بالحب.. يحيا الإنسان

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٧/يناير/٢٠٢٢ ١٩:٢١ م
بالحب.. يحيا الإنسان

بقلم: خالد عرابي

" .. ياه حدثنى عن الحب إنه شيء ربما يصنع الكثير، بل كما قيل يصنع المعجزات .. " ، وجدتني أردد هذا وأنا جالس أكتب بعض الأشياء، و ذلك لأنني وجدت أن ما أكتبه قد خرج بشكل جيد بل ممتاز، خرجت في صورة جميلة الكتابة فرعم أن المادة علمية، و الكتابة نثرية وليست قصيدة شعرية استخدم فيها الوزن أو القافية، ولكن ما كتبته كانت صورته النهائية في صورة حينما تأملتها بل وكل من تأملها معي شعر وكأنها مقطع من قصيدة .. بل وشعرت حينها ومع تفكيري العميق فيها و عند إعارة قراءتها و كأنها لوحة فنية مرسومة أطالع تفاصيلها، وهنا كان تفكيري الأعمق: لماذا خرجت هذا المادة المكتوبة هكذا و بتلك الصورة في حين أنني أحيانا أكتب قصيدة شعرية ما يعني أن هناك أدوات يمكن أن تزيينها من كلمات ووزن وقافية، ولكن كل كلماتها ووزنها و قافيتها، بل وحتى ناصيتها تخونني وتعصيني وتأبى أن تستجيب .. وهنا وجدت السبب والسر الكامن وراء ذلك وهو أنني وبينما كنت أكتب تلك القطعة، كنت أكتب بدون توقف وبتركيز عال بل الأهم أنني كلما كتبت مجموعة كلمات أو سطور أجدني فجأة ضغطت بأصبعي السبابةعلى الحرف الأخير و بقوة عالية، كما أجدني رفعت يدي عالية من على لوحة المفاتيح، صدقوني وكأنني أحاكي الفنان الكبير عمر خيرت وهو يعزف على البيانو "فيها حاجة حلوة، أو قضية عمي أحمد، أو ضمير أبلة حكمت أو .. " ، صحيح كانت تخرج كحركة تلقائية مني ولكن فلربما أخذتها عنه لأنني أعشق هذا الفنان و فنه كما أعشق هذه الحركة منه وأشعر أنه يفعلها بحب وعشق شديد لآلة البيانو و لما يفعل، فتخرج عنه الموسيقى والألحان التي تلهب عواطف و مشاعر جمهوره وتذيبهم عشقا لموسيقاه فيقولون زيدنا عشقا يا خيرت.. " .

هكذا كنت أشعر وأنا أكتب وهنا تأكدت من أن السر هو حب ما تفعل، فالواحد منا حينما يحب ما يفعل أي كان هذا الشىء الذي يؤديه - وهنا لا أقصد الكتابة فحسب- فإن الأشياء تخرج جميلة ومتميزة بل ورائعة وعبقرية أحيانا .. فالحب لفعل الشيء يمكن أن تجعله و تقيسه على أي شيء تفعله في الحياة، كحب العمل .. حب التسلية .. حب المرح .. حب الخروج في عطلة نهاية الأسبوع .. حب السفر .. حب الحديث أو المزاح مع زوجتك .. حب اللعب مع أبناءك .. حب المذاكرة عند الطالب .. وهكذا فقس علي كل هذه النماذج والتي لو تأملنا لثوان في عكس ما قلت وطبقت على نماذج من تلك الأخيرة وقلت مثلا أن هناك طالب يذاكر وهو غير محب للمذاكرة صدقوني عندها لا يمكن أن يحصّل جيدا بل ومن الصعب أن يستوعب ما يذاكر ويقرأ فلربما يقرأ ويذاكر ولا يخرج من تلك المذاكرة حتى ولو بكلمة واحدة لأنه داخليا غير مستعد وغير مركز، وهذا لأنه غير محب لما يفعل.. ولو قسنا على الخروج في عطلة نهاية الأسبوع مثلا ، فلو أنك خارج مع أسرتك وأولادك وأنت مستعد نفسيا لذلك ومحب لهذا الخروج ستجد نفسك تجري مع أطفالك وتضحك وتمرح وتلعب معهم بل وقد ترقص في منتصف المجمع التجاري وكأنك طفل صغير مثلهم، و دون أن تفكر فيمن يمر بجوارك أو من قد يراك، تفعل هذا لأنك في "موود" وحالة غير، وهي حالة المحب لما يفعل.. بينما على العكس تماما لو أنك خرجت معهم وأنت غير مستعد للخروج معهم أو محب لذلك، أو أنك مشغول بشيء أخر هم أخذوك منه أو كان لديك عمل في البيت وعطلوك عنه مثلا، فلن تكون "خروجة " بل قد تكون وبالا و "نكد" عليهم، فستكون أنت معهم "رخم " و"رذيل" و"تبت" بل و"ستعكنن" أي تضييق عليهم.. لذا فعلينا جميعا أن نفعل كل شيء بحب لأنه بالحب يحيا الإنسان.. وبه نصنع المعجزات.