أ.د. حسني نصر
الحملة الإعلامية التي أطلقتها مجموعة مسقط للإعلام في العاشر من أكتوبر الجاري تحت عنوان "نحبك جلالة السلطان" وتستمر حتى بدء احتفالات العيد الوطني السادس والأربعين، تستحق أن تكون نموذج يحتذى في توليد الأفكار الإبداعية غير التقليدية لتجسيد الحب الشعبي العارم لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه، كما تستحق أن تكون درسا في الوطنية والعلاقة التي يجب أن تقوم بين الحكام والمحكومين في العالم كله.
هذه الحملة غير المسبوقة بالفعل والتي ستكون حصيلتها لوحة فنية تشكلها أسماء مئات الآلاف وربما الملايين من المشاركين في الحملة لصورة صاحب الجلالة في عمل إبداعي سيقدم إلى جلالته وينشر على صفحات صحف المجموعة المتعددة ومنصاتها الإعلامية المتنوعة في العيد الوطني المجيد، في 18 نوفمبر 2016 تكتسب أهميتها وتستمد رونقها وتفردها من أربعة جوانب متفردة تتمثل في تفرد شخص وتجربة جلالته في الحكم، وتفرد الشعب العماني في الارتباط بحاكمه ومبادلته حبا بحب، وتفرد المناسبة الوطنية العزيزة، بالإضافة إلى تفرد مجموعة مسقط للإعلام صاحبة الحملة.
على مستوى أول فإن صاحب الجلالة يستحق أكثر من كل هذا الحب الحقيقي والصافي الذي يحمله لجلالته شعبه من المواطنين والمقيمين على أرض السلطنة الطيبة، وهو الحب الذي يندر أن تجد له مثيلا في العالم كله. من المؤكد أن جلالته يعلم علم اليقين مدى حب شعبه له، وما الحملة إلا وسيلة لنقل هذا الحب المستقر في القلوب إلى الورق ووسائط الاتصال المختلفة التي تحفظ تاريخ الأمم والشعوب. فمنذ اليوم الأول لتوليه مقاليد الحكم، وقبل ذلك أيضا، امتلك جلالة السلطان حفظه الله القلوب، لأنه ببساطة أحب شعبه فأحبه الشعب، ونذر حياته له وحافظ له على ثرواته واستثمرها في بناء دولة فتية آمنة مستقرة لا تعرف الضغائن ولا الحروب، فاحتفظ بحب الشعب. وعلى مدار سنين حكمه الزاهرة نمي هذا الحب وتزايد، بل وامتد إلى شعوب أخرى قرأت وسمعت وشاهدت ما قام به جلالته من أعمال خالدة ليس فقط على مستوى السلطنة، ولكن أيضا في الدول الشقيقة والصديقة. في هذا الإطار فإنني اشهد إنني وغيري من ملايين المصريين حملنا لجلالته مشاعر حب فياضة من فترة مبكرة، نتيجة مواقفه الأمينة والمحبة والشجاعة في دعم مصر سواء وهي تحارب في العام 1973 او وهي تبني السلام في نهاية سبعينيات القرن الفائت. وما زلنا حتى اليوم نذكر لجلالته تفرد موقفه ورفضه مقاطعة مصر ومحاصرتها بعد توقيع اتفاق السلام مع إسرائيل رغم أن كل الدول العربية باستثناء السودان فعلت ذلك، بل وشكلت جبهة أسمتها جبهة الرفض لتفعيل تلك المقاطعة، وقامت بنقل مقر جامعة الدول العربية للمرة الأولي منذ إنشائها من القاهرة. تستطيع أن تستمع إلى قصص كثيرة تنبض بحب جلالته من شعوب عربية كثيرة طالتها أياديه البيضاء ومواقفه المشرفة، وأخرها الشعب اليمنى الشقيق الذي يواجه حربا ضروسا، وتستقبل السلطنة جرحاه في مستشفياتها وتوفر لهم الرعاية الكاملة، وتحاول جاهدة العمل مع أشقائها لإنهاء هذه الحرب العبثية. وعلى مدي سنوات إقامتي الطويلة نسبيا في السلطنة واختلاطي الواسع بحكم طبيعة عملي بمختلف فئات الشعب العماني والمقيمين، لم اسمع من الأفواه سوى كلمات الحب والامتنان عندما يرد ذكر جلالة السلطان، وهو امر غير معتاد في كل دولنا العربية التي تتفنن شعوبها في السخرية من حكامها وربما سبهم نهارا جهارا.
