ثلاثة مواقف لفتتني خلال الأيام الفائتة: أولها مع صديقة هاتفتني ممتعضة تبحث عن التأييد «عاملات منازلنا قد بطرن وتمادين وبلغ بهن التمرد مبلغه -قالت ممهدة فلما سألتها عن سبب ثورتها تلك أردفت- تخيلي أنهن يردن إجازة كريسماس! ولو كانت المناسبة في إجازة أسبوعية لهان الأمر ولكنهن يعرفن جيدا أنها في يوم مدرسي وبالتالي فمن يقوم بواجبات الأطفال وإعدادهم للمدارس».
انتظرت مني بالطبع تعاطفا فقلت لها إن عليها أن تذعن لرغبتهن وهناك حفل صغير تقيمه العاملات في بيتي ولها أن تأتي بعاملاتها ليحتفلن مع قريناتهن، ثم إنها ملزمة بإعطائهن هدية بهذه المناسبة وفقا للعرف، وهو ما وجدت فيه استفزازا كبيرا!
الموقف الثاني كان لولية أمر تناقش مديرة الحضانة معترضة على تعطيل العمل الأحد، مهددة برفع الأمر للمختصين، ورغم أن المديرة شرحت لها أن الحضانة أجنبية، وجُل العاملين فيها أجانب، إلا أن ذلك لم يكن عذراً مسوغاً لها وما فتئت تردد «هذه بلد إسلامية»!
أما الموقف الثالث فشهدناه «بالأقمار الصناعية» من الكويت، إذ أثار النائب أحمد الفضل الجدل بمطالبته للحكومة بإعلان الكريسماس كإجازة رسمية، ونصب شجرة ميلاد كبيرة في ساحة الصفاة كرسالة سلام للعالم. وذلك بعد الضجة التي حصلت إثر إزالة شجرة ميلاد من مبنى تابع بشكل غير مباشر للحكومة مما شطر الرأي العام بين مؤيد ومعارض.
رأيي في كل ذلك واضح. فالمسلمون -قاطبة- يعظمون أعيادهم ومناسباتهم الدينية والعرب ليسوا من ذلك باستثناء. ويحرصون على التخطيط لها سلفا وإحيائها بما يقتضيه العرف وما تجري عليه العادة. وتمنح الدول إجازات لهذه المواسم لتهيئ للناس الفرصة ليحتفلوا وينعموا بها مع أهلهم وذويهم. فلماذا نستكثر وننكر ذلك على المسيحيين أو غيرهم من الملل والنحل؟
ولماذا نصر على ممارسة عباداتنا والاحتفاء بخصوصيتنا الدينية، بل وبناء المساجد وإقامة شعائرنا الدينية في أي بقعة نوجد فيها في العالم، فيما نرى أن من حقنا أن نُرضخ الآخرين لقيمنا وعاداتنا وجداولنا وبرامجنا ما داموا يعيشون على أرضنا!
لا علاقة للأمر واقعا بموقف متعصب تجاه الديانات الأخرى. كل ما في الأمر أننا غارقون في أنفسنا وما تريده وما تميل له، ونقدم رغباتنا ومصالحنا على سوانا، وهو ما يجعلنا قساة أحيانا في تقييمنا للمواقف وتعاطينا معها.