أتابع عن كثب أنشطة وفعاليات جمعيات الصداقة العُمانية مع الدول الشقيقة والصديقة البالغ عددها 13 جمعية لتعزيز العلاقات الثنائية، إلا أنني لم ألحظ نشاطًا متواصلًا وفعّالًا كالذي شهدتُه في أروقة جمعية الصداقة العُمانية البحرينية التي لم تألُ جهدًا في ترجمة أهدافها المعلن عنها وتنزيلها إلى أرض الواقع بتصميم وإصرار وبعزيمة لا تلين، ذلك أن في جعبة الجمعية أهدافًا واضحة ومحدّدة وطريقًا معبّدًا بإرادة مشتركة لن تقبل بأنصاف الحلول وتتمثل في تنظيم اللقاءات الاجتماعية والندوات والمحاضرات ومعارض الفنون والعلوم والمعارض الاستهلاكية لزيادة التبادل التجاري، ونشر الصحف والمجلات والإعلانات في البرامج الإذاعية والتلفزيونية وتنظيم المؤتمرات الصحافية والتنسيق مع الجهات المعنية. وتنظيم الزيارات المتبادلة لرجالات وسيادات الأعمال في البلدين وتنظيم الفعاليات الرياضية.
ومن الأهداف بالغة الأهمية تعزيز التراث الثقافي والأدبي من خلال الأفلام والمسرح، وتشمل إصدار الدوريات وغيرها من المواد المنشورة، وترويج الأنشطة السياحيّة في البلدين والاستثمار المشترك، ولم تغفل الأهداف التعليم وتحسين المهارات المهنية، والمجال الصحي والاستثمار في بنيته الأساسية، والتكنولوجيا والفضاء والاتصالات والذكاء الاصطناعي مع التركيز على البنية الأساسية والخدمات اللوجستية والمواصلات، والترويج السياحي والتصنيع المشترك.
نخلص بعد كل هذا إلى حقيقة أن الجمعية غطّت كل ما يخطر على البال في مجالات التعاون الثنائي البنّاء وتوظيفها على هيئة فعاليات وأنشطة لا تخدم أعضاءها فقط وإنما ترسخ مفاهيم جمعيّات الصداقة ودورها في المجتمعات وبما يوطد هذه العلاقات وربطها بالمصالح المشتركة وإضفاء المزيد مما يرسخ أهميتها وقيمتها، الأمر الذي يبعث على الارتياح والفخر بهذه الجمعية التي تعمل في سباق وتحدٍّ ضد عقارب الساعة لتحقيق أهدافها المشار إليها وتكريس دورها المجتمعي متحملة كل التبعات والجهد والوقت للارتقاء بهذه الصداقة لتلامس السحب في عليائها، تأطيرًا لطموحات البلدين والشعبين، ويتطلب ذلك من الجميع الاصطفاف خلف الجمعية تقديرًا وتفاعلًا مع أنشطتها.
هناك الكثير من جمعيات الصداقة بين سلطنة عُمان ودول العالم تعمل على رفد الجهود المبذولة في تطوير هذه العلاقات وتطويرها من خلال مؤسسات المجتمع المدني، إلا أن ما تقوم هذه الجمعية بقيادة ردينة الحجرية رئيس مجلس الإدارة والشيخة جواهر آل خليفة نائبة الرئيس وما تبذلانه من جهود كبيرة، عكس ماهية العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين ورفد طموحاتهما الميمّمة شطر المزيد من التقارب والتواصل والتعاضد والتكاتف وتوظيف جهودهما وعلاقاتهما لإنجاح فعاليات الجمعية مهما ارتفعت الأعباء المالية التي تترتب على إقامة الفعاليات باعتبار أن العائد أضخم وأكبر من كل المصروفات حتمًا.
ولعل التقدير الذي تحظى به الجمعية من القيادات العليا في الدولتين يعكس جدوى ما تبذله من جهود في أداء رسالتها، وما تجده من اهتمام ورعاية من الجهات الحكومية المختصة إزاء ما تضطلع به في ترجمة مجالات عملها لواقع معيش ومشاهد سواء في تنظيم الفعاليات المشتركة أو إقامة ليالٍ عُمانية في المنامة أو ليالٍ بحرينية في مسقط ومعارض في مجالات الفنون التشكيلية والاحتفالات بالأيام الوطنية والأمسيات وغيرها من الفعاليات التي أسهمت في المزيد من التبادل الثقافي والاجتماعي ودمجت الكثير من فئات المجتمع في البلدين في بانوراما من التعاون الذي يثلج الصدر وهو ما يستحق التقدير والثناء والتعاون من كل الجهات ذات الصلة وحتى تتسنى لها مواصلة السير على درب النجاح بدون كلل أو ملل.
في الواقع إن العمل المدني أيًّا كان في العالم هو جهدٌ تطوعيٌّ يجسّد وعي الأفراد بأهميته باعتبارها رديفًا للعمل الحكومي، ولذا نجد أن الذين يتصدرون العمل يبذلون تضحيات شخصية كبيرة لأجل سواد عيون الأهداف والطموحات النبيلة على كل المستويات. وهو أمر يجب أن يعيه الكل ويتفاعل معه بإيجابية يمليها حب الأوطان، ومن ثم الإيمان والقناعة بجدوى تنظيم هذه الجمعيات والإقرار بكفاءة الجهات والإجراءات التي تنظمها، بل والعمل وفق النظم المعمول بها واحترام نتائج ومخرجات هذه الجهود الخيرة والانضواء تحت مظلتها بشكل يسهم في رفد الجهود المبذولة لا لتعكير الأجواء التي لا تمت للعمل المدني بصلة.
وبالطبع الدور الذي تضطلع به الجمعية يتجاوز أهدافها لتحقيق أكبر قدر من العمل المشترك الذي يعزز زخم الصداقة العُمانية البحرينية لتقترن بالواقع المعيش تجسيدًا وتوطيدًا للعلاقات الأخوية الثنائية ومقاربة الطموحات الرسمية والشعبية بقرائن تدعم بلورة الصداقة بمفهومها الواسع وتقرن الأقوال بالأفعال.
لقد اطلعتُ على تقرير عمل الجمعية للسنوات الماضية وما تضمنه من أعمال كثيرة وموثّقة تبلور وتوضح الجهد المبذول في تحقيق تلك الآمال والإنجازات والطموحات.
نأمل أن تواصل الجمعية تحقيق تطلعاتها وتعزيز وجودها وتترجم آمال شعبي البلدين في كل المجالات وفق رؤيتها وفلسفتها الحكيمة الهادفة إلى رفد التعاون الرسمي والنهوض بالعمل المدني إلى ما يتطلع إليه الجميع، فالعلاقات بين الدول لا تقتصر على الحكومات والجهات الرسمية وإنما تمتد إلى مؤسسات المجتمع المدني كافة ويتعين أن تُتاح لها كل الفرص لتبدع كلٌّ في مجال عمله.