نحو نظام وطني للقيمة المحليّة المُضافة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٢/يناير/٢٠٢١ ٠٩:٠٤ ص
نحو نظام وطني للقيمة المحليّة المُضافة

بقلم: علي المطاعني ..



يتزايد الاهتمام بالقيمة المحليّة المُضافة في السلطنة يوما بعد يوم، وذلك ما تمثله من أهميّة في تحديد ما يُنفق في الجوانب المختلفة في العديد من المجالات داخل البلاد أو تدوير المبالغ في الأسواق، بل إنّ القيمة المحليّة المُضافة تُعرف بأنّها إجمالي المبالغ التي تُصرف داخل الدولة لتطوير الأعمال وتطوير الموارد البشرية، وتحفيز الإنتاجية في الاقتصاد، بما يفتح آفاقًا واسعة أمام الآخرين لبدء أعمالهم، وتحريك الأسواق المحليّة وإنماء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتمكين، وإشراك المجتمع في المشروعات التنمويّة، الأمر الذي يضفي أهميّة على تنظيم القيمة المحليّة المُضافة ووضع مواصفات لها من خلال إنشاء هيئة وطنيّة للعقود والمشتريات وفقا للتوجهات المُتعلقة بالقيمة المُضافة، تكون مهمتها مراقبة وتنظيم ومتابعة أداء الجهات الحكوميّة والخاصة في إطار تطبيق العمل بالقيمة المحليّة المُضافة، ووضع نظام دقيق لمنح 10% من المشتريات والمناقصات الحكومية، وإيجاد دليل وإطار عمل للقيمة المحليّة المُضافة، معتمدًا على مستوى الدولة يحدد موجبات ذلك، فضلا عن تطوير المؤسسات المتوسطة في المجالات التي ليس لها خبرة بها.

فبلاشك أنّ الاهتمام بالقيمة المُضافة في الكثير من المؤسسات الدولية والمنظمات المعنية سيُفضي لزيادة مساهمة الشركات الكبيرة في التنمية بشكل عام، وتكامل الأعمال الكبيرة والصغيرة من خلال إسناد جزء من الأعمال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة كجزء من الاستحقاقات الوطنيّة والاجتماعية التي يتوجّب النهوض بها في كل مشروع وكل شركة.

إلا أنّ عدم وجود إطار عام يحدد القيمة المُضافة على مستوى الدولة من المناقصات والعقود والمشتريات يُضيِّع كثيرًا من فوائد القيمة المُضافة التي يمكن أن تنعكس على المجتمعات والأسواق بالخير والنماء، وهذا ما يفرض على حكومتنا الرشيدة الإسراع بوضع نظامٍ على مستوى الدولة يُعرِّف ماهيّة القيمة المُضافة، وكيفيّة احتسابها كجزء من قيمة المشروعات المسندة، وكيفية إدارة النسبة المقررة بشكل دقيق من كل مشروع، وتقييم المنجز منها. كل ذلك يتطلّب إيجاد منصّة وطنيّة للعقود والمشتريات وفقًا للتوجهات المتعلقة بالقيمة المحليّة المُضافة، وبلورة نظام وطني للقيمة المُضافة على مستوى الدولة وكافة الأجهزة، وإسناد هذا الأمر لجهة معلومة تتولى وتراقب وتنظم وتتابع أداء الجهات الحكوميّة والخاصة في إطار تطبيق العمل بالقيمة المحليّة المُضافة.

إنّ جهات التناقص في السلطنة كثيرة منها مجلس المناقصات، وهناك جهات أخرى لديها مناقصات كديوان البلاط السلطاني، والأجهزة الأمنية والعسكرية، وشركة تنمية نفط عمان، ولها مشتريات وعقود بما لا يقل عن مليون ريال، لا توجه إلى مجلس المناقصات، وغيرها الكثير من المشتريات التي لا تحتسب فيها القيمة المضافة بدقة متناهية لعدم وجود نظام خاص بهذا الجانب.

في مقابل ذلك توجد بعض الجهات والشركات التي لها آليات واضحة لاحتساب القيمة المُضافة، وتفرضها على المشروعات، وهناك اجتهادات من بعض المؤسسات لوضع معايير للقيمة المحلية المضافة، إلا أنّ عدم جود نظام واضح.

وجهة مسؤولة عن إدارة هذا الجانب على مستوى الدولة، يجعل هذه الاجتهادات متباينة وربما تكون التزاماتها تجاه تطبيق القيمة المحليّة المُضافة أقل مُعدلًا، بل إنّ عدم وجود تقييم وطني واضح لن يعظم من القيمة المُضافة على كافة الأصعدة والمستويات الوطنية.

وحتى نطوّر من نظام القيمة المحليّة المُضافة علينا الاطلاع على تجارب دول العالم من حولنا والتي نجحت في هذا المجال، واستفادت منها كالصين التي يتجاوز ولاء شعبها لمنتجاتها الحدود، وكذلك تستعين شركاتها بمنتجات بلادها في أعمالها الخارجية.

وهناك أيضًا سنغافورة وماليزيا، وحتى عربيًا تُعدّ المملكة العربية السعودية من أفضل الدول التي تُجسّد القيمة المحليّة المُضافة لواقع ملموس.

بالطبع تتبنى رؤية عمان 2040 القيمة المحليّة المُضافة كإحدى الأدوات التي سيتم تطبيقها، إلا أنّه بدون وجود قواعد تنظيمية وجسم منظم يحدد المعايير والضوابط ستبقى الأمور أكثر هلاميّة.

نأمل أن يكون لدينا نظام للقيمة المحليّة المُضافة في السلطنة، وأن تنشئ الدولة جهة أو جهازا يرعى هذا النظام، يُعظِّم من القيمة المُضافة ويعزز من انعكاساتها الإيجابيّة.