علي بن راشد المطاعني
بعد سنين طويلة من دولة الرفاه، الكل نهل من خدماتها، و استفاد من خيرتها ، و نتيجة لظروف الاقتصادية التي تمر بها الدولة كغيرها من الدول ، فإن الإسهام في اجتياز هذه المرحلة مسؤوليتها تقع على كل محب لهذا الوطن، و تحمل تبعات هذه المرحلة بحلوها و مرها كما يقال.
فهذه المحن تمر بها الشعوب، ليس الآن فقط، و إنما في الحقب الماضية، و تعرضت الكثير من الأمم إلى شغف العيش ووطاءة الحياة بكل صورها، و كابدت المشاق بصنوفها، و ثبتت على الصعاب في معيشتها، و نحن في هذا العالم جزء لا يتجزاء منه، ربما في هذا الظروف نعيش جزء من معاناة- إذا كانت- مما تعيشه الكثير من الشعوب، بسبب ضيق مواردها، و قلة إمكانياتها .
إلا أنها لم تستلم للحياة بكل صورها، و تهيأت لهذه الظروف و مواكبتها بالعزيمة و الإدارة التي لا تلين لأي طارى، و تجاوزت كل الصعاب، و ها هي اليوم يضرب بها الأمثلة في تجاوز الازمات ، و تعد نموذجا في التكيف مع الحياة، بل أوجدت لها حلولا في التغلب على ما عانته في سابق الازمان.
الا ان تهيئة المجتمع بالظروف الراهنة ليكون جزء من الحل و ليس المشكلة، من الاهمية بمكان ان يرافق اي تغيرات نحدثها في المجتمع ، فمثلما نعالج العديد من الثغرات ونسد منافذ الأزمة ماليا و اداريا ، و ايجاد بدائل للدخل لخزينة الدولة، وهناك تطورات ملموسه في هذا الاتجاه ، بدون المساس بالجوانب الاساسية لحياة المواطن ، اسهمت بدورها تقليص الانفاق باكثر من ملياري ريال ولقيت هذه الاجراءات اشادة من صندوق النقد الدولي .
لكن في المقابل علينا أن نجعل كل السكان على وعي بمعطيات المرحلة اولا ، و الظروف الراهنة ، لضمان الاستجابة للمتغيرات و التفاعل مع المتطلبات بتفهم الظروف و كيفية تجاوزها ،بل حتى لا يصطدم المجتمع باي تغيرات لم يتهيا لها، و يعلم بها ، فالعلم بالشيء افضل لايجاد قناعات بمستجدات و التكيف معها ، و الاستماع لاراء المواطنين ومقترحاتهم ازاء اي تغيرات تلمس حياتهم ، وكيفية التغلب عليها ، ربما نخرج بحلول اخرى تسهم في رفد التوجهات الحكومية لتقليل الانفاق، و زيادة الايرادات الغير النفطية ، وهو ما ينقصنا فعلا ، هو تغيب التفاعل و اشراك المواطن في تحمل تبعات المرحلة و ايضاح مراميها و اهدافها ، فلا يجب نكتفي باصدار تعديلات في الرسوم ايا كانت كما هو حاصل الان ، اذا لم يصاحبها حملة اعلامية توعوية تشرح ماهيتها و اهدافها و العايد منها.
فاليوم نمر بمرحلة اعادة ترتيب البيت الداخلي في الكثير من الجوانب التي يجب ان يعاد ترتيبها ،لان لا يمكن ان تبني مجتمعات بسلوكيات استهلاكية مفرطة في الخدمات ،و ضرورة ترشيدها ، والحد من الاهلاك في الخدمات الحكومية و المرافق العامة، و مرحلة التحول او اعادة ترتيب الكل يتفق معها ، ليس لهذه الظروف فحسب ، وانما طبيعة العصر و مقتضياته تحتاج الى هيكيلة سلوك الفرد ، ليكون اكثر مسوول في التصرف بالخدمات على اساس بانها ملكه ، يجب ان يحافظ عليها ، لكن لا يجب ان نغيب المواطن في كل ذلك ، ووضعه في حقيقة الامور ، و تبيان دوره ومسووليته ، وهنا نري نقطه الضعف ، فاليوم ليس المهم ان تزيد الرسوم و الخدمات ، بقدر ايضاحها ومردودها و تكلفتها الى غير ذاك تتطلب توضيح.
لكن السوال الذي يطرح نفسه، ما المانع من توضيح الامور للراي العام ،حول اي تغير في تقدير تكلفة الخدمات و كيفية توجيهها و العمل بها ، فهل هناك صعوبه ، او مشكلة ، فالمواطن على وعي كبير ، و رقما مهما يمكن الاستفادة منه في كل هذه الاجراءات التي تتخذها الحكومة ، فلا يجب تغيبه او تهميشه عن ما يجري في الساحة ، فهو من الوعي و الادراك ما يجعله يستوعب و يتفاعل مع ما يحيط به ، فالتغيب الحاصل ،يعد كارثة في حد ذاته ، كونه يفتقد للمشاركة في توضيح الاجراء ،و اطلاعهم عليه ، لا يضمن التفاعل من جانب اخر، و يلقي ردود فعل معاكسه لاي توجهات في هذا الشان ، لغياب ايضاح الهدف من اي تعديلات ، فهل نمضي بهذه الصورة الضبابية في اتخاذ القرارات و التعديلات ام نوضحها و نبين الهدف منها ، و تكلفتها.
بالطبع نفتقد لادارة الراي العام و كيفية توجيه بما يضمن المصلحة العامة ، لذا يلاحظ وجود ردود افعال سلبية مع اي توجه تعتزم الحكومة تطبيقه ، حتى و ان كان بسيطا او يستهدف شريحة معينة من المجتمع ،لعدم تهىيته و اطلاعه بمجريات الامور.
نامل ان اشراك المحتمع في كل مراحل التغيرات لكي يكون جزء منها و مقدرا لها وواعيا بمقتضياتها و اهميتها على كل الاصعدة و المستويات ، فاليوم لا يمكن ان تدير الامور من جانب واحد وعبر قرارات فوقية .