مسقط - الشبيبة
ضمن سلسلة المشاريع البحثية التي ينفذها مركز الدراسات العمانية للعام 2021، بدء مشروع دراسة لغة الهوبيوت في محافظة ظفار أحد لغات جنوب شبة الجزيرة العربية، والذي يعمل عليه باحث من جامعة السوربون الفرنسية يستضيفه مركز الدراسات العمانية ضمن توجهات المركز لاستقطاب الخبراء من داخل السلطنة وخارجها.
ويشكل هذا المشروع جزءًا من مشروع علمي واسع أطلق عليه "الماس" تحت إشراف المركز الفرنسي للأبحاث في شبه الجزيرة العربية وبالتعاون مع مركز الدراسات العمانية بالجامعة، والذي يهدف إلى دراسة لغات جنوب شبه الجزيرة العربية، إذ تعد لغة الهوبيوت من اللغات التي ينحصر انتشارها في منقطة حدودية ضيقة بين سلطنة عمان والجمهورية اليمنية، وعلى الرغم من أهيمتها اللغوية في سياق مجموعة لغات جنوب شبة الجزيرة العربية كاللغة الشحرية، الجبالية، المهرية، الحرسوسية، والبطحرية، إلا أن هذه اللغة لم تلقَ اهتمامًا كبيرًا من قبل الباحثين ولم يتم تدوينها بعد. إضافة إلى قلة المتحدثين بها شفهيا دون كتابتها، وهو ما جعلها ضمن اللغات المهددة بالانقراض حسب ما ورد في أطلس اليونسكو للغات العالم المهددة بالاندثار (نسخة 2010).
وتشير الأدبيات إلى تسجيل غياب كلمة "هوبيوت" في مصنّفات المؤرخين العربيّة. ويعتبر المستشرق البريطاني توماس جونستون صاحب السّبق في الإشارة باقتضاب إلى وجود لغة أو لهجة تسمّى "الهوبيوت" في توطئة معجمه اللغة الجبالية سنة 1981. أما على مستوى البحوث فتوجد أوراق علمية قدمت في ملتقيات لا ترقى إلى مستوى البحث الدقيق في الهوبيوت، واقتصر الباحثون فيها في الغالب على بعض الظواهر اللّغويّة العامة للهوبيوت. وبشكل عام يظهر مسح الأدبيات افتقار المكتبة العربية للدراسات التي تعنى بهذه اللغة وما وجد يحتاج للتدقيق والتمحيص.
وجاءت فكرة هذا المشروع ليشكل دراسة لغويّة شاملة على المستوى الصوتي والصرفي والتركيبي للهوبيوت، بمقاربة موضوعيّة ومنهج علميّ، يسعى إلى الإضافة والدقّة. من خلال المدخل اللغوي وتركيبة لغة الهوبيوت من أجل فك ألغاز نحوية لم تُفهم بعد في مجموعة اللّغات الجنوبيّة خاصّة واللّغات السامية عامة، ولا يمكن الوصول إليها إلاّ بالبحث الميداني المكثّف.
إذ يتم الاعتماد خلال البحث على المقابلات والاستماع إلى النّاس في حياتهم اليوميّة الخاصّة والعامة. وذلك بالتزامن مع جمع مادّة بحثيّة متنوّعة بلغة الهوبيوت من أشعار وقصص شعبيّة وروايات عن العادات والتقاليد والصيد والزراعة. وفي مرحلة لاحقة يتم كتابة المادّة المتوفّرة صوتيًا، وتتم ترجمتها إلى اللّغة العربيّة ومنها إلى الفرنسيّة. ثمّ تكون المقاربة اللّغويّة الدقيقة، إذ سيعمل الباحث على تحليل المادّة صوتيا وصرفيا وتركيبيا على ضوء ما يتم الحصول عليه من تكوين في علم اللغويات الحديث.
من جانبه أفاد الدكتور أحمد الربعاني مدير مركز الدراسات العمانية بأهمية هذا المشروع كإضافة نوعية في مجال الدراسات التي تعنى بالتراث الثقافي العماني، إذ تفتقر المكتبة العمانية والعربية والعالمية لمثل هذه الدراسات التي تستدعي توجيه الباحثين من داخل السلطنة وخارجها للاهتمام بدراسة هذه اللغة لما تمثله من قيمة علمية وفكرية ووطنية. ودعا كافة الجهات والمهتمين بهذه اللغة للمشاركة في إنجاح هذا المشروع الذي يتكامل مع مشروع آخر نفذه مركز الدراسات العمانية تمثل في إصدار معجم لسان ظفار الحميري المعاصر دراسة معجمية مقارنة.