علي المطاعني يكتب: خزائن وما أدراك ما خزائن

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٦/مارس/٢٠٢٣ ١٢:٠٩ م
علي المطاعني يكتب: خزائن وما أدراك ما خزائن

بقلم: علي بن راشد المطاعني

كنت أسمع عن مدينة خزائن من على البعد ، لكن كما يقال ليس من سمع كمن رأى ، فالواقع دائما يميط اللثام عن أشياء مختلفة لم تخطر على البال قبلا وأصلا ، والعين توضح ماخفي وهو أعظم وبإعتبار أن ما تصوره يمثل كل الحقيقة وعندما تناهي إلينا نبأ زيارة ينظمها مجلس الخنجي لمدينة خزائن الإقتصادية يوم السبت الماضي كان لابد من إغتنام الفرصة أو السانحة لنقطع بها الشك باليقين وهذا ما حدث بالضبط .

وهناك وفي خزائن توصلنا ومنذ الوهلة الأولى لأس الحقيقة وهي تقول بلسان عربي مبين أنها تُعد من أكبر المدن الإقتصادية في السلطنة بعد المنطقة الاقتصاديه بالدقم على الاطلاق وتتوسط ثلاث محافظات على مسافات متساوية بين محافظة وأخرى وإذ المسافة حوالي ٦٠ كليومتر من وسط كل محافظة .

إحداثيات توفر لها موقعا إستراتيجيا يؤهلها للتربع على سلم الأولويات في ممارسة الأنشطة الإقتصادية المختلفة عبر ما تطرحه وتقدمه من مساحات كافية ومرافق متكاملة وفق أحدث المعطيات .

وبذلك يمكن ترشيح خزائن بإرتياح للنمو السريع لتغدو أحدث وأضخم وأعظم المدن الإقتصادية بالبلاد على الإطلاق ولعل توقيع 93 إتفاقية لإنشاء مشروعات في ظرف أربع سنوات بقيمة استثماريه 522 مليون دولار منها 300 مليون دولار إستثمارات أجنبية وعددها ١١ جنسية لهو خير دليل على تسارع النمو في هذه المدينة الإقتصادية الشماء التي تدار كليا من قبل القطاع الخاص في السلطنة، ويتوقع أن تكون نموذجا مثاليا للمناطق الإقتصادية التي تُبنى من قبل القطاع الخاص في المنطقة من الألف للياء كما يقال. 

  بلاشك أن خزائن كمدينة إقتصادية متكاملة فكرتها الرئيسية العمل والسكن والاستمتاع في مدينة متكامله قريبة من محافظة مسقط بل تعتبر من ضمن مسقط الكبري حسب الاستراتيجية العمرانية.

والمدينة بدأ التفكير فيها قبل عدة أعوام كانت على الورق فقط كطموح وأفكاروخطط ، ثم مالبثت وأن تبلورت ثم نهضت ثم سمقت في وقت وجيز إلى هذا الذي يثلج الصدر عندما نرى المشروعات تتسارع في الإنشاءات واحدة تلو الأخرى ، وتعمل الإدارة على ترسيخ مفهوم أنها لاتمنح الأرض للمستثمر فحسب وإنما تمضي معه على قدم وساق في التخطيط والرؤى وتوفر له المزايا والتسهيلات التي يحتاجها لتمكن المستثمر من تحقيق مشروعه والوصول الي اهدافه التجاريه، ولا تكتفي بذلك بل تواكب معه أي تطور كجزء لا يتجزأ من نمو المدينة ، وتمنح مدة عام فقط للمستثمرين لكي يبدأوا مشروعاتهم وإلا فإنها ستسحب الأرض عن المستثمر غير الجاد، في إشارة واضحة إلى أنها لا ترغب في أن ترى فراغات بين المشاريع واراضي فرغت محجوزه بل ان الهدف هو التطوير والبناء والنمو، ثم أنها لا تهمل أي مشروع كان في المدنية ايمانا منها بأن العمل المتكامل وفق المخطط المدروس بدقة والمعد سلفا هو السبيل الأوحد لتحقيق التطلعات .

ولعل أبرز المشروعات الوطنية في المدينه هو سوق خزائن المركزي للفواكه والخضروات حيث جاريا حاليا تشيد السوق كجزء من مدينة الغذاء، ويعد هذا السوق كمنصة دوليه لتجارة واستيراد وتصدير الخضروات والفواكه ومركزا رئيسيا للتوزيع واعادة التصدير. كما سيساهم السوق في رفع كفاءة سلاسل التبريد وسلاسل الامداد وتقليل الفاقد في منتجات الخضار والفواكه وفتح منافذ تسويقيه للمزارع العماني والشركات المحليه المنتجه.

