الخدمات المالية للجميع

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٧/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص

أنشول كرشان

نظرا لأن الخدمات المالية التقليدية ليست مصممة للمودعين والمقترضين الصغار فلقد تمكنت عدة نماذج غير تقليدية من الارتقاء بسرعة في هذا السوق غير المستغلة ولكن بدون خارطة طريق استراتيجية للسياسات من أجل توجيه تطوير تلك التقنيات المالية الجديدة فإن نماذج «حلقة الوصل» هذه ستبقى محدودة بالنسبة للخدمات التي يمكن أن تقدمها.

لقد كان نجاح تطبيق الهاتف النقال للدفع «م- بيسا» في كينيا بمثابة نقطة تحول. لقد تطلب الأمر أن تدرج شركة بايبال مرتين على الناسداك والعمل لمدة عقدين من الزمان تقريبا في أضخم اقتصاد بالعالم من أجل الوصول إلى 188 مليون زبون فعال و282 بليون دولار أمريكي على شكل دفعات سنوية. أما م–بيسا فعلى الرغم أنها تعمل لأقل من عقد من الزمان في سوق نسبة الدخل فيه أقل بكثير، إلا أنها تمكنت من جذب 17 مليون مستخدم فعال قاموا بإجراء معاملات مالية غير نقدية وصلت قيمتها إلى 50 بليون دولار أمريكي في العام الفائت.

تهيمن شركة ب كاش كذلك على نظام الدفع في بنجلاديش لدرجة أن اصبح اسم الشركة من الكلمات الدارجة باللغة البنجالية مثل «زيروكس» و«هوفر» و«جوجل» باللغة الإنجليزية.
لقد تزايدت شعبية النماذج الأخرى مثل ميكروانشور وبيما حيث أصبحت تقدم حلول تأمينية صغيرة في الدول الصاعدة. إن جان دان يوجانا هو برنامج فيدرالي للحكومة الهندية يحتل أولوية كبيرة من أجل تمكين الفقراء من استخدام القطاع المصرفي وهذا البرنامج أدى لفتح 250 مليون حساب مصرفي جديد في أقل من عامين.
يتوجب على منتجات التقنيات المالية الجديدة التغلب على عدة عقبات من أجل عدم الاكتفاء فقط بتحسين القدرة على الوصول للخدمات المالية. إن الجهات التي تعمل على تعزيز تقديم الخدمات المالية للجميع يجب أن تحقق كمية كبيرة من الإنتاج منخفض القيمة مما يعني أنه عادة ما يتوجب على تلك الجهات الاعتماد على شراكات من أجل تلبية متطلبات زبائن محددين. إن المشاكل تنشأ عندما يكون لهؤلاء الشركاء قيود خاصة بهم أو أولويات مختلفة.
فعلى سبيل المثال قدمت ميكروانشور وبيما حلول تأمينية لملايين الناس ولكن خدماتها تعتمد في نهاية المطاف على شركات التأمين المستقلة وذلك من أجل تخصيص رؤوس الأموال وضمان بوالص التأمين وبينما يوجد هناك نمو محدود لصناعة التأمين في مناطق مثل جنوب الصحراء الإفريقية فإنه يتوجب على شركات التأمين العالمية التأقلم باستمرار مع التغيرات التنظيمية في أسواقها الرئيسة أو المحلية علما أنه من غير الواضح ما إذا كان لديها القدرة على التوسع بشكل ذي معنى في الدول منخفضة الدخل.
لو نظرنا لشركة م–بيسا نفسها لوجدنا أنها دخلت في شراكة قبل أربع سنوات مع بنك أفريقيا التجاري من أجل إضافة أداة إقراضية «م – شواري «لمجموعة المنتجات المتوفرة لديها ولقد تمكن البنك منذ ذلك الوقت من فتح حسابات قروض أكثر من أي بنك كيني آخر ولكن هذه الحسابات ما تزال تشكل أقل من ربع مستخدمي م–بيسا الفعالين كما ما تزال م–شواري لا تشكل جزءا جوهريا من النشاط التجاري لأي من الشركاء.
إن هذا المنتج لا يعد المنتج الوحيد من نوعه في السوق فآخر منافس لتحدي م-بيسا هي شركة م-فيزا وهي شراكة بين شركة فيزا وبنكين كينيين آخرين ومع وجود إيرادات على المحك وصلت لمبلغ 400 مليون دولار أمريكي سنة 2016 فإن من المرجح أن تركز سافاريكوم – الشركة الأم لشركة م-بيسا -على الدفاع عن خدماتها الرئيسية قبل محاولة تقديم منتجات جديدة وفي قائمة أولويات المنتجات الحالية لسافاريكوم لتوسعة تقديم الخدمات المالية للجميع فإن منتجات الادخار والقروض تحتل المرتبة الأخيرة تقريبا.
إن الابتكار والريادة بدون قيود هي أمور ضرورية من أجل تمكين الفقراء من الوصول للنظام المالي الرسمي ولكن من وجهة نظر تتعلق بالسياسات والتطوير فنحن بحاجة لتركيز جهودنا على تحسين النظام البيئي الكبير من أجل تحقيق الإمكانات الكاملة لمنتجات التقنيات المالية. فعلى سبيل المثال فإن معاملات م-بيسا غير النقدية ترتكز على النقد الذي يساهم فيه عملاؤها والذي يتم الاحتفاظ فيه على شكل ائتمان في أي وقت. إن دخل الفوائد من تلك الأموال يتم توزيعه حاليا من خلال مؤسسة م-بيسا. لو كان هناك نظام يتم صياغته بعناية فإنه يمكن الاستفادة من تلك الأموال بشكل أكثر إنتاجية فلقد قام برنامج جان دان يوجانا في الهند بجمع ما يقدر بستة بلايين دولار أمريكي من الزبائن الجدد حيث يمكن استخدام تلك الأموال من أجل توفير منتجات إضافية يتم تصميمها بشكل متخصص.
إن خدمات التقنيات المالية الصاعدة يمكن أن تتعلم من شركة التجارة الإلكترونية الصينية علي بابا والتي كانت سريعة في الاستفادة من منصة الدفع فيها «عليباي« وبعد أن قامت علي بابا بإطلاق صندوق سوق المال يو باو في يونيو 2013 ، بدأت بإعادة استثمار الودائع الصغيرة غير المنتجة لزبائنها في عليباي.

زميل تنفيذي في كلية كينيدي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد كما عمل في السابق ككبير موظفي مؤسسة التمويل الدولية