مسقط – محمد البيباني
مؤشرات عديدة تعلي من إمكانية وجود دور سعودي للتقريب بين القاهرة وأنقرة ورغم نفي كافة الأطراف الثلاثة إلا أن ما يدور على أرض الواقع يوحي بغير ذلك...
بداية كان نفي وزير الخارجية المصري سامح شكري قبل سفره منذ أيام إلى الرياض ما تردد في وسائل الإعلام عن وجود وساطة سعودية بين مصر وتركيا مقدمة لتكهنات كثيرة حول حقيقة وجود دور سعودي للتقريب بين القاهرة وأنقرة، زادت حدة هذه التكهنات بعد الأزمة الراهنة بين طهران والرياض بكل تطوراتها
ونفي شكري قبيل زيارته إمكانية عقد لقاء بين المسؤولين المصريين والرئيس التركي الموجود وقتها بالسعودية. قائلا إنه سيلتقي خلال الزيارة بعدد من كبار المسؤولين لبحث آخر تطورات الأوضاع الإقليمية والتحضير لجولة لجنة التنسيق القادمة بين الجانبين».
وهو ما أيده في وقتها الكاتب الصحفي السعودي البــــارز، والمقرب من دوائر الحكم «جمال خاشقجـــي» حينما أكد أن المملكة العربية السعودية، لا تقود وساطة بين تركيا ومصر.
جاء ذلك في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، تعليقا منه على نفي وزير الخارجية المصري وجود وساطة سعودية بين مصر وتركيا.
من جانبها أيضا أكدت وزارة الخارجية المصرية في بيان رسمي أن الزيارة تستهدف التشاور والتنسيق بين البلدين حول عدد من ملفات العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية المختلفة وفي مقدمتها الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن.
وأضاف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن «شكري» التقى خلال الزيارة مع الأمير ولي عهد المملكة الأمير «محمد بن نايف»، وولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، ووزير الخارجية «عادل الجبير».
وأشار إلى أن ملف العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها ودفعها على كافة المستويات سيكون من أهم الملفات الحاضرة على جدول المحادثات.
في نفس الاتجاه قال الكاتب التركي البارز «إسماعيل ياشا»، إن الرئيس التركي «رجب طيب أردوجان»، لن يوافق إطلاقا على مصالحة مع الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي».
وأضاف «ياشا» في تغريدة له على «تويتر»: «المحللون الذين يرون أن العلاقات التركية المصرية يمكن أن تعود إلى سابق عهدها بتوسط السعودية مع وجود السيسي لم يعرفوا أردوجان على الإطلاق»، حسب نص التغريدة.
زيارة أردوجان
كان عدد من المحللين السياسيين، قالوا إن القمة الأخيرة التي عقدت بين خادم الحرمين الشريفين الملك «سلمان بن عبدالعزيز» والرئيس التركي «رجب طيب أردوجان»، لم تطرق للعلاقات الثنائية بين البلدين فقط، وأنها تطرقت إلى العلاقات المتوترة بين تركيا ومصر، وإمكانية العمل على تحسينها خلال الفترة المقبلة.
كما أوضحت عدة مصادر لصحف سعودية ومصريـــة، أن المملكة تولي اهتماما كبيرا لضـــرورة تحسين العلاقات بين مصر وتركيا، نظرا لأهمية الدولتين بالنسبة للرياض.
وأفادت صحيفة “الرياض” السعودية، أن القمة بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس التركي رجب طيب أردوجان، لن تتطرق للعلاقات الثنائية بين البلدين فقط.
وأشارت الصحيفة قبيل الزيارة أن القمة سوف تتطرق إلى العلاقات المتوترة بين تركيا ومصر، والعمل على تحسينها خلال الفترة المقبلة.
وأوضحت الصحيفة، أن السعودية تولي اهتماماً كبيراً لضرورة تحسين العلاقات بين مصر وتركيا، نظراً ﻷهمية الدولتين بالنسبة للرياض.
