الإحلال هو الحل للتوظيف!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/مايو/٢٠٢١ ٠٨:٢٨ ص
الإحلال هو الحل للتوظيف!

بقلم : علي المطاعني 

مع تقديرنا للجهود التي تبذلها وزارة العمل على كل الأصعدة ومختلف المستويات لتوفير فرص عمل للباحثين عن عمل في البلاد، وسط هذه الظروف الاستثنائية الصعبة؛ إلا أننا نرى أنّ كل الجهود التي تبذلها الوزارة لإيجاد فرص عمل تقابل بتسريح للعمالة الوطنيّة لنصل إلى نتيجة صفر كما يُقال، فعلى الرغم من أنّ المقاربة بين هذين الجانبين غير متساوية في الاتجاه، إلا أنه في نهاية المطاف المجتمع يريد أن يرى نتائج واقعية تستوعب أبناءه من جانب ولا تسرحهم من جانب آخر، ولاستيعاب هؤلاء المسرحين وامتصاص نسبة كبيرة منهم بالإضافة إلى الباحثين عن العمل وتخفيفا للأعباء عن صندوق الأمان الوظيفي فإنّ الإحلال في الوظائف والمهن هو السبيل الأفضل لاستيعاب إخواننا وأبنائنا في الكثير من الوظائف والمهن التي تُشغَل من قِبَل غيرهم، ولذا فإنّ تركيز وزارة العمل يجب أن يتركّز في هذه الجانب أكثر من غيره لتحقيق ما يتطلع إليه المجتمع، الأمر الذي يفرض على الوزارة البدء في تدارس الوظائف التي تتوفر لها كوادر وطنية من الباحثين عن عمل والمسرّحين من واقع البيانات المتوفرة لديها، ومواءمتها مع البيانات التي لديها عن الوظائف والمهن المأهولة بغير المواطنين من واقع البيانات التي لديها أيضًا، وتعمل على إحلالهم من خلال فرق عمل تعمل في هذا الجانب بتركيز ودقة مُتناهية، فإذا طبّقت ذلك لا أعتقد بأننا سنجد باحثا عن عمل لدينا.

إنّ الجهود المبذولة من وزارة العمل جيدة ولكن يجب أن نعترف بأنّها تواجه تحديات كبيرة جدا، من واقع خبرتنا بأنها لن تفي باستحقاقات المرحلة القادمة في الإيفاء بتوفير فرص عمل إذا استمرت بنفس الخطة التي أعلنتها في الفترة الماضية في ظل ما يقابلها من تسريح من جانب وتزايد الباحثين عن عمل من جانب آخر، وضعف الاقتصاد في تفريخ فرص عمل مرّات؛ لذا فإنّ الخيار الأفضل كما أسلفنا هو الإحلال القسري للكثير من الوظائف التي تتوفر لها كوادر وطنية.

اليوم توجد أكثر من 750 ألف فرصة عمل يمكن أن يشغلها أبناؤنا وإخواننا من واقع ما يقارب المليون ونصف المليون عامل في بلادنا، وذلك يعني أنه ليس لدينا أزمة في فرص العمل، بقدر ما لدينا أزمة في إدارة العمل، فالوزارة عليها أن تركز عملها في هذه المرحلة ولمدة تزيد عن 5 سنوات على جوانب الإحلال بشكل عام لكل المهن والوظائف التي تتوافر بها عمالة وطنية مع بعض التأهيل والتدريب للكوادر الوطنية في بعض المجالات التي تحتاج، لكن يجب أن يتم ذلك بوتيرة أسرع تسهم في امتصاص حالة الاحتقان التي تسود الأوساط المحليّة.

وعلى وزارة العمل أن تعلن عن هذه الخطط لكي تتهيأ الأوساط والجهات والشركات والمجتمع لهذه التطورات كجزء من الاستحقاقات الوطنية التي يجب أن تعمل عليها بسرعة؛ تلافيا للكثير من التداعيات المتوقعة جراء تفاقم أزمة الباحثين عن عمل عمل والمسرحين؛ وما يشكله ذلك من ضغوط على كثير من الجوانب كالأمنية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، والتي يجب أن نحسب لها حسابا ولا نستهين بها في ظل هذه الظروف.

ولكي نوضّح الصورة أكثر للإخوّة المسؤولين في الوزارة الموقرة فهناك الكثير من المجالات يمكن إحلالها بسهولة سواء في المجالات الهندسية بأنواعها أو المحاسبية والمهن الطبية والتعليمية والفنية وتقنية والحاسب الآلي والتوصيل، وحتى مهنة الخياطة فهناك من الفتيات من يحتجن للعمل في ولاياتهنّ بالقرب من أهاليهنّ بدلا من البحث عن وظيفة في مسقط براتب متدنٍ.

الأوضاع الاقتصادية في البلاد لا تشجع إلا على هذا الخيار في الوقت الراهن، وإذا كان هناك من يفكر وتهمه مصلحة البلاد والعباد في المرحلة المقبلة فليس هناك عواقب من اتخاذ هكذا إجراءات سواء في الخدمات أو الإنتاجية، فلا يجب أن نتخوّف من هكذا جوانب، ونؤمن بأنّ كل إجراء له ضريبته، وندع المجتمع يتكيّف مع ذلك كما كان سابقا في بعض المجالات؛ ويقدم تضحيات كذلك لنعبر الأزمة التي تستفحل يوما بعد الآخر.

بالطبع هناك من سيعارض مثل هذه التوجّهات لغرض في نفس يعقوب كما يُقال، من بعض المُنتفعين؛ لكن المصلحة العامة تُملي علينا ضرورة الإسراع في مثل هذه التوجهات لأنها هي سبيل الإنقاذ من أزمة محتدمة مُتوقعٌ أن تتفاقم إذا لم تؤخذ مثل هذه الإجراءات في أسرع وقت ممكن وتفعيل العمل في هذا الجانب من كافة أجهزة الدولة والمجتمع.

نأمل أن تُركز وزارة العمل على الإحلال في الوظائف والمهن وتستفيد من البيانات التي لديها جيدا في إيجاد فرص عمل للباحثين والمسرحين، وأن تضاعف الجهود، فالوقت مدرك كثيرا في الفترة القادمة؛ والأوضاع لن تحتمل المزيد من التأخير والمماطلة لأعمال متوفرة لغير المواطنين.