ويعدالسوق من المشاريع المهمه في الاستراتيجية الوطنية الامن الغذاء وجهة رئيسية لاستقطاب الاستثمارات الاجنبية والمحليه في مجال الغذاء وبالاخص قطاع الخضروات والفواكة. 

ومن المتوقع ان تنتهي اعمال الانشاءات بالسوق في نهاية الربع الاول من ٢٠٢٤ م وتقدر التكلفة الاجماليهً للمشروع بحوالي ٤٠ مليون ريال عماني. 

يذكر ان مشروع السوق هو مشروع استثماري من قبل القطاع الخاص وهذا ما يتماشي مع رؤية عمان ٢٠٤٠ من تمكين القطاع الخاص في القايم بدوره التنموي ومساهمته في دفع عجلة التنمية الي الامام. 

كما أن ميناء خزائن البري يُعد أول ميناء بري في السلطنة وهو بمثابة بوابة لربط البضائع والسلع من موانئ العالم إلى ميناء خزائن ، ومن ثم توزيع البضائع على المستفيدين بأحدث الأنظمة في هذا المجال ، إضافة إلى وجود كل الجهات المعنية بالعمل الجمركي والزراعي وغيرها سوف يسهم في تحقيق الكثير من المكاسب ومن أهمها تقليل الهدر وكسب الوقت والجهد والمال في سلاسل التوريد التي يتطلبها أي نشاط ، وتوفير متطلبات التخرين على أحدث النظم ، فهذا الميناء سيفتح آفاقا واسعة للمستوردين وبما يساهم في تحقيق الإنتعاش المأمول في كل أسواق البلاد .

هذا فضلا عن تقسيم الأنشطة بالمدينة وفقا لطبيعتها إستثمارية للقطاعات الصناعية واللوجيستية والخدمية ومكاتب التسهيلات الإدارية والتجارية والسكنية للعمالة ، كلها نقاط حيوية من شأنها أن توفر ‏مناخا ملائما للمستثمرين وتقلل التكاليف اللوجيستية ومجالا أرحب لتوفير بيئة الأعمال التي تسهم في تسريع العمل وتجويده. 

ومن ضمن الضوابط والشروط في نوعية الصناعات المطلوبة التي تدخل فيها عوامل كثيرة تسهم في الحفاظ على البيئة وتقليل معدلات التلوث ، على ذلك فمن الطبيعي أن ترفض المشروعات التي لها انبعاثات كربونية ، وهو ما يعكس رؤية المدينة في التعاطي مع هذا الجانب الحيوي لتغدو المدينة صديقة للبيئة بنحو كامل .

بالطبع تجاوز التحديات والعراقيل التي تقف أمام مثل هذه المدن الإقتصادية العملاقة لم يكن سهلا ، لكن فريق العمل بالمدينة كان جادا للغاية إزاء التعاطي مع المتغيرات والصعوبات وتحويلها بأقصر الطرق الممكنة إلى حلول وفرص ، ومن حسن الطالع أن فريق خزائن الذين لا يتجاوز عددهم 15 فردا كلهم من الكوادر الوطنية، تدير كل الأعمال والأنشطة بنفسها خلافا لما هو واقع في مناطق أخرى ، فهذه النخبة من الشباب المميز والمتميز وحيث متوسط أعمارهم أقل من 30 عاما يفكرون خارج الصندوق بروح الفريق الواحد ويقبلون كل تحدي يواجهونه ‏ويتوصلون سريعا لعصب الإبداع بعيد المنال أصلا بسهولة ويسر ، الأمر الذي حول هذه المنطقة الجافة إلى مدينة إقتصادية تسابق الزمن في النمو والإزدهار . 

نأمل بل نتضرع لله عز وجل أن تكلل أعمالهم بالنجاح وتسهم المدينة في تحقيق الأماني والتطلعات المشروعة بإيجاد مدينة اقتصادية متكاملة كما خطط لها ، وتعمد لتحقيق قيمة مضافة عالية وقادرة على جذب المستثمرين لا بالدعوات والأمنيات ولكن بالمنجزات المبهرات خاطفات الأبصار ، مستفيدين مما يتوفر لها من مزايا وتسهيلات وموقعا متميزا يضم بين ثناياه كل الخيارات المطلوبة للمستثمرين .