آثام قد لا تُمحى

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٧/يونيو/٢٠٢١ ٠٨:٢٨ ص
آثام قد لا تُمحى

بقلم :محمد الرواس 

«إن الآثام التي يأتي بها الإنسان في حياته غالباً ما تذكر بعد وفاته، ولكن أعماله الحميدة تدفن كما يدفن جسده وتنسى»

وليام شكسبير

سمعت يوماً أحد الأباء ينصح أبنه قائلاً : هل يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي شريكة في جريمة أخلاقية سواء بالقول أو بالكلمة في هذا الفضاء المفتوح للجميع حيث المجال مفسوح أن يكتب الفرد وينشر ما يريد ؟ واردف الأب قائلاً لقد استمعت لأستاذي يوماً وهو يقول باحدى محاضراته : ليس المجرم بالذي يسلب أموال الناس ويزهق أرواح الآخريين، لكنه يمكن أن يكون ممن يرتكب ذنوب وأثام صغيرة وكبيرة دون أن يلمس الضحية ، وعندما انظر بالعين التي ينظر اليها قاضي العدالة قبل حكمه في بعض الجرائم الأخلاقية أجد أن الشريك في بعض القضايا الأخلاقية هذه الأيام هي وسائل التواصل الاجتماعي حيث لم يتعهد الجاني نفسه بتربيها منذ أن عرف ( السوشل ميديا ) بل كان كثيراً ما يتركها تنساق وراء الأفكار والأراء المغلوطة والسلبية والمنحرفة ، فينتصر لظالم هنا ، ويقسوعلى مظلوم هناك ، وينقل إشاعة دون التمحص من صدقها فيتهم فلان من حيث يدري أو لا يدري بسوء ، ويهلل لمغرد أعجبه كلامه ومنطقه ونسى قول الله تعالى في محكم التنزيل مخاطباً النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم حين حذر من اتباع اصحاب القول الخاطي بسب انه ذو منطق ويملك ميزات خلقية وتعبيرية جميلة « وإن يقُولُوا تسمع لقولِهِم كأنَّهُم خُشُبٌ مُسنَّدة « فأولئك يشبهون اليوم ممن يتعهد بنقل الاخبار والتغريدات دون تفحص ودون دليل أو برهان ، بينما الضحية هناك يذرف دموع الحزن ، وتعلو صدره زفرات الألم والأهات ، ولو علم الجاني ما فعلت يداه عندما استخدم مفاتيح كتابة الرسائل لما ارسل ما ارسل جزافاً دون تحقق .

وسائل التواصل الاجتماعي قد تصبح شريكك في جناية إنسانية اغرتها بك نفسك حين كنت تمسك بجهازك فاستحللت أمر لا يصح النقل فيه ، ومهد لك الآخرون سبل الغواية ، وكثيراً ما نرى أنفسنا على صواب بينما نظلم بعبارتنا أناس غير مذنبون ، نعم ، قد تكون شريكتك في فعلتك تلك نفسك الأمارة بالسوء فاحذر منها ، وقد تكون مشاركتك بسلسلة أفكار سامة لا تعلم عن حقيقتها شيأ سوء عاقبة لك فتدعو الي رواجها فتكتسب أثم ، وقد تكون هناك تهمة ظالمة لشخص كان الاجدر بك ان تحذفها لما وصلت اليك لكنك اعدت ارسالها بل ساعدت على نشرها فاحذر بني.

كان الأجدر بعقلك ان يلهمك الصواب فيدعوك الي تهذيب نفسك ، فتغلق أبواب الشرعنها ، كان لعقلك أن يحول بينك وبين الخُشُب المسندة الذين اذا سمعت وقرأت كلامهم ومنطقهم يعجبك قولهم واحلامهم ، ولو علمت اشباح عقولهم لما ركنت اليهم ابداً فيما يقولون.

كان الاولى بك عبر تواصلك الاجتماعي أن تنشر الكلمة الطيبة ، والقول الحسن وتتعلم كيف تهذب نفسك عند تعاملك مع الآخريين ، لكنك اغفلت أمر نفسك فنام ضميرك ، ولم يستيقظ الا على صراخ مظلوم كنت ممن ساهم في حزنه من حيث تدري أو لا تدرى.

شمر ساعدك الأن لتضيء بصيرتك وتهذب نفسك عن كل أثم عمدت اليه سواء بقصد أو بغير قصد في عالم (السوشل ميديا) هذا ولا تكن شريكاً ابداً بأثام تجعل منك يوماً ممن يستحق العقوبة.. فيا أيها المسكين أرحم نفسك.