لميس ضيف
lameesdhaif@gmail.com
في وقت مضى كان الأب الصالح، والأم الصالحة، هما من يقيان أبناءهما شر ما في شرايين الطرقات من مخاطر. ولا يتركونهم وحدهم لقطاع الطرق ومنتهكي الأعراض ومروجي المخدرات. ذاك العصر - على سوءاته - كان أهــون مــن يومنا هـــذا.. حيث لا يوجد أمان حتى داخل أسوار البيت، وأصبح لدى هؤلاء المرضى القدرة على اختراق جدرانك الإسمنتية والنيل من أطفالك وهم على مسافة متر منك دون أن تعلم!
تعرفون جميعا عمَّ نتحدث.. عن الجهاز الساحر الغادر الذي لا تخلو منه يد إذ تؤكد الدراسات أن 90% من أطفال الخليج يملكون حواسيب وهواتف ذكية. وأن 83% منهم يتلقون على البريد الإلكتروني رسائل لا تتناسب مع أعمارهم.. ما أدى لإدمان أطفال لا تعدو أعمارهم الـ16 عاماً للمواقع الإباحية التي تطاردها الحكومات وتنفق الملايين لحظرها ليأتي برنامج صغير ويفتح أبواب جهنم كلها بضغطة زر!
نحن لا نتكلم هنا عن ظواهر عالمية، بل نتكلم عما يجري في رقعتنا الجغرافية الممتدة، وما هي إلا امتداد لطاعون عالمي فاتك. في استطلاع أجرته «بيوانترنت اند أمريكان لايفبريجكت» على المدارس استخلصت الدراسة أن 33% من الأطفال يتعرضون للتحرش الجنسي عبر الإنترنت عبر غرف الدردشة والرسائل الإلكترونية من قبل بالغين أو قصر.. وأن 15% منهم - زهاء نصف العدد - يستدرج لفتح الكاميرا «المتوافرة في أغلب الأجهزة المحمولة لدى أطفال اليوم» وممارســـة درجة ما من التواصل الجنسي!
اليوم، هناك دور بغاء إلكترونية تستهدف الأطفال والمراهقين بشكل خاص.. غاية مرتاديها التواصل جنسياً - ولو من بعد، ولو شفاهة أو عبر الصور- مع أطفال حول العالم، وهناك مبالغ مهولة تدفع في هذه المواقع للاستعانة بأخصائيين نفسيين يعطون تعليمات مباشرة - لكل مشترك على حدة - حول كيفية كسب ثقة هذه الصغير/ الصغيرة تدريجياً.. وكيفية ترغيبهم وعدم تخويفهم؛ وتلك التعليمات تُمنح للمتحرش بعد وضع سن وبلد وحالة الطفل المستهدف في الحسبان!
الوضع أخطر مما نتخيل، قبل 5 أعوام ظهرت دراسة علمية شملت أطفالاً دون الثامنة من العمر لتقول إن 47% من أطفال الخليج يتلقون رسائل إباحية تدعوهم للتعارف الجنسي.. وقد تكون تلك المراسلات بوابة لابتزازهم لاحقا، فثقة الأطفال مجانية وخوفهم شاخص.. تؤكد الباحثة أمل الدار من المملكة العربية السعودية وقوع 20 ألف حالة ابتزاز إلكتروني خلال 6 أشهر فقط! والشيء بالشيء يذكر وعلينا أن نشير هنا لخطوة ممدوحة أقدمت عليها السلطات العمانية وهي تدشين خط ساخن للتبليغ عن حالات الابتزاز وانتهاك الخصوصية على الرقم 24166828 حيث يتم التعاطي مع حالات كهذه بسرية وحزم.
وكما تعي الأجهزة الأمنية عمق المشكلة على التربويين أن يتيقظوا لها أيضاً، وقبل هذا وذاك يجب على أولياء الأمور أن يفتحوا أعينهم على ما يدور بين ظهرانيهم. كثيراً ما سمعت آباء يتباهون بأن أبناءهم لا يفارقون الألواح الرقمية بل ويمتنعون أحياناً عن المشاركة في التجمعات العائلية لأنهم يؤثرون عليها الجلوس في المنزل أمام الإنترنت الذي يأتيهم بالعالم كله، بخيراته وشروره وآثامه، لغرفهم!
كثيرٌ هو ما يجب أن يُقال في هذا الموضوع ولكن السطور تضيق عن حمل كلام عن هذه اللعنة.. نافلة القول أن احذروا.. وهناك اليوم عشرات البرامج المجانية التي تســـاعدكم على التحكم في ما يراه أبناؤكم وما يتصفحونه.. وحفظ الله أبناء هذه الأمة من شر الفسقة والمفسدين.