محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby
malrahby
بالنسبة لتراجعنا أمام زحف القوى العاملة الوافدة فأنا أميل للتشاؤم أكثر، والمستقبل ليس مأمونا، خاصة على الوضع الاقتصادي، كون أن اللوبيات الآسيوية هي المتحكمة بقطاعات واسعة في هذا المجال، كالمقاولات مثلا، حيث لا نعرف إلا «الفــورمان» الآســيوي بينما صاحـــب المؤسسة متــوار ينتظر في بيته النصيب/ الفتات، وقطاع تجارة التجزئة ومن أبرزها محلات الخياطة كأكبر مستفيد من تهافتنا على «الموضة» والمباهــاة الاجتماعية.
ليس هــذا بيت القصــيد، بل ذلك القطاع الاجتماعي الذي يدفع فاتورته أيضا من هذه الكثافة الآسيوية حولنا، وتتصرف بثقافة بلادها، خاصة على مستوى النظافة، واللامبالاة تجاه مكتسبات صرفت بلادنا عليها كثيرا، وتأسست وفق تعامل حضاري مكتســـب، بل وتزاحمنا في مناســباتنا الاجتماعية، على تباينها فرحا أو ترحا.
يصف أحد الأصدقاء في اتصال هاتفي الوضع بالصعب، حالة عزاء يقوم الناس، مساعدة لأهل المتوفى، بالتبرع للطعام، حيث هناك من المعزين الآتين من مسافة بعيدة، عدا أصحاب الحدث وقد كبرت العائلات وتعددت، ولا مكان للرجال عادة لتناول الغداء أو العشاء إلا المسجد أو السبلة، إذ البيت منشغل باستقبال النساء الآتيات لأداء الواجب، يقول صاحبي إن العمال الآسيويين، وعددهم كبير، صاروا الضيوف الأبرز في هذه الحالات، مما يسبب إحراجا كبيرا مع عدم كفاية الطعام لجميع الحاضرين.
في مناسبات عقد القران، وحيث المئات يتوافدون على تلبية الدعوات، نجد أن الحضور الآسيوي كبير للاستفادة من وجبة عشاء طيبة، ولم يدعوا إليها، لكن الكرم العماني حاضر بقوة، ولنا في تبيّن ذلك ما يدفعنا لإعادة التفكير في «هذا الكرم» المدفوع من جيوب شبابنا سنوات من عمرهم، وهم يتأهبون للدخول نحو حياة استقرار، بينما القلق المادي سيلاحقهم زمنا هم أحوج ما يكونون فيه للتركيز في كتابة قصة نجاح طموحة.
هل من المجدي استعادة حالة ساحات المساجد المفتوحة كمطاعم خلال شهر رمضان المبارك؟ حيث يتصرف وكلاء الجوامع والمساجد بما يتصدق به الناس طمعا في أجر «إفطار صائم» فإذا به يتحول إلى عشاء مجاني للعمّال، فيتكدس المئات انتظارا لصحون «العيش واللحم» حتى إذا أقيمت الصلاة غاب أكثرهم، وفي صلاة التراويح فإن عددهم نادر، لأنه ليس هناك وجبة أخرى، ولو تفتقت أذهان بعض وكلاء المساجد عن إقامة «التحلية» من فواكه وحلويات بعد صلاة التراويح لامتلأت الساحات أيضا!
من يوقف هذا الهدر لمواردنا، وهي تذهب إلى سبل بعيدة عن مقاصدها؟!
وهل نحتاج إلى قرار حكومي كالذي حدث في تحديد أيام العزاء وتقديم التمر والقهوة فقط ليشمل حالات اجتماعية أخرى، من بينها منع الولائم في هذه المناسبات، والاكتفاء بالحلوى، كما كان «أيام زمان» في «الملكات» وما أصاب هذه الوجبة من تغيرات، من مناسبة الزفاف إلى عقد القران، ومن الإفطار للغـــداء إلى العشاء دليل على أنه لا لزوم لهـــا، ويكفي ذلك «الشاب» ارتفاع كلفة الحياة، ولا ضرورة لتحميله الإنفاق على وجبة عشـــاء لأكثر من ألف شخص، يجتمع حول حلقاتها المدعــوون، وغير المدعوين، والمحصلة أن «القــوى العاملة الوافدة» هي المستفيدة من كل ما يحدث.