
د. المعمري: يأتي هذا الإعلان استمرار وترسيخا لجهود السلطنة في تعزيز ثقافة السلام والتآلف وترسيخ مبادئ الاخلاق والوئام والقيم الإنسانية
الجابري: هذا الإعلان يسارع إلى دق ناقوس الخطر حول ارتفاع مستوى التناهض ومستوى الأفعال المرتكبة على كوكب الأرض
مسقط - خالد عرابي
نظمت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أمس مؤتمرا صحفيا بفندق دبليو مسقط للكشف عن احتفالها باليوم العالمي للتسامح 2020 (المؤتلف الإنساني) والذي تنظمه بالتعاون مع وزارات: (الخارجية، الإعلام، والصحة). وستبدأ أعمال الاحتفال باليوم العالمي للتسامح 2020 يومي 16 و17 نوفمبر الحالي استمرارا وترسيخا لجهود السلطنة في تعزيز ثقافة السلام والتآلف وترسيخ مبادئ الأخلاق والوئام والقيم الإنسانية وتم خلال المؤتمر الإعلان عن مشروع "إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني" الذي نظمته السلطنة خلال احتفال أممي بالشراكة مع منظمات دولية بينها الأمم المتحدة، ليقام هذا العام 2020 في السلطنة.
ويركز مشروع الإعلان على ثلاثة موجهات أساسية متعلقة بالسلوك البشري الفردي تتمثل في تعزيز ثقافة السلام والتفاهم واحترام الحياة وتقديرها، وطمأنة الناس بالحفاظ على هوياتهم وحياتهم الخاصة وتعميق قيم الشراكة المجتمعية والقيم الاجتماعية. أما موجهات المشروع فإنها تبتعد عن التصنيفات والاختلافات الطبيعية بين البشر كالدين واللغة والثقافة والهوية، ويركز على فطرة الإنسان السوية دون النظر إلى أي اعتبار آخر، لتكون بؤرة التركيز على المؤتلف الإنساني والمشتركات الإنسانية والقيم المشتركة.
مشروع وطني عالمي
وقال سعادة علي بن خلفان الجابري، وكيل وزارة الإعلام: يسرنا أن نلتقي اليوم على صعيد هذا المشروع الوطني العالمي الإنساني ونحن نستعد لانطلاق نسخة أخرى من نسخ هذا المشروع ستبدأ فعالياتها هنا في مسقط بتاريخ 16 من نوفمبر الجاري سيرا على نهج وزارة الأوقاف والشؤون الدينية في الاعتناء بإعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني، هذا المشروع الحيوي الذي شهد نجاحا كبيرا بانعقاد نسخته الأولى بجمهورية أندونيسيا وتشرفت أيضا بأن أكون ضمن حضور تلك النسخة ليتأكد اليوم في قادم الأيام أصالة هذا التوجه ويتأكد النهج الإنساني الذي طرق منه والذي أكدته أيضا الأيام القليلة الماضية فيما شهده العالم- وأقول العالم لأن أي تجاهل وأي أخطاء ترتكب وتنال فعل ورد فعل تصنف ضمن الأعمال الارهابية هي أحداث تتقاطع في الحقيقة مع النظرة الإنسانية والإئتلاف الإنساني الذي يجب أن يجمع هذا العالم، وربما الإشارة هنا إلى ما حدث في أوروبا وفرنسا والنمسا وبعض البلدان من فعل ورد فعل وكان يجب على الجميع أن يترفع عنه، وعلى الجميع أن ينظر إلى الجانب الإنساني قبل الإقدام على أي عمل أو ردة فعل من كل الأطراف.. هذا المؤتلف الإنساني وهذا الإعلان هو تنبأ في الحقيقة بمثل هذه الأحداث وهو يسارع إلى دق ناقوس الخطر إلى ارتفاع مستوى التناهض ومستوى الأفعال المرتكبة على كوكب الأرض، وما يزيد الأمور تعقيدا هي الصحافة والإعلام بكل تفرعاته، حيث أصبح ينقل كل ما يدور من حولنا في كل مكان، كما أصبح للأسف جزءا من هذا الإعلام يسيره مجموعة من غير المختصين ولذلك ما يصل لنا من خبر أو صورة أو بأي وسيلة من وسائل النقل أحيانا لا تكون أمينة بدرجة كبيرة، لأن غير التخصص يفقد هذه الرسالة جزءا من أصالتها، ولذلك وفي هذا المؤتمر نؤكد على أهمية دور الإعلام، ونؤكد على أصالة الكلمة، وضرورة أن تلتزم بمصداقية كبيرة وكذلك الصورة التي نعول عليها الكثير في النقل واليوم في هذا العالم وفي وجود هذه الوسائل أصبحت المسؤولية كبيرة وعلينا جميعا كإعلاميين وعلى الطرف الآخر تحمل هذه المسؤولية لأن ما يعانيه العالم من خسائر لاحقه من عملية عدم انضباط الرسالة الإعلامية سيؤثر ليس فقط على مسار الكراهية التي تتنامي - للأسف- في العالم ولكن على مسارات أخرى في وقت يسعى فيه العالم إلى التكامل وإلى أصالة التواصل وتبادل المنافع، وأعتقد أن ارتفاع حدة وردة الفعل وعدم الأمانة في نقل ما يجري سيؤدي إلى تعطيل هذه المسيرة الإنسانية.
