حتى لا تتكرر المشكلة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٣٠/مايو/٢٠٢١ ٠٨:٢٣ ص
حتى لا تتكرر المشكلة

بقلم : علي المطاعني

في الوقت الذي نقدر فيه عاليا التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه -، بتسريع إجراءات توظيف 32 ألف باحث عن عمل، وتحمل الحكومة جزءا من أجور توظيف 15 ألف باحث ‏جديد في الشركات والمؤسسات، وإعطاء تسهيلات ومزايا لتعزيز ريادة الأعمال سواء بمنح علاوات مقطوعة أو دعم العمل في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إلا أن السؤال الذي نطرحه هنا لماذا جاء كل ذلك الآن، وبتوجيهات، ولماذا ننتظر إلى أن يخرج الباحثين عن العمل إلى الشوارع ويحدث ما حدث، وما تلي ذلك من تأثيرات سلبية عكستها تلك المظاهر، الامر الذي يتطلب التعاطي بجدية مع هذا الملف من كافة أجهزة الدولة وعدم التسويف والمماطلة وهيكلة العمل بإدارة العمل والتشغيل الذاتي في البلاد.

ان حلول ردود الأفعال تعد مسكنات ليس أكثر لا تعالج الإشكاليات من جذورها وينتج عنها حلولا مشوهة هدفها الإستيعاب فقط وبطالة مقنعة من خلف الحُجب ليس اكثر، بعيدا عن الخطط الممنهجة والهادفة إلى تمكين أبناءنا في مواطن العمل من خلال برامج واضحة تستهدف تحويل الباحثين عن عمل إلى قوي منتجة حقيقية في كل الميادين وتوفير متطلباتها لكي تؤدي دورها في خدمة وطنها والإيمان باحقيتها في توفير العمل لها كجزء من أبجديات الحياة الكريمة.

فإذا كانت التوجيهات السامية اثلجت صدورنا جميعا وتنفسنا بعدها الصعداء بعد أزمة أفتعلت من قبل أجهزة الدولة كان يمكن حلها ببساطة عندما تعمل هذه الجهات بشكل أكثر واقعية وتتعاطي مع الأمور كقضية وطنية يجب توفير الحلول لها، ولو حدث ذلك لما خرج أبناءنا إلى الشوارع وما تبع ذلك من تشويه لسمعة الدولة على الصعيد العالمي.

ان ما حدث لا يجب أن يتكرر مرة أخرى وعلى الجهات الحكومية المختصة أن تعمل بمسؤولية وتعاون أكبر في إيجاد الحلول لإستيعاب الباحثين عن عمل في وطنهم بكل الطرق الممكنة سواء عن طريق الإحلال للعمالة الأجنبية، أو فتح الآفاق أمام أبناءنا بإنشاء مشروعات التشغيل الذاتي أو إلزام الجهات الحكومية والمؤسسات بمعدلات التعمين المستهدفة وضبط الممارسات الخاطئة في هذا الجانب لتطبيق القرارات الحكومية المعلنة.

فاليوم بعد الحوادث التي شهدتها السلطنة يجب أن نراجع أنفسنا كثيرا ونبحث عن الباحث عن عمل أينما كان ومتابعة مساره التعليمي والمهني والعملي في إطار مسؤولية الدولة في توفير العمل وكجزء من حقوقه، لذا فإن التخطيط بهذا الشكل من كافة الجهات من شأنه أن يجنبنا ما حدث وتداعيات ماحدث، سواء من خلال الإرتقاء بالتعليم بكافة مراحله والتأهيل والتدريب المستمرين، والتوجيه الوظيفي والتشغيل الذاتي، فهذه على ما يبدو من البديهيات التي يجب أن نعمل عليها إذا أردنا السلامة لوطننا.

فعلى صعيد العمل يجب أن يُعاد النظر في الإحلال بكل تفاصيله ومتطلباته في كل الوظائف والمهن التي تتوفر لها عمالة وطنية بحيث يمضي مسار التدريب والإحلال في كل القطاعات في مسارين متساويين لتوفير متطلبات العمل.

وكذلك إعادة النظر في إدارة العمل في مجال التوظيف والتشغيل على مستوى إقطاعي بحيث تكون هناك دوائر وأقسام لكل قطاع يرفد المسؤولين واللجان بما تريد معرفته من بيانات ومعلومات عن مجالات التشغيل في كل قطاع وضبط الممارسات الخاطئة فيه.

وعلى المستوى الجغرافي يجب إتباع اللامركزية منهجا في إدارة العمل والتشغيل الذاتي بحيث نشرك الولايات في إدارة التشغيل والتوظيف للمهن لديها من خلال المحافظين وا‏لولاة وأعضاء مجالس الشورى والبلدية بالتعاون مع وزارة العمل وهيئة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فلدينا 60 ولاية يجب أن تدير الإحلال والتشغيل لديها لحلحلة الأمور بشكل أكثر وأقرب من الإدارة المركزية المتبعة في الوقت الراهن.

ويجب كذلك الإهتمام بالتدريب والتأهيل بشكل أكبر عبر مركز وطني للتأهيل يعمل ليل نهار لتأهيل أبناء هذا الوطن في كل المهن والوظائف ويستخدم كل المرافق الحكومية لإتمام هذا الجانب

ولانغفل تعميم الإنضباط العسكري بهدف إكساب أبناءنا بعض المهارات واخلافيات العمل كالإلتزام والإنتاجية وغيرها من السجايا التي تؤهلهم لخوض معترك الحياة.. هنا فإن التوعية تعد جزءا أصيلا في مرحلة التحول في سوق العمل بهدف تعزيز قيم الإلتزام في نفوس الناشئة وغرس بعض الأخلاقيات التي يتطلب أن يتحلى بها الموظف في مواقع العمل المختلفة.

بالطبع الدروس المستفادة من كل ما حدث يفترض أن تبقى حاضرة أبدا لكي نستفيد منها في المستقبل تلافيا لما حدث والذي يعد إنتكاسة كبيرة لنا في إدارة العمل في مجالات تتوفر فيها أعمال بعشرات المرات.

نأمل أن لا تمضي الأحداث كغيرها من خلال التقييم المستمر والجاد، ولنتدارس كل الخيارات والعمل عليها بجدية لنبلور عبرها عمل كل مواطن، ونخدمه كما ينبغي، فهذا قدرنا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.