جدير بالذكر، أن العلاقات بين القاهرة وأنقرة شهدت توتراً كبيراً في أعقاب اﻹطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي من الحكم، حيث اعتبرتها السلطات التركية انقلاباً على السلطة الشرعية في مصر.
كلمة السر
في السياق نفسه قالت تقارير صحفية، إن الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني يقف وراء مبادرات التصالح بين كل من الرئيسين المصري والتركي وذلك قبيل إتمام التحضيرات الجارية للقمة الإسلامية التي ستنعقد في إسطنبول في منتصف شهر أبريل المقبل.
واستهل التقرير الذي نشرته «روسيا اليوم» عنوانه بتساؤل يقول «هل يُجبر أردوجان على استقبال السيسي في إسطنبول منتصف أبريل المقبل؟» كما لوحظت في الأيام الفائتة تحركات إقليمية لإياد مدني حيث استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعرض مدني من جانبه، ما تعتزم الأمانة العامة القيام به من مبادرات وبرامج في المرحلة المقبلة والتحضيرات الجارية للقمة الإسلامية التي ستنعقد في إسطنبول منتصف أبريل المقبل.
ويبدو أن مدني يريد تقريب وجهات النظر بين (القاهرة وأنقرة) منطلقاً مما أكده الرئيس السيسي أن مصر تُولي أهمية خاصة بالمنظمة، بصفتها رئيسة للقمة الإسلامية، وأن القاهرة تسعى لتطوير العمل الإسلامي المشترك والتضامن والتعاون لما فيه خير الشعوب الإسلامية، كما يعول مدني على الدور المحوري الذي تقوم به مصر عبر دبلوماسيتها الفاعلة في دعم العمل الإسلامي المشترك.
وقبيل لقاء مدني بالرئيس السيسي، كان قد التقى الأسبوع الفائت في جدة بالرئيس التركي رجب طيب أردوجان، أثناء وجوده بالسعودية لأداء مناسك العمرة، وهو ما عزز من رغبة مدني من رأب الصدع بين الرئيسين التركي والمصري.
ولعلها ليست مصادفة أنه عقب لقاء مدني بالسيسي في القاهرة، قام الرئيس المصري بإيفاد وزير خارجيته سامح شكري لمهمة عاجلة في المملكة، ربما وبحسب مراقبين تكون مرتبطة بهذا الشأن، لكن الأمر ﻻ يزال محاطا بالسرية، والتقى شكري كلاً من ولي العهد وولي ولي العهد السعوديين، فيما اتصل الملك سلمان بن عبد العزيز بالسيسي هاتفيا، الأمر الذي رأى فيه البعض مفاوضات واضحة بشأن العلاقة بين أنقرة والقاهرة.
محاولة سابقة
لم تكن تلك المرة الأولى التي تسعى فيها المملكة السعودية للمصالحة المصرية التركية، فقد سبق وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السعودية في مارس الفائت، وبعد بدء زيارته بيومين، جاء أردوجان للمملكة في زيارة رسمية.
وتشير التكهنات إلى أن تلك المفاوضات يصعب أن تأتي مصادفة على الإطلاق، وفق متابعي ملفات المنطقة تزامنا مع التجهيزات للقمة الإسلامية التي تجري على قدم وساق.
وربما تكون القمة الإسلامية بإسطنبول أحد الأسباب الرئيسة التي تدفع الرياض للمضي قدما في مسار المصالحة بين الغريمين السيسي وأردوجان، ويفترض بأن تعقد القمة الإسلامية المقبلة في إسطنبول برئاسة أردوجان بحكم إنه رئيس الدولة التي يعقد بها القمة، ليسلمها رئيسها الحالي هو السيسي كونه هو من عليه تولي رئاسة القمة بحكم دور مصر برئاسة القمة هذا العام لتبقى الأزمة قائمة فيما يتعلق بكيفية تسليم السيسي رئاسة القمة إلى غريمه في قلب تركيا وبحضور زعماء نحو 57 دولة، من دون أن تتم المصالحة بينهما.