ثلاثة أبعاد ضرورية
وقال سعادة الدكتور محمد بن سعيد المعمري، وكيل وزارة الأوقاف و الشؤون الدينية: لقد تم الإعلان عن مشروع "إعلان السلطان قابوس للمؤلف الإنساني" خلال احتفال أممي نظمته السلطنة بالشراكة مع منظمات دولية بينها الأمم المتحدة. ويقوم المشروع على ثلاثة مرتكزات: هي العقل والعدل والأخلاق. ويقترح من خلاله منهج عمل يُقدَّم للعالم «ليعينه على النهوض من جديد واستشراف حياة متوازنة، يعيش فيها الناس على أساس من الكرامة والحقوق الأساسية والأمان النفسي. وأضاف سعادته قائلا: تتمثل دوافعه الأساسية في الاضطراب الحاصل في العالم بدءا بمشكلات الفقر وحقوق الإنسان وضحايا الصراعات والحروب والتداعي الاقتصادي عبر التدافع الشرس بين الرأسمالية والشمولية والديمقراطية، إضافة إلى اضطراب المفاهيم القيمية والأخلاقية بفعل الانفتاح التكنولوجي الأمر الذي دفع إلى التفكير بعمق في مآلات العلاقات الإنسانية بشكل عام وشكل تلك العلاقات وماهيتها في المستقبل القريب أو البعيد.
وقال: يضع مشروع الإعلان ثلاثة أبعاد ضرورية لإعادة التوازن للعالم الذي نعيشه اليوم. يتمثل البعد الأول في تحسين حياة البشر عبر تحقيق المستوى الأساسي من الكرامة والحقوق والحفاظ على اللحمة الإنسانية من الفناء والاندثار، أما البعد الثاني فيعتمد على أساس اعتماد منظومة أخلاقية عالمية تدفع بالناس قدما إلى توحيد التزاماتهم وجهودهم نحو حماية الإنسان والأرض وتحقيق السلام والتعايش والتفاهم. وأنَّ الاختلافات الدينية والثقافية والإيديولوجية لا تمنع، وليست عائقا، عن الإيمان بوجودنا ضمن أرضية مشتركة وقيم متحدة سواء انطلقت من أسس دينية أو غير دينية. أما البعد الثالث في هذا المشروع فيتمثل في رعاية القيم الروحية للإنسان عبر استنهاضها مع إعمال العقل والمنطق والفلسفة وعلم الكلام.
وأكد المعمري على أن مشروع الإعلان يركز على ثلاثة موجهات استراتيجية تتعلق بالسلوك البشري الفردي تتمثل في تعزيز ثقافة السلام والتفاهم واحترام الحياة وتقديرها، وطمأنة الناس بالحفاظ على هوياتهم وحياتهم الخاصة وتعميق قيم الشراكة المجتمعية والقيم الاجتماعية.. كما أكد على أن موجهات مشروع إعلان السلطان قابوس للمؤلف الإنساني فإنها تبتعد عن التصنيفات والاختلافات الطبيعية بين البشر كالدين واللغة والثقافة والهوية، ويركز على فطرة الإنسان السوية دون النظر إلى أي اعتبار آخر، لتكون بؤرة التركيز على المؤتلف الإنساني والمشتركات الإنسانية والقيم المشتركة.