على المستوى الثاني تمثل الحملة المتميزة فرصة للمواطنين والمقيمين في السلطنة لتوجيه رسالة حب ممزوجة بالعرفان والتقدير إلى جلاله السلطان. ربما كانت هناك فرص فائتة كثيرة للتعبير عن حب أبناء عمان لسلطانهم وقائدهم وباني نهضتهم، ولكن هذه المرة يبدو الأمر مختلفا، إذ سوف تتاح الفرصة لكل من يشارك في التسجيل في الحملة أن يشكل اسمه جزءا من اللوحة التاريخية التي ستحمل صورة جلالة السلطان وتقدم لجلالته وتنشر في الصحف. وسوف تتحول هذه اللوحة بالتأكيد إلى وثيقة تاريخية شعبية وإعلامية يعود إليها المؤرخون في قادم الأزمان عندما يكتبون تاريخ هذا العهد. والمؤكد أن المشاركين في الحملة سوف يحتفظون بتلك اللوحة لأبنائهم وأحفادهم دليلا مكتوبا ومصورا على حجم الحب الذي حملوه لجلالة السلطان وحجم الوفاء الذي عبروا عنه لمن قاد نهضتهم وبنى بهم ومعهم ولهم دولتهم الحديثة. وعلى المستوى الثالث فان اختيار مناسبة العيد الوطني السادس والأربعين الذي يحل بعد ثلاثة أسابيع تقريبا يؤكد ترابط الأطراف الثلاثة معا برباط واحد متين، جلالة السلطان حفظه الله، والشعب العماني الوفي، والمناسبة العزيزة التي فتح الله بها في العام 1970 أبواب الأمل والحياة الجديدة أمام العمانيين، ومكنتهم من التواصل مع العالم والأخذ بأسباب النهوض والتقدم ومن ثم بناء دولتهم.
الاعتبار الرابع الذي يجعل من حملة "نحبك جلالة السلطان" التي تواكب احتفالات السلطنة بالعيد الوطني السادس والأربعين، حملة متفردة، يتمثل في المؤسسة التي أطلقتها وهي مجموعة مسقط للإعلام، وهي واحدة من أبرز قلاع صناعة الإعلام في السلطنة والعالم العربي، ويصدر عنها مجموعة من الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية والملاحق إلى جانب الإصدارات الخاصة والمواقع الإلكترونية ومنصات النشر التفاعلية على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، وهو ما يوفر للحملة كل سبل الانتشار والنجاح. هذه المجموعة التي بدأت في إثراء الواقع الإعلامي العماني في فترة مبكرة من عمر النهضة وتحديدا في العام 1975 بإصدار صحيفة تايمز اوف عمان كأول صحيفة يومية باللغة الإنجليزية في السلطنة، نجحت على مدار تاريخها في إضافة منتجات إعلامية ذات ثقل وطني وإقليمي، يأتي على رأسها صحيفة الشبيبة. واستطاعت المجموعة من خلال إمكاناتها المادية والتكنولوجية والبشرية الكبيرة ومطبوعاتها ونوافذها الإعلامية المتعددة أن تواكب جميع مراحل النهضة وتكون سندا لها. ولا شك أن مبادرتها لإطلاق حملة "نحبك جلالة السلطنة" تمثل في المقام الأول تعبيرا عن الحب الكبير الذي تحمله إدارة المجموعة والعاملين فيها لجلالة السلطان المعظم، وهو الحب الذي أرادت أن تشرك فيه جميع أبناء عمان والمقيمين على أرضها المعطاءة.
أكاديمي في جامعة السلطان قابوس