هل ستُبعث الشراكة عبر المحيط الهادئ من الموت؟

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٦/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
هل ستُبعث الشراكة عبر المحيط الهادئ من الموت؟

روبرت صامويلسون

السؤال المطروح حول الشراكة عبر المحيط الهادئ هو هل ذهبت هذه الشراكة بالفعل إلى المشرحة السياسية أم لا زالت في العناية المركزة؟ إن كلا من هيلاري كلينتون ودونالد ترامب يعارضان هذه الاتفاقية، في حين أن الرئيس أوباما قد حث على التصديق عليها. وفي ظل قرب انتهاء فترة ولاية أوباما وتضاؤل نفوذه بالفعل يوما بعد يوم، تبدو اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ قد ماتت.
ولكنها ربما تكون لا تزال في العناية المركزة.
في كلمة أمام معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، وهو معهد أبحاث بواشنطن، قال النائب كيفين برادي (الجمهوري عن ولاية تكساس) رئيس لجنة الطرق والوسائل بمجلس النواب الأمريكي التي تقع الاتفاقيات التجارية تحت اختصاصها، إن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ مازال بالإمكان التصديق عليها في دورة البطة العرجاء بعد الانتخابات وقبل تولي الكونجرس الجديد مهام عمله.
لقد قدم برادي سببين رئيسيين للموافقة على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ.
السبب الأول جيوسياسي: فهذه الاتفاقية من شأنها أن تحافظ على نفوذ الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتعززه وتعمل كثقل موازن لقوة الصين الاقتصادية والسياسية المتنامية.
وكما أكد أوباما كثيرا، فإن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ من شأنها أن تعطي الولايات المتحدة دورا كبيرا في تنظيم التجارة العالمية في القرن الحادي والعشرين. إن اتفاقية التجارة تقنن قواعد "الملكية الفكرية" (براءات الاختراع وحقوق التأليف والنشر)، وتدفق البيانات والشركات المملوكة للدولة، من بين أشياء أخرى. والتصديق على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ من شأنه أن يقوي الثقة الآسيوية في أن الولايات المتحدة تنوي أن تظل قوة في المحيط الهادئ، أما الرفض فمن شأنه أن يزرع الشكوك.
والسبب الثاني اقتصادي: فآسيا مازالت منطقة تشهد نموا سريعا. واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ من شأنها أن تلغي معظم التعريفات الجمركية بين الدول الأعضاء البالغ عددهم اثنى عشر دولة، وتساعد المصدرين الأمريكيين في هذه الأسواق. وقد تكون الميزة مهمة بصفة خاصة في مجال الخدمات (السياحة والاستشارات والتمويل والهندسة)، حيث الشركات الأمريكية قوية بشكل خاص في هذه المجالات. في عام 2015، كانت الولايات المتحدة تعاني من عجز مقداره 726 بليون دولار في تجارة السلع (الآلات والصلب والأجهزة الطبية) ومن فائض مقداره 262 بليون دولار في تجارة الخدمات، مما خلف عجزا إجماليا قدره 500 بليون دولار.
وفقا لمعهد بيترسون، شكلت الدول الاثنى عشرة في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ نسبة 36% من الاقتصاد العالمي ونسبة 24% من التجارة العالمية فيعام 2014. وأكبر دول تم تصنيفها حسب اقتصاداتها هي الولايات المتحدة واليابان وكندا وأستراليا والمكسيك. والدول الأخرى هي بروناي وتشيلي وماليزيا ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة وفيتنام. وهناك دول أخرى – كوريا الجنوبية وأندونيسيا على سبيل المثال – قد تنضم إلى الاتفاقية في يوم ما، بل ربما حتى الصين.
ومع ذلك فإن المشاعر المناهضة للتجارة منتشرة في الحملة الانتخابية. فلماذا لا يرفض برادي آفاق اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ باعتبارها آفاق قاتمة؟
يقول برادي: "الناس يتغيرون بمجرد وصولهم إلى المنصب". وترجمة ذلك هي: الخطاب المناهض للتجارة والمعادي للعولمة في الحملة الانتخابية قد ينحسر أمام واقع الحكم. ورغم أن برادي لم يقل ذلك، فإن أحد الأشياء الضمنية هو أن كلينتون في حال فوزها قد تطرح معارضة رمزية فقط لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، وذلك لأن الحجة لصالح الموافقة عليها قوية ولأن كلينتون قد تشعر أنها مدينة لأوباما لدعمه السياسي لها.
وحتى في ظل هذا، فإن التوصل إلى اتفاقية من شأنه أن يكون أمرا صعبا. لقد أشار برادي إلى أن هناك بعض التفاصيل في اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ تتطلب مزيدا من التوضيح لأعضاء الكونجرس أو إعادة التفاوض. وتشمل هذه التفاصيل قواعد تسعير الأدوية وتخزين البيانات ومنتجات التبغ، بحسب متحدث باسم برادي.
وعلاوة على ذلك، في ظل معارضة العديد من الديمقراطيين بشدة لاتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، سيحتاج أوباما إلى الاعتماد بشكل كبير على الجمهوريين للموافقة على الاتفاقية. وما لم يتمكن الرئيس من تجميع ما يكفي من أصوات الديمقراطيين لضمان الفوز، فمن غير المحتمل حتى أن يسمح الجمهوريون بتناول الاتفاقية.
"إن الوقت ينفد من بين أيدينا"، هكذا قال برادي أمام جمهور معهد بيترسون. إن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ قد ينتهي بها المطاف في المشرحة السياسية.
كاتب عمود متخصص في الشأن الاقتصادي في صحيفة واشنطن بوست