القهوة والسياسة في أثيوبيا

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
القهوة والسياسة  في أثيوبيا

ماركوس كونالاكيس

القهوة تمنح مذاق إثيوبيا للأمريكيين كل يوم. فقد تم اكتشاف حبوب البن في إثيوبيا، وكوب القهوة في الصباح هو بصفة عامة قريب من الأمريكيين كقرب معظم الأمريكيين من هذه الدولة الأفريقية.
ولكن إثيوبيا استحوذت على بؤرة الاهتمام في الداخل الأمريكي في وقت فائت من هذا الشهر، عندما تعرضت الباحثة في مجال بيولوجيا النبات بجامعة كاليفورنيا في دافيس، شارون جراي، للقتل على أيدي مثيري الشغب الذين كانوا يلقون بالحجارة خارج العاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وكانت سيارة جراي قد تم رشقها بالحجارة وأصبحت هي أول شخص أجنبي يقتل في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي أودت بحياة المئات من الإثيوبيين منذ نوفمبر الفائت.
وفي أعقاب وفاة جراي، يبدو أن التوترات الداخلية في أثيوبيا قد زادت سوءا، حيث أعلن رئيس إثيوبيا حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر، مما يعد إقرارا بالاضطراب المتنامي وعلى أمل أن يتسنى إخماد المزيد من العنف السياسي.
كانت جراي ضحية تظاهر الإثيوبيين ضد حكومتهم ذات الحزب الواحد، التي اتهموها بالاستيلاء على الممتلكات وانتهاك حقوق الإنسان. لقد كانت جراي في المكان الخطأ في الوقت الخطأ، حيث انحصرت في صراع سياسي مستعر وصل إلى درجة الغليان في ذلك اليوم.
وحتى وقت قريب، كانت إثيوبيا تعد بلدا أفريقيا مستقرا نسبيا، حيث تقدم للمستثمرين الأجانب الفرصة الاقتصادية. ولكن الهجمات الأخيرة على الشركات والمصانع المملوكة للأجانب فضلا عن زيادة عدد الوفيات بين المحتجين، كل ذلك يهدد بمزيد من الضرر لسمعة البلاد وسجل حقوق الإنسان.
إن إثيوبيا غير الساحلية مازال لديها نزاعات حدودية ومظالم مع دول الجوار، وحكامها يلقون باللوم في الاضطراب وأعمال العنف الحالية على المجرمين القادمين من خارج البلاد. يقول رئيس الوزراء إن حالة الطوارئ كانت في جزء منها ردا على "العصابات المسلحة" التي يتم تمويلها من الخارج.
إن إمكانيات إثيوبيا هائلة، ولكنها قد تكون في مفترق طرق الآن، والقوى العالمية تتنافس لتحديد مستقبلها. فهل ستكون دولة ديمقراطية مفتوحة متنوعة أكثر ليبرالية أم تتجه أكثر نحو الدولة النفعية الاستبدادية؟ إن حالة الطوارئ المفروضة في البلاد قد تؤذن بشيء أكثر إزعاجا وإثارة للقلق.
هناك اثنان من الضغوط يتم ممارستها على الحزب الحاكم الحالي في إثيوبيا. الضغط الأول هو لكي تنفتح القيادة ببطء وأن تقوم بحرص بالتنويع وتثق أكثر في النهج الديمقراطي. والضغط الثاني هو أن تحافظ على احتكارها للسلطة وتفعل وتؤكد صلاحيات الشرطة وتشن حملات على حالات العنف والاحتجاج.
وتماما كما أن هناك اتجاهين يمكن أن تسير فيهما إثيوبيا، هناك فصيلان دوليان يدعمان كل منهج من المنهجين. والغرب – الولايات المتحدة وأوروبا – يفضل نهجا أكثر ديمقراطية.
أما الصين، على الجانب الآخر، فهي أقل خبرة وأقل ثقة وأقل دعما للأنظمة الديمقراطية. والغرب والصين يستثمران في إثيوبيا النامية التي لا تزال تشهد نموا سريعا مزدوج الأرقام.
إن هذا الصراع الإثيوبي بين الغرب والصين يتجلى في مختلف أنحاء قارة أفريقيا، مع بعض الدول قد قررت سلفا أن الصين هي الشريك الاستثماري والسياسي المختار. فهل ستقرر دول مثل إثيوبيا أن الصين هي صديق أهم بالنسبة لها من الاستمرار في الاصطفاف إلى جانب الغرب كثير المطالب وكثير الانتقاد والذي يعارض الحكم غير الليبرالي؟ هل عليها أن تختار بين الغرب والصين؟
الصين تقوم بتمويل وبناء البنية الاساسية الإثيوبية المهمة – للطرق والسكك الحديدية والإسكان والطاقة. ولكن قادة بكين لا يعرف عنهم أنهم أبطال التعددية الديناميكية، حيث يفضلون بصفة عامة استقرار الوضع على ما هو عليه ويفضلون الأنظمة الاستبدادية.
لقد زار الرئيس باراك أوباما إثيوبيا العام الفائت وقال لقيادتها إنها تحتاج إلى تبني التعددية لأنها من شأنها أن تساعد البلاد على النمو والإضافة إلى نجاحها الاقتصادي. وقد عززت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رسالة أوباما في وقت فائت من هذا الشهر، عندما قالت للحكومة الإثيوبية "في الدولة الديمقراطية هناك دائما حاجة لوجود معارضة لها صوت".
لقد ساعد رماة الحجارة على تحفيز حملة القمع الحالية للمطالب الديمقراطية المشروعة، وفي هذه العملية أنهوا حياة مواطنة أمريكية بريئة. فمن الذي يجب عليه الآن أن يستيقظ ويشم رائحة القهوة؟

زميل بجامعة أوروبا الوسطى وزميل زائر في معهد هوفر.