بقلم: خالد عرابي
قال الشاعر بشار بن برد في إحدى قصائده قبل أكثر من 1300 عاما، ولد وعاش بالبصرة (96 – 168 هـ): " والعين تعشق قبل القلب أحيانا" .. و ذلك في أبسط المعاني أن العين هي أول الطريق إلى الحب أي أن هناك واقع حقيقي وهو الحب من النظرة أو حتى من أول نظرة بأنك تحب أنسان لأنك رأيته و دون أن تعرف عنه الكثير ولا حتى عن تفاصيل حياته ولا حتى أهم الأسايات مثل من هو؟ وماذا يعمل؟ وما هو مستواه الثقافي التعليمي الاقتصادي الاجتماعي و غيرها من المستويات التي لو نظرنا لها بالعقل والمنطق فإنه يجب مراعاتها وهي تصنع فرقا حقيقيا، و لكن حينما نتحدث عن الحب فإنه يلغي كل تلك النظريات وكل تلك القصص و الحواديت التي ما أنزل في الحب بها من سلطان .. فحقا حينما يأتي الحب فإنه يلغي كل الفواصل والحواجز وحتى المسافات، والجميع يسمع ويعرف لغة واحدة إنها لغة "التسبيل و التوهان" ، أي الغرق في الحب ، " لغة السباحة في العيون" فأنت / أنت لن ترين سوى جمال عينيها و ورد خديها و بريق شفتيها و لمسة يديها وهكذا.. أنت تحبها دون أن تعرف عنها شيئا، قد يكون ذلك صحيح في قوانين الحب و قد يكون خطأ في الواقع و لكنه هذا هو الواقع الذي أتصور أن أي فرد يحب حقيقة لا يستطيع أن يغيره و لذا فلو أن هذا و من وجهة نظري ليس بصحيح لما وجدنا أن هناك الكثير من الزيجات الغير متكافئة كأن نجد أن هناك فقير معدم متزوج من غنية ثرية، أو قبيح بغام متزوج من "ليدي" وملكة جمال، أو قصير متزوج من غزال شارد وطويلة تمشي الهوين كما يمشي الوجي الوحل، و طبيبة تتزوج من سباك أو ميكانيكي أو فتاة في العشرينات تتزوج من هرم في الخمسينات، أو مسن عجوز في الخمسينات متزوج من عروس في العشرينات أو أعزب لم يدخل حياة أو كما يقال أول مره سيدخل دنيا وأول مرة سيجرب حياة الأزواج و متزوج من (سائب) سبق لها دخول الحياة مرات وهكذا ..
غير أن الجديد وما سمعته مؤخرا هو أن الرجل يحب بأنفه وعينه .. بينما تحب المرأة بأذنها وعينها .. وهنا دعني أتوقف لكي أحلل وأناقش وبالمنطق والعقل إن كان هذا صحيح أم لا؟
لو توقفت عند الجزء الأول وهو الرجل وأن حبه يكون من خلال الأنف والعين فربما يكون هذا صحيح بشكل كبير فالرجل ما أن يشتم رائحة جميلة من المرأة وما إن يسمع منها بعض الكلمات الرقيقة الناعمة إلا وتجده قد "ذاب في عرامها" وتجده "سلم النمر" و هات يا "دوبان في الحب" .. والدليل على ذلك أننا نجد بعض الرجال ما أن يشتم بعض البرفنات (العطور) النفاذه التي تفننت شركات العطور العالمية في صناعتها إلا وتجده يضرب أنفه يمينا ويسارا يتشمم من أين تلك الرائحة ويتتبعها كما لكلاب البوليسية .. أما حينما نتحدث عن "بالعين " فلأن الرجل يجري بنسب كييرة خلف المرأة الجميلة وإن لم تكن فوراء المرأة المتغيرة المهتمة بنفسها التي تظهر له في ألف شكل ولون، وإن كان هو في قرارة نفسه وعند التفكير بالمنطق والعقل يريد الفتاة الأكثر حشمة و وقارا، المنغلقة، الغير منفتحة ولا متفتحة كثيرا ولكن عند الحب والعواطف فهو أيضا لا يملك ولا يتحكم في نفسه ولا في عواطفه ..
وأما عند الحديث عن المرأة وحبها من خلال الأنف والعين فهنا أقول أن ذلك فيه كثير من الصحة أيضا، فالمرأة تحتاج لمن يقنعها ويلعب في دماغها لا في أماكن أخرى .. المرأة تريد من يلعب في أذنيها لا أصابعها مثلا بمعنى أنه لو أنك "حكاء" ولد "ميكانيكي بق" واستطعت أنك "تستلم ودان البنت بتاعتك و هات يا لعب فيهم بمعنى أنك قدرت تهرش دماغها و تآكل بعقلها حلاوة كما يقال وأن تقنعها بك فإنها ستحبك وترتبط بك وعندها لن يفرقكما مفرق " .
لكن الخلاصة وما يمكن أن نقوله أن هناك الكثير من الناس سواء كانوا رجالا أو نساءا فهم في بعض الأحيان " جبلات وحلاليف" بمعنى أناس ليس لديهم أية مشاعر ولا أحاسيس وهم يفتقدون ما يجب أن يملكه البشر ولو بقدر ضئيل، فهم أناس مهما أن تحدث لهم الطرف الآخر من مشاعر وأحاسيس و حب فهم لا يشعرون و هم لا يفهمون لغة الحب و إنما يعرفون لغة واحدة هي لغة المصالح .. و هنا أنصح الطرف الآخر ممن يلتقي بهؤلاء بأن يغض الطرف عنهم و ألا يستنفذ وقته وجهده فيما لا يفيد .. وهنا أقول لهؤلاء بكل بساطة: إن من يحب يستجيب للطرف الآخر بكل سهولة و يسر بدليل أننا قلنا أن هناك من يحب طرفا من قبل أن يعرف عنه أي شيء، و قد يلمح و قد يصرح له بكل ما لديه من مشاعر و حب، بينما من يماطل ويجادل فصدقوني إنه لا يحب ولذا فأنصح الجميع بأن يكونوا محددين في الأمور وأن يصدقوا مع أنفسهم ومع الأخرين وألا يضيعوا لا وقت ولا جهد الآخرين وخاصة الفتيات فهذا أفضل لهم و هو تجنب لحرام بين.