وأشار إلى أن المشروع يخاطب الإنسانية جمعاء بكل أبهدا الإنسانية بعيدا عن كل التصنيفات الطبيعية، وأيضا لا يهدف إلى إلغاء تلك الاختلافات بين البشر أو ذوبانها في نمط واحد، بل يسعى إلى تحقيق التكامل بينها في ظل التنوع البشري والتعاون الإنساني والوصول إلى إيجاد العلاقات المتوازنة والقائمة على تحقيق المصالح المشتركة مع الاحترام المتبادل والتقدير للقيم والثوابت التي يؤمن بها أصحابها، وهذا ما يخلصنا جميعا من كل صور التطرف والعدوان والعنف وخطاب الكراهية.
وأكد سعادة الدكتور محمد المعمري على المشروع في هذا العام يحتوي على عدة منها: مسارات تحويلية وإجراءات معجلة: فيما يتعلق بتحقيق تنمية مستدامة من خلال إعلان (مشروع السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني – التعارف بقيم إنسانية مشتركة)
في 2019م، أطلقت سلطنة عمان ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مشروع "إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني – التعارف بقيم إنسانية مشتركة"، داعية العالم لتبني نظام أخلاقي عالمي يعزز التفاهم المشترك والتعايش السلمي.
هذا الإعلان هو خطوة أولية مهمة نحو تحديد المعتقدات المشتركة ومد الجسور على الفجوات الثقافية، وهو أمر ضروري للسلام، والأمن، والتنمية. إضافة إلى ذلك، فإن المشروع يهدف إلى توفير الإطار العملي اللازم للتعاون الدولي نحو تمكين جميع البشر والمجتمعات ورفع مستوياتهم لتحقيق أهدافهم وتطلعاتهم.
في الأشهر الأخيرة الماضية، شهد العالم عددا من الأحداث العالمية التي ستؤثر على النظام العالمي بشكل جذري. أحداث 2020م، بما في ذلك الوباء الصحي العالمي، ووباء الكراهية الممنهجة، أعادت توجيه الطريقة التي ينظر بها الأفراد والحكومات إلى علاقاتهم مع بعضهم البعض وبقية العالم. لقد كشفت الأزمة الحالية عن الحاجة الملحة لتجديد الالتزام بالتعاون الدولي والنظام المتعدد الأطراف وإظهار التضامن الإنساني مع الآخر من أجل سلام مستدام ومجتمعات يسودها الأتلاف الداخلي والوئام والتفاهم.
مع بقاء عقد واحد فقط لتحقيق خطة 2030 وأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، وإذا إن الدول في طريقها لتحقيق أهداف الإطار العملي، وبالرغم من إحراز تقدم نحو بعض الأهداف، إلا أن التقدم لا يزال بطيئا ومتفاوتا مما يتطلب اعتماد تشريعات مبتكرة وتحويلية لتسريع التنفيذ والإجراءات المنصوص عليها في خطة عام 2030م، بما يضمن عدم تخلف أحد عن الركب.
سيتم عقد طاولة مستديرة افتراضية مع ممثلين رفيعي المستوى من المجتمع المدني لمناقشة كيف تعكس المبادرة العمانية الاحتياجات الملحة لأزمة اليوم، عاملة كآلية للتصدي بشكل إيجابي للقضايا التي تؤثر على المجتمع الدولي من أجل تطوير مجتمعات مسالمة ومتسامحة ومتفاهمة. إن وجود نهج مجتمعي متكامل أمر ضروري للنهوض بمجموعة من المبادئ العالمية التي ستستمر مع مرور الزمن.
