السياحة والسفر لتحفيز الاقتصاد

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٥/سبتمبر/٢٠١٦ ٢٣:٤٤ م
السياحة والسفر لتحفيز الاقتصاد

حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com

تتخذ العديد من الدول الخليجية المنتجة للنفط والغاز خطوات جديدة لمواجهة الأعباء والتحديات الناجمة من تراجع أسعار النفط العالمية منذ منتصف عام 2014 وحتى اليوم. وتعمل بقوة على وضع أطر جديدة لتعزيز إيراداتها السنوية وتغطية العجوزات الكبيرة التي أدت ببعضها ألى الاستقراض من المؤسسات الدولية، وتطