ما الذي يحول دون المساواة بين الجنسين؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
ما الذي يحول دون المساواة بين الجنسين؟

لورا تايسون
mohmeedoشsman@yahoo.com

قبل عام واحد، تبنت الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة الـ17، والتي يتلخص أحدها في تحقيق المساواة الحقيقية بين الجنسين بحلول العام 2030. إن تمكين النساء والفتيات نهج صحيح أخلاقياً وذكي اقتصادياً. وتؤكد دراسات حديثة عديدة أن هناك تكاليف اقتصادية وأخرى متصلة بالتنمية البشرية ترتبط بالفجوات الكبيرة المنتشرة في ما يتصل بالمساواة بين الجنسين في الفرص الاقتصادية ونتائجها.

يحدد تقرير صادر مؤخراً عن الفريق الرفيع المستوى التابع للأمين العام للأمم المتحدة، والذي تولينا إعداده، الإجراءات والتدابير التي يمكن أن تتخذها الحكومات، والشركات، والمنظمات غير الحكومية، وهيئات التنمية المتعددة الأطراف الآن لإغلاق هذه الفجوات والتعجيل بالتقدم نحو تحقيق الهدف الجامع لأهداف التنمية المستدامة والمتمثل في تحقيق النمو الاقتصادي الشامل. ويُظهِر التقرير أن زيادة المساواة بين الجنسين في أي دولة ترتبط بتحسين التعليم والصحة، وارتفاع نصيب الفرد في الدخل، والنمو الاقتصادي الأسرع والأكثر شمولاً، وزيادة القدرة التنافسية على المستوى الدولي. توصلت دراسة أجراها معهد ماكينزي العالمي ويُستَشهَد بها على نطاق واسع إلى أن إغلاق الفجوة بين الجنسين في معدلات المشاركة في قوة العمل، والعمل بدوام جزئي في مقابل العمل بدوام كامل، وتكوين العمل، من شأنه أن يضيف من 12% إلى 25% إلى الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول العام 2025. وتشير دراسات أخرى تستخدم مجموعة متنوعة من المنهجيات إلى مكاسب مرتقبة مماثلة، وخاصة في الدول ذات الخصوبة المنخفضة مثل اليابان، وكوريا الجنوبية، وألمانيا، وفي بلدان حيث معدلات مشاركة النساء في قوة العمل منخفضة (في دول الخليج على سبيل المثال).

والحجة لصالح المساواة بين الجنسين في مجال الأعمال مقنعة أيضا، لأن المرأة تساهم بشكل كبير في كل أجزاء سلسلة القيمة. ويحدد تقرير الأمم المتحدة العديد من الفوائد للشركات التي سعت إلى تحقيق المساواة بين الجنسين في التوظيف، والأجر، والقيادة، بما في ذلك القدرة على اجتذاب وتحفيز واستبقاء العمال الموهوبين، ومعالجة المشاكل المعقدة بالاستعانة بفريق أكثر تنوعا. كما تؤكد دراسات عديدة جديدة أن الشركات التي تستعين بعدد أكبر من النساء في المناصب القيادية العليا والمناصب في مجلس الإدارة تحقق عوائد مالية أعلى. إن أكثر من 90 % من الفتيات في مختلف أنحاء العالم الآن ينهين دراستهن الابتدائية، وأعداد أكبر من النساء يتخرجن في الكليات مقارنة بالرجال. ولكن برغم هذه المكاسب، تظل الفجوات الكبيرة بين الجنسين قائمة في كل أنواع العمل ــ المدفوع الأجر أو غير المدفوع، الرسمي أو غير الرسمي، العام أو الخاص، الزراعي أو في قطاع الأعمال. على مستوى العالم، يعمل 50 % فقط من النساء في سن 15 عاما وما فوق في عمل مدفوع الأجر، مقارنة بنحو 75 % من الرجال. وفي الوقت نفسه، تقوم النساء بعمل مدفوع الأجر أكثر بثلاث مرات مما يقوم به الرجال من عمل غير مدفوع الأجر. وعندما تحصل المرأة على أجر، تميل الوظائف التي تقوم بها عادة إلى عكس صور نمطية بين الجنسين وتقديم دخول منخفضة نسبيا، وظروف عمل رديئة، وفرص محدودة للتقدم الوظيفي.
وحتى عندما تؤدي المرأة نفس العمل أو عملا متماثل القيمة مع عمل يقوم به رجل، فإنها تحصل على أجر أقل في المتوسط (برغم أن حجم الفجوة في الأجور متفاوت إلى حد كبير في مختلف أنحاء العالم). والنساء ناقصات التمثيل في المناصب القيادية في قطاع الأعمال وفي الحكومة. ومقارنة بالأعمال التي يمتلكها رجال، سنجد أن الأعمال المملوكة لنساء أصغر كثيرا، وتوظف عددا أقل من الناس، وأكثر تركزا في قطاعات تقدم فرصا محدودة للربح والنمو.
يحدد تقرير الأمم المتحدة أربعة عوامل شاملة ومترابطة تحول دون تحقيق المساواة بين الجنسين في أشكال العمل كافة، وعلى كل مستويات التنمية: الأعراف الاجتماعية السلبية، والقوانين التمييزية ونقص الحماية القانونية، والفجوات بين الجنسين في العمل الأسري وأعمال الرعاية بلا أجر، وعدم التساوي في القدرة على الوصول إلى الأصول الرقمية، والمالية، والممتلكات العقارية.

الرئيسة السابقة لمجلس مستشاري رئيس الولايات المتحدة الاقتصاديين، وأستاذة في كلية هاس لإدارة الأعمال بجامعة كاليفورنيا في بيركلي.