لميس ضيف
هناك بيننا من يتمتع عضوياً وجسدياً بالصحة والعافية لكنه مصاب نفسياً بأمراض مستعصية قد لا يكون لها علاج على الإطلاق ومنها مرض الكراهية الذي يصيب المرء فيحوله لكتلة نكد وسلبية!
المريض بالكراهية شخص غير سوي. ولأنه عادةً ما يكون فاشلاً ومحبطاً تراه يستخدم أدواته كلها، ويحاول بما تأتى له من قوة نشر «وبائه» هذا بين الناس. فتراه يغض الطرف عن سلبيات الأشخاص ويركز على مساوئهم وزلاتهم. ويسعى لتصنيف الناس واستثارة الحقد عليهم بتضخيم أخطائهم وسوء تفسير أفعالهم بما فيها الخيرة بوصفها رياءً أو نفاقا!
ومنهم من يوجه قبح كراهيته لفئة «طائفة» عرق كامل، فتراه يقتات على لحومهم في وجباته الثلاث، ويتخذ من التشنيع عليهم عقيدة، ولا تستوطن نفسه منتدى ولا تركن لمجلس إلا لو جلدوا ما يجلد وتحاملوا على من يتحامل عليهم، وهو يحول هذا العداء لعقدة وجودية يمحور فكره الضيق حولها!
إنها فئة لو تلفتم لوجدتموها شاخصة الحضور بيننا. وإن كان معتل الجسد يُشفى ويستكين ببعض الدواء والعلاج فالموبوء بالكراهية لا يُشفيه الله بل يزداد خُبثا ومرارة وسلبية كلما تقدم في العمر. وإن كان لمعتل الجسد أجر على صبره واحتسابه فإن مريض الكراهية آثم وتطفح سماه على وجهه فيقبحُ وإن كان جميلا!
المريض بالكراهية المزمنة قد يكرهك لسبب في نفسه. وقد يكرهك لأن الناس تحبك، وقد يكرهك لأنك محب للحياة، وكثير من الكارهين لا سبب يدفعهم للكراهية إلا تشوههم النفسي المزمن.
مثل هؤلاء، الموجودون في الإعلام والسياسة بل وحتى الميادين الإنسانية كالطب وحقوق الإنسان، على المرء أن يبتعد عنهم ما استطاع كي لا يلوحه من فيروساتهم وأمراضهم شيئا. يرى البعض بضرورة تعريتهم ووضعهم في حجمهم الطبيعي لكن الواقع أن مثلهم من المعقدين «والنكدين» ينتهي الأمر بهـم لتدمير أنفســهم بعد فترة من الزمن. وإن لم يفعلوا فإن الحياة تتكفل بتدميرهم ولفظهم كما يلفظ البحر السمك الفاسد. وتزيدها غماً بغم جزاء لهم على سوء سريرتهم.
فإن ابتلاك الله بزميل أو مسؤول أو حتى قريب من أولئك المرضى فاجتنبه بل وأشفق عليه.. فهو يُعاني من نفسه أكثر بكثير مما تُعاني -أنت- منه..