بقلم: مرتضى بن حسن بن علي
تجويد التعليم بحاجة إلى عناصر متعددة ومترابطة مع بعضها البعض، وبجانب المناهج الجيدة والمعلم الكفوء،فإن العملية التعليمية بحاجة أيضا إلى الإدارة المدرسية المقتدرة والفاعلة والقادرة على التخطيط السليم على إستخدام المصادر آلتي تساعد المعلمين والطلبة وبقية الاطراف المعنية في المدرسة.
الادارة الجيدة للمدارس القادرة على التنسيق والتعاون مع المجتمع المدرسي وكافة العناصر الاخرى من " المعلمين والاداريين والفنيين وأولياء الأمور والطلبة والادارات العليا في وزارة التربية والتعليم"،ضرورية لزيادة فرص النجاح وتحقيق جودة عالية في أداء المدرسة ومخرجاتها.
الإدارة المدرسية فرع من فروع علم الإدارة،ومن الضروري تعيين مدير المدرسة من الاشخاص المتمتعين بالخبرات الإدارية المشهودة مثله مثل مدير أية مؤسسة أخرى.دور المعلم مختلف،ومن الصعب ترقيته إلى منصب مدير بسبب عامل الوقت قبل تدريبه والتأكد من قدراته على استيعاب التدريب،فيتم تعيين المدير وفقا لعقد خاص بشروط معينة قابل للتجديد،وكذلك تتم ترقية المدير لاعتبارات متعلقة بكفائته،وليست مرتبطة بعامل الزمن.
في عُمان والدول العربية إجمالا يتم تعيين المدير عن طريق ترقية المعلم، وإن كانت صلته معدومة او ضعيفة بالعملية الإدارية وعلم الادارة، كما يفتقر نظامنا التعليمي لحد الان إلى نماذج واضحة لتحديد عمل المدير او مسؤولياته وصلاحياته،وأصبح من الضروري أن يمتلك مدير المدرسة الاستعداد الطبيعي للإدارة وبالخبرات النظرية والعملية.
إدارة المدرسة مثل إدارة أية مؤسسة أخرى،تحتاج إلى قدرة التعامل مع المشاكل والظروف المحيطة لغرض تحقيق أهداف المدرسة،صفات المدير الناجح وشروط وطرق إختياره مهمة جدا، لكي يستطيع أن يؤدي عمله وفقا لأفضل معايير الاداء.في عمان مثل معظم الدول العربية،يتم ترقية موظفين إلى وظائف إدارية أعلى وتكون النتيجة فشلهم في ادارة مدارسهم. ترقية مدرس إلى وظيفة مدير او ترقية طبيب ماهر إلى وظيفة مدير مستشفى او عمل إداري آخر او ترقية مهندس بارع الى وظيفة ادارية دون ان تتوفر لديهم أية خبرات إدارية او مالية، تؤدي إلى فشل جسيم في الادارة مثلما نشاهد ذلك في معظم مؤسساتنا.
بالطبع فإن عملية تهيئة الاداريين المناسبين نوعا وكما سوف تأخذ وقتا وجهدا،لذلك أصبح ضروريا البدء ومنذ الآن بتدريب المدراء الحاليين عن طريق إخضاعهم لدورات تدريبة مكثفة ومستمرة واستبعاد غير القادرين، والبدء بعدم تعيين أي معلم جديد مديراً لمدرسة أو وكيلاً لها إلا بعد تدريبه.
تشمل برامج التدريب القدر اللازم من التعليم والتدريب على التقنيات الإدارية المعاصرة،بحيث يتدرب الإداري على إستخدام هذه التقنيات والتعامل معها بكفاءة واقتدار لتسهيل عمل إدارته لمدرسته.وتوجد هناك كما من البرامج للمدراء والوكلاء المعينين حديثاً، كما يوجد برنامج تدريبي تفريعي لمديري المدارس والوكلاء القائمين على رأس العمل ولمدد متراوحة.
قد يكون مهما التفكير والنظر في الوقت الحاضر في إمكانية فتح قسم في كلية المعلمين للادارة المدرسية مزودة بطاقم من أحسن خبراء الادارة مع خبراء في علمي الاجتماع والنفس،
تأكيداً لاهتمام وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي بهذا المجال الأساسي للادارة المدرسية،وتركيزاً للجهود آلتي ينبغي بذلها في هذا الصدد،بحيث ينشأ منها جميعا رؤية محددة في الإدارة التربوية في السلطنة ينتج عنها نهضة بهذا العمل،هذا القسم الخاص سيكون بيتاً للخبرة يحوي قواعد للمعلومات ومكتبة متخصصة، ومجمعاً للباحثين والمختصين، ومنطلقاً للتقويم والبحث المهني المتعمق.
المراجعة المستمرة لقواعد الاختيار مهمة للتأكد دوماً أنها تتفق مع التطورات المستمرة في علم الادارة والتعليم معا،تدريب المعلمين الحاليين لشغل مناصب إدارية سوف يحتاج إلى إيجاد قاعدة معلومات دقيقة ومحدثة عن المعلمين الأكثر قدرة على القيام بمهام الادارة وليس حسب الأقدمية،وبعد إجراء مقابلات شخصية من قبل المختصين.
