بقلم : خالد عرابي
أخشى أن يتحول الأمر إلى ’سبوبة’ عالمية
يشاع في بعض البلدان العربية مصطلح يسمى «سبوبة» وأحيانا يسبق بـ الـ فيصبح «السبوبة»، ولمن لا يعرفه أو لم يسمع به من قبل فإنه يعني أن شخصا أتخذ سبيلا ما كسبب لكسب المال من خلاله -ويكون ذلك من خلال متاجرة في شيء ما- وليس في هذا ضير إذا أنه متاجرة مشروعة وبطرق شرعية-، ولكن الضير كل الضير أن قلب المصطلح رأسا على عقب فأصبح يستخدم على العكس تماما فيعني المتاجرة بشيء ما أو حتى بقيمة ما، ومن خلالها يكون الحصول على المال بدون جودة في العمل الذي يقدم، أو من غير جهد يذكر، أو حتى بطريقة غير شرعية في بعض الأحيان-.
حكى صديق لي أنه كان منتشر بينهم في العمل «الدوام» أن البعض منهم كان ما إن ينتهي من عمله الأساسي أو مصدر رزقه الرسمي، إلا ويذهب إلى مكان أو مصدر دخل آخر (إضافي) غير الرسمي، وحينما كانوا يسألونه إلى أين أنت ذاهب فيقول: إلى «السبوبة» أي مصدر الدخل الإضافي، وكان يطلق عليها «السبوبة» من قبيل أنه شيء لا يبذل فيه جهد كبير ويحصل منه على دخل آخر وفير، وقد يكون أكثر من الدخل الرئيسي رغم أن الوقت والجهد الذي يبذله فيه أقل بكثير من وقت وجهد الدوام الرسمي .
ظننت ولفترة طويلة أن هذا المصطلح وفكر «السبوبة» فكر عربي خالص، أي موجود ومنتشر في بعض دولنا العربية فحسب، ولكن بدأت أرى وأظن أنه ليس فكرا عربيا كما اعتقدت، وإنما هو فكر ومنهج منتشر في كثير من الدول حول العالم، ولما لا؟ ونحن نرى رأي العين أن هناك تطبيق مباشر له يوميا من قبل مؤسسات في دول غربية وحتى دول عظمى.. ولما لا ونحن نرى أن هناك مؤسسات ومنظمات عالمية أصبحت تدار بفكر ومنهج «السبوبة» حيث يمكن من خلال مسؤول ما بها تعطى له «سبوبة» ومن خلاله يمكن «التنفذ» وتنفيذ كل ما تريد مجموعة منتفعين أو نظام أو دولة؟
ولما لا وأصبحنا نرى أنه يمكن لدولة ما أن تحصل على ما تريد من منظمة أو هيئة أو اتحاد أو غيره من خلال الوصول إلى بعض المسئولين في تلك المنظمة ومن خلال خلق «سبوبة» أو نقولها بشكل آخر «مصلحة مشتركة»، ولذا فقد سمعنا خلال السنوات الفائتة عن وصول دول إلى تنظيم بطولات عالمية لأن الجهة المسؤولة على التنظيم، بها من يعمل بفكر ومنهج «السبوبة» والمنفعة الشخصية، حتى وإن كانت بطرق غير شرعية، وليذهب الآخرون إلى الجحيم، وقد سمعنا أيضا وخلال فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كيف إتخذ قرارات عدة بانسحاب للولايات المتحدة الأمريكية من العديد من المنظمات الدولية لا لشيء إلا من هذا القبيل.
كما وقد سمعنا كثيرا أيضا عن أشياء تسير بمثل هذا المنطلق عن طريق تطبيقها فكر السبوبة فيمكن لمافيا مثل «الدواء» ، «القهوة» أو «السكر» وغيرها الكثير أن تنفذ عن طريق منظمة ما إلى الوصول إلى ما تريد ومن خلال منهج وفكر «السبوبة» تحصل على ما تريد، ولذا أصبحنا ما بين فترة وأخرى يخرج علينا تقرير وعكسه فما أن يقال لنا أن السكر أو القهوة مضرة، إلا ونجد في اليوم التالي تقرير من منظمة أو اتحاد عالمي أخر يقول أن القهوة أو السكر مفيد في كذا وكذا ويعددون له الأسباب.
والآن ونحن في ظل أزمة مرض فيروس كورونا الطاحنة التي أنهكت العالم والشعوب وقضت على كثير من الأخضر واليابس فأضرت البعض صحيا، ويتمت أطفال، ورملت نساء، وقطعت أرزاق، وضورت البعض جوعا وأشبعت البعض عوزا، كل هذا ولا يوجد لدى البعض إلا و لا ذمة ولا رحمة .
الآن إن جل ما أخشاه حقيقة ألا يقف الأمر عند هذا الحد، فبعد أن ربحت بعض شركات الأدوية بسبب «حرب اللقاحات» والتنافس عليها والمتاجرة فيها وبها وأصبحنا نجد لقاحات تظهر في ضوء شهور مما جعل شركات تربح مليارات الدولارات في فترة وجيزة .. أخشى أن يتحول الأمر إلى «سبوبة» عالمية ويصبح هناك تفكير ما بين عام وآخر في فيروس أخر يظهر لنا ويحدث ضجة وبعدها يظهر علينا «المخلصون الجدد» بالحل وهو لقاح له، وفي الأساس فإن الفيروس واللقاح مصنعان ومعدان سلفا وجاهزان مثل موديل الهاتف الجديد الذي يعد للعام المقبل، وهذه هي الحرب البيولوجية التي سمعنا عنها مرارا وتكرارا .
بصراحة لم أعد استبعد ذلك أبدا، خاصة في ظل السعي الدولي لتطبيق الجواز الصحي الإلكتروني أي ما يجعل اللقاحات فرضية وإلزامية على الجميع وأنه لا يمكن السفر أو التنقل من دونها.. وأرى أنه ليس بأيدينا شيء إلا أن ننتظر لنرى ماذا هم فاعلون بنا.