وأوضح التقرير أن الرياض تسعى للتصالح بين السيسي وأردوجان لحاجتها الماسة للتقريب بين الفرقاء في إطار تحالفهـــا العسكـــري الإسلامـــي، إذ يعطله وبشكـــل واضح مشاركـــة فرقاء مختلفين فيمـــا بينهـــم، والحديث هنا عن مصر وتركيا بالتحديد.
ووفق «روسيا اليوم»، فإن حالة التوتر الإيراني السعودي، وما حدث من مهاجمة للمقرات الدبلوماسية والقنصلية السعودية في إيران بما يشكل عاملا قويا لدفع الرياض لتعجيل المصالحة المصرية التركية.
ونقل الموقع في تقريره عن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق جمال بيومي، قوله إن السعودية تعمل على تقريب وجهات النظر بين القاهرة وأنقرة عقب تشكيل التحالف الإسلامي العسكري الذي يضم البلدين.
الإعلام المصري يمهد
من المؤشرات الدالة أيضا تمهيد وسائل الإعلام المصرية خلال اليومين الفائتين لزيارة مرتقبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا في شهر أبريل المقبل وذلك لتسليم الرئيس التركي رجب طيب أردوجان رئاسة مؤتمر القمة الإسلامي في دورته الجديدة والذي تترأسه القاهرة حاليًا.
من جانبها، طرحت صحيفة الوطن اليومية المصرية سؤالاً حول إمكانية حضور السيسي مؤتمر تركيا وتسليم أردوجان رئاسة القمة، وعن احتمالية توجيه أردوجان الدعوة للسيسي للحضور بناءً على اعتبارات بروتوكولية بحسب ما ذكرت صحيفة هافينتجون بوست.
وعلى نفس السياق، قام الإعلامي أحمد موسى، مساء الاثنين الفائت، في برنامجه بقناة «صدى البلد»المصرية بطرح نفس السؤال على الجمهور، وقال إن السعودية تقود بضغوط كبيرة على السيسي للتهدئة مع تركيا.
ملفات ضاغطة
ويأتي فتح الإعلام المصري لملف زيارة السيسي المحتملة إلى تركيا في ظل زيادة التوتر بين السعودية ودول الخليج مع إيران على خلفية إعدام الرياض رجل الدين السعودي نمر النمر.
كما أن تمهيد الإعلام المصري لزيارة السيسي إلى تركيا ولقاء أردوجان المحتمل يأتي وسط دعوات لضم القاهرة إلى التحالف الإستراتيجي الذي جمع الرياض وأنقرة نهاية 2015، في وجه الإرهاب في المنطقة العربية وبخاصة سوريا والعراق.
ورجح متابعون أن يكون هدف المملكة السعودية من عقد تصالح بين القاهرة وأنقرة، حاجتها للتقريب بين الفرقاء في إطار تحالفها العسكري الإسلامي، حيث لم يتقدم هذا الحلف حتى اللحظة خطوة واحدة على الأرض، كونه يشمل فرقاء مختلفين فيما بينهم، مثل مصر وتركيا، لأنهما يكونان معها المحور الذي تسعى إليه المملكة لمواجهة ما تراه تصعيدا في اليمن والبحرين ولبنان والعراق وسوريا، وكلها ملفات مفتوحة، يرى السعوديون أنها لن تحل إلا بتعاون ثلاثي يضم القاهرة والرياض وأنقرة.
كما أشارت تقارير إعلامية، أن حالة التوتر الإيراني السعودي، وما حدث من مهاجمة للمقرات الدبلوماسية والقنصلية السعودية في إيران، وما تبعه من إخلاء للبعثة الدبلوماسية السعودية عن طريق الإمارات، ومطالبة المملكة للبعثة الدبلوماسية الإيرانية بمغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، وإدانة القاهرة والأزهر للاعتداءات التي تعرضت لها المقرات الدبلوماسية السعودية في إيران، كلها عوامل تستدعي من الرياض الدفع لتعجيل المصالحة المصرية التركية.