الصلاحيات الممنوحة لمدير المدرسة لابد أن تكون شبيهة للصلاحيات التي تُمنح لإي مدير في اية مؤسسة أو شركة، وتحكمها لوائح وأنظمة، كما تُربط الصلاحيات مع المسؤوليات.
من صلاحيات مدير المدرسة على سبيل المثال أن يكون له دور في إختيار المعلمين الجدد في مدرسته عن طريق المشاركة في لجان المقابلات التي تجرى عند بداية التوظيف،وتقييم المعلمين من خلال المقابلات الشخصية،للتأكد من تميزهم وقدرتهم على التعامل مع الطلبة في تلك المرحلة من أعمارهم،إضافة إلى منح المدير بعض الصلاحيات المالية بعد تحديدها عند بداية كل سنة مالية،عكس ذلك سوف يكون صعبا على المدير من القيام بتحقيق الاهداف المرسومة والمرجوة لمدرسته،ومن دون توفير تلك الصلاحيات،كما سوف يكون مهما أيضا تحديد صلاحيات ومسؤوليات الوكيل وموظفي المدرسة الآخرين.
لتعظيم الفائدة سوف يكون مفيدا أيضا تنظيم زيارات للمدراء المختلفين للمدارس الأخرى من أجل نقل تجاربهم والاستفادة من تجارب المدراء الاخرين،والمشاركة معا في تطويرها،إضافة إلى إتاحة الفرصة لهم بالمشاركة في الأعمال واللجان المتخصصة في جهاز الوزارة أو في إدارات التعليم،وأن يكون لهم دور في التخطيط والدراسة للقرارات الإدارية والتربوية التي يتم اتخاذها في قطاع التعليم.
كما إن التقييم الفعال لعمل مدير المدرسة هو الذي يقيس فعالية مدرسته في التعامل مع المشكلات والتحديات الموجودة مثل السيطرة على حالات الهدر،والتسرب،والرسوب، ورفع الدافعية للتعلم بين الطلاب، وزيادة مساهمة المدرسة في حل مشكلات مجتمعها المحلي الخ ... والمساهمة في وضع خطة سنوية لمدرسته،يحدد فيها أهداف المدرسة ( التعليمية والتربوية والتشغيلية) والوسائل والادوات الضروية لتحقيق هذه الأهداف، ثم يتم تقويمه وفقاً لمدى تحقيق تلك الأهداف .ولتفعيل التنافس بين المدارس،تقوم كل مدرسة بنشر أهدافها على الشبكة العنكبوتية في بداية السنة الدراسية وبعد ذلك بنشر النتائج المحققة وتقديم الجوائز للمدارس الفائزة وترقية مدرائها.
يشترك المدير أيضا بوضع تصور لنظام متكامل لتدريب إداريي المدارس الاخرين،تشارك فيه الإدارة العامة للتدريب التربوي،وإدارات التعليم، وكلية المعلمين والتربية وممثلون من المعاهد التدريبية، بحيث يوضع لكل إداري (مديراً كان أو وكيلاً مثلاً) مسار وظيفي واضح،وفي إطار هذا المسار توضع له محطات تدريبية وفقاً لاحتياجاته الحقيقية التي يتم تحديدها عن طريق نظام فعال للتقويم والمتابعة. مدير المدرسة الذي يظهر كفاءته يتم ترقيته عن طريق منحه ادارة أكثر من مدرسة.
تجويد التعليم،إضافة الى المناهج والجيدة والمعلم الكفوء، بحاجة أيضا إلى الادارة المدرسية الكفوءة والفاعلة، إدارة فاعلة على التخطيط لاستخدام المصادر التي تساعد المعلمين وبقية الاطراف المعنية في المدرسة على تحقيق التطوير، فضلا على ضرورة وجود ترابط قوي بين مستويات جودة القيادة والتقييم الذاتي والتدريس، الإدارة الجيدة للمدارس تتمكن من التركيز على قيام التعاون والتنسيق مع المجتمع،
الادارة المدرسية الكفوءة سوف تتمكن أيضا من تطبيق لائحة الانضباط على المخالفين في المجتمع المدرسي لردع الطلبة من تكرار المخالفات والتنسيق مع أهالي الطلبة،وتنفيذ توصية المدير، طالما تم الاثبات قطعا على ارتكاب الطالب مخالفة جسيمة،والتأكد من حسن سير العملية التعليمية وجودة الاداء والانتاجية،وسد النقص في الكادر الإداري بما يخدم حسن أداء المدرسة، ومنحها صلاحية التواصل والاتفاق مع شركات لصيانة المباني المدرسية وإصلاح الأعمال الطارئة، فضلا من منحه صلاحية إعتماده لاجازات العاملين في المدرسة،ووضع رؤية ورسالة خاصه للمدرسة تتفق مع رؤية ورسالة الوزارة.
منح الصلاحيات للادارة المدرسية ومنح نوع من الاستقلالية لها سوف تكون منسجمة مع الاصلاحات الجذرية المُنتظرة من وزارة التربية والتعليم لتجويد مستوى المُدخلات والمخرجات وإيجاد تخصصات لتنسجم وتتوافق مع مجتمع المعرفة واقتصاده لمواكبة التطورات السريعة ومع رؤية عمان ٢٠٤٠،والأخذ باحدث ما توصلت إليه التجارب في التعليم العام، حيث أصبحت المدرسة تشكل دائرة العمل التربوي والتعليمي الاستراتيجي.