الملاءة المالية ضرورة ملحة

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٣/يونيو/٢٠٢١ ٠٨:١٤ ص
الملاءة المالية ضرورة ملحة

بقلم :علي المطاعني

لم تعد أهمية الملاءة المالية والجدارة الائتمانية للدول والحكومات والشركات والمؤسسات فقط ، وإنما أصبحت ضرورية جدا للأفراد أيضا في بلورة سلوكياتهم الإستهلاكية وفق ملاءتهم المالية وقدراتهم الائتمانية في استدامة الجوانب المالية لديهم والمواءمة بينها وبين الالتزامات المالية للآخرين، ومن هذا المنطلق جاء إيجاد مركز عُمان للمعلومات المالية والائتمانية (ملاءة) لكي يوفر حلولا عملية لقياس الملاءة المالية والجدارة الائتمانية في السلطنة تستفيد منه الجهات والشركات والأفراد على حد سواء في قياس الجدارة الائتمانية بشكل مالي دقيق وفق الآليات الصحيحة وبدرجات تسهم في تحسين المستويات الائتمانية وتعزيز المناخ المالي وتسهيل ممارسة الأعمال في البلاد وفق مؤشرات محاسبية وعلمية واضحة، الأمر الذي يبعث على الارتياح لهذا التطور الذي يقلل المخاطر الائتمانية وإشكالياتها فادحة العواقب على الفرد والمجتمع، بل وانعكاساتها على السلطنة.

بلاشك أن مركز عُمان للمعلومات الائتمانية والمالية في السلطنة الذي أنشئ بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم : 38/‏‏2019 الصادر في 8 مايو 2019 ليلعب دورا محوريا في توفير البيانات المالية والائتمانية الدقيقة عن الوضع الائتماني للجهات المختصة، ولعل بلوغ عدد طلبات التقارير الائتمانية 740 ألف طلب تقرير ائتماني خلال عام 2020 يعكس هذا الدور المحوري الذي ينهض به في تقليل المخاطر وتحسين جودة القروض للجهات المانحة وللشركات والأفراد وبما يحقق التوازن بين الإمكانيات المالية والالتزامات المطلوب توفرها ليتسنى اتخاذ القرارات السليمة بناء على معطيات الملاءة المالية تجنبا للتعثر في السداد وما يشكله ذلك من خطورة على الجميع.

فعندما يصبح البعض غير قادر على الوفاء بالتزاماته المالية نتيجة لتخطي إصدار تقارير الجدارة الائتمانية فإن الضرر يقع على الجميع بدون استثناء وهناك تكمن الخطورة، وهنا تتجسد أهمية مثل هذه المؤسسات والأنظمة في تحديد بوصلة الائتمان بنحو صارم.

وبتوقيع ملاءة لأكثر من 30 اتفاقية عضوية مع الجهات التي تمارس نشاط التمويل أو البيع بالأجل من عدة قطاعات مالية وخدمية للاستفادة من خدمات المركز بتوفير البيانات المطلوبة عن الجدارة الائتمانية للمؤسسات والأفراد، وما تمثله هذه الخطوة من أهمية كبيرة في الحفاظ على مكانتها المالية والائتمانية من خلال توظيف البيانات الدقيقة بشكل يحقق المصلحة العامة في المقام الأول ويعزز من الكفاءة المالية والائتمانية في البلاد بصورة مستدامة.

ولا نغفل أهمية هذه الخدمات للأفراد بحمايتهم من الممارسات الاستهلاكية غير الرشيدة بزيادة الجوانب الائتمانية وإيضاح خطورتها على نمط حياتهم، فالمركز بطريقة غير مباشرة يوجه السلوكيات الفردية بنحو سلس للاتجاه الصحيح الهادف للحفاظ على ملاءة الفرد، وضرورة إيجاد واستحداث التوازن بين الإمكانيات والالتزامات من خلال التقارير الائتمانية وكذلك تحفيزه لبلورة سلوكيات استهلاكية متوازنة وعقلانية بشكل أفضل من خلال بناء تقريره الائتماني الإيجابي وتعزيز الثقافة الائتمانية بنحو أفضل.

فالجهود التي يبذلها مركز عُمان للمعلومات الائتمانية والمالية بالغة الأهمية إزاء سلامة الأوضاع الائتمانية وتحقيق الكفاءة في الأعمال واستدامتها على اعتبار أن العنصر المالي هو الأساس الذي يُعتمد عليه في الأعمال وتوفير ضماناتها، ومن شأنه كذلك أن يوفر مجالا أكبر لنموها وتطورها واستدامتها.

بالطبع التحديات التي تواجه هكذا أعمال كبيرة في إيجاد هذا النوع من الأعمال في المجتمع وتعزيز الثقافة الائتمانية في البلاد لكن مع مرور الوقت واتضاح الصورة الناصعة للجميع حول أهداف مثل هذه الجهات من شأنه أن يبلور ثقافة عامة بأهمية الملاءة المالية للجهات والمؤسسات الأفراد.

نأمل أن يحقق المركز أهدافه في ترسيخ الثقافة الائتمانية والنهوض بها إلى المستويات التي تحقق المصلحة العامة في استدامة الأعمال ودرء المخاطر عن الأفراد والمؤسسات وحماية الجميع من تداعياتها السلبية وبالقدر الذي يحقق الأمن والطمأنينة في دهاليز المال والأعمال.