدء النشاط التجاري ، ومن ليست لديه الرغبة في ممارسة التجارة ليس بالضرورة أن ينتسب للغرفة ، هذه الحقيقة يجب أن توضع في الإعتبار دوما .ومع ذلك فإن الغرفة في عام 2020 أعفت المؤسسات من الرسوم بمقدار 7 ملايين ريال ، وفي العام الجاري بما يزيد عن 6 ملايين ونصف المليون، أي مايقارب من 13 مليون ريال إعفاءات وتخفيضات في رسوم الإنتساب ، فلا أعتقد بأن هناك مؤسسة مشابهة في المنطقة والعالم اتخذت هكذا خطوات.
وعلى صعيد التشريعات والقوانين كقانون العمل والإستثمار الأجنبي والشراكة بين القطاعين العام والخاص والتخصيص وغيرها ، فإنها في الواقع تبدي برأيها وتقدم مقترحات لأي قانون يعرض عليها وتنقل مطالب القطاع الخاص بحذافيرها ولكن في إطار عقلاني ومؤسسي بعيدا عن كل ما يناقض ذلك.
وعلى صعيد التأثيرات الناتجة جراء كورونا على سبيل المثال فإن أغلب ما اتخذته اللجنة العليا المكلفة من قرارات وتوجيهات كان من نتاج أو من دراسات وتوصيات أو مطالبات مرفوعة من الغرفة ، بيد أن الأمور كانت تمضي وفقا لآليات العمل الإدارية المطلوبة والمعروفة لنا جميعا.
وكذلك تعزيزالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والنهوض بها كأحد مرتكزات عملها ، فإنها تولي هذا الجانب كل الإهتمام والعناية من خلال العديد من السبل التي تعزز من دورها وتنهض بقدرات تلك المؤسسات من خلال التأهيل والتدريب والتمكين في الجهات الحكومية المختلفة.
وعلى مستوى الفروع فإن الغرفة تولي إقتصاد المحافطات جل إهتمامها وإعطاء الفروع صلاحيات إدارتها وتمكينها من خلال دعم الفروع التي لا توفي باستحقاقاتها من المصروفات وإيجاد حلول لأصحاب الأعمال فيها كانت أبدا سمة واضحة ووميزة ولا تحتاج إلى دليل.
على ذلك يجب أن نقدر هذا الدور ونعزز بكل السبل عوامل الدفع التي تمكنها من المضي قدما في رسالتها ، ولكن كما أسلفنا الغرفة وفروعها لن تطرق أبواب المؤسسات ، ولن تقرع أجراس الهواتف لتقول لاعضاءها ماذا تريدون .الأمر الأهم الذي يجب أن نعرفه بأن أعضاء مجالس إدارات الغرفة عملهم تطوعي بحت أي بدون مقابل مادي ، ويكفيهم فخرا أنهم يعملون كمتطوعين ربما أكثر من أولئك الذين يعملون بأجر جهدا وإخلاصا وتفانيا ونكران ذات ، واضعين أنفسهم في خدمة الأعضاء في كل محافطات السلطنة ليلا ونهارا ، ومع هذا يصيبهم رشاش عدم التقدير مع بعض العبارات من ذلك النوع المثبط للهمة والمعروف إجتماعيا .هناك سوء فهم في ممارسة العمل الديمقراطي في البلاد ، وهناك خلط كبير في إستيعاب ثقافة معرفة الصلاحيات والمهام الموكلة للمؤسسات التي تعمل تطوعا ، فالمنتقدين وغير الراضين لايعملون على إحداث التغيير الذي ينشدونه بالطرق الديمقراطية المعروفة أي بالترشح وطرح البرنامج الخاص بكل مرشح ، ثم الدخول لمرحلة الإقتراع ، ثم الفوز ، ثم إحداث التغيير الذي يرغب فيه المعترض ، هنا لاضرر ولا ضرار كما نرى ، غير إنهم لايفعلون ذلك ، هم لن يترشحوا ولن يرشحوا ، فقط مختصين في الشجب والإدانة من وراء جُدر، هذا الأسلوب لن يفضي بنا إلى أي شيء مفيد غير إضاعة الوقت والجهد والعمر سدى نقولها بآسف.نأمل أن نقترب من هذه المؤسسة وفروعها ولجانها أكثر وأكثر لكي نكون شهودا على ما ينجز وما يتحقق وما يعمل في سبيل القطاع الخاص ، على الأقل لنعطي كل ذي حق حقه وكما يحب ربنا ويرضى ، وستبقى غرفة تجارة وصناعة عُمان هي ممثل القطاع الخاص بكافة شرائحة وفئاته تعمل بكل السبل لكي تراه يحقق النجاح تلو الآخر ، تعضيدا وسندا لإقتصادنا الوطني.