دعا الإعلان الوزاري للمنتدى السياسي الرفيع المستوى لهذا العام الممثلين الدوليين إلى تبني إجراءات ومبادرات مماثلة لإعلان سلطنة عمان "إعلان السلطان قابوس للمؤتلف الإنساني"، وعلى هذا النحو، ستكون هذه المناقشة فرصة ليس فقط لتبادل أفضل الممارسات ولكن أيضا لكيفية تعاون منظمات المجتمع المدني والحكومة في تنفيذ مثل هذه المبادرات.
المؤتلف الانساني والشباب
وأكد د. المعمري على أن المحور الثاني فسيكون حول تعزيز المؤتلف الانساني من خلال تمكين الشباب، حيث يعتبر عالم اليوم موطنا لأكبر جيل للشباب في تاريخه، حيث تبلغ نسبة من تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات إلى 24 سنة في العالم أكثر من 50% من مجموع سكانه، ويقدر بأن 600 مليون منهم يعيشون في ظروف هشة ومتأثرة بالأزمات. يعد الشباب القلب النابض للتغير التحويلي ويتمتعون بالقدرة على الإبداع الإيجابي بطرق تهم المجتمع العالمي منها الوقاية.
في 2015م، تبنى مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة أول قرار من نوعه يعنى بالشباب، القرار 2250 لم يعترف بالدور المهم للشباب في الحفاظ والترويج للسلم والأمن العالميين فحسب، بل كان لحظة تاريخية كذلك، حيث أجمع المجتمع الدولي حينها رسميا على الاعتراف بالشباب كعامل تغيير مهم لبناء السلام. وبعد ثلاث سنوات، أدى تبني المجلس نفسه للقرار 2419 إلى تعزيز هذه الأجندة من خلال التأكيد على دور الشباب في العملية السياسية ومطالبة الأمين العام بإعداد تقرير التنفيذ - وهي المحاولة الأولى لجمع البيانات وتقييم تقدم الأمم المتحدة في أجندة الشباب والسلام والأمن.
يحدد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لهذا العام حول الشباب، والسلم، والأمن (S/2020/167) كيف يروج الشباب لمجتمعات تتمتع بمزيد من السلام والتسامح والشمولية والاستقرار "بممارسة التأثير على صناع القرار على الصعيد المحلي والصعيدين الوطني والعالمي من خلال النقاش العام والحوار ونشر رسائل السلام ومواجهة الحملات المضللة، سواء في منصات التواصل الاجتماعي أو اللقاءات المباشرة"٤، وفي الوقت ذاته، يواجه الشباب العديد من الصعوبات في تحقيق إمكاناتهم كصناع للتغيير. يسلط التقرير الضوء على التحديات التي يواجهها الشباب جراء "العولمة، والعنف، والتحولات الديموغرافية، وعدم المساواة، والتقنيات الجديدة، والتهجير القسري، وتقلص الحيز المدني، وتغير أسواق العمل، وتغير المناخ"٥. تنبع العواقب السلبية لهذه الاتجاهات من مسألتين أساسيتين يمكن حلهما: تفاوت الفرص والمشاركة ودوره في معدلات البطالة المرتفعة، واستبعاد الشباب من عمليات صنع القرار. ونظرا للعوائق العديدة التي غالبا ما تعيق المساهمات الكبيرة من الشباب – جماعات وأفرادا-، فمن الأهمية بمكان أن يعمل المجتمع الدولي بشكل استباقي لتمكين الشباب من تحقيق إمكاناتهم الكاملة كقوى إيجابية لتعزيز السلام ومنع الصراع.
احتفالا باليوم العالمي للتسامح، سيتم تنظيم لقاء لمدة ساعة واحدة بين الشباب وغيرهم من أصحاب المصلحة المعنيين من أجل:
١) تعزيز التفاهم والمساهمة التي يمكن أن يقدمها الشباب نحو المزيد من الترسيخ للتسامح وللحوار، ٢) تحديد وفهم الإستراتيجيات التي يقودها الشباب والتي تعزز التفاهم المتبادل بين الثقافات والشعوب.
٣) توفير السبل لاستكشاف كيفية ترجمة أفضل الممارسات في سياقات مختلفة، والتعلم من التحديات، ووضع توصيات ملموسة حول كيفية قيام الدول الأعضاء والأمم المتحدة والمجتمع المدني بدعم الشباب في إحداث تغيير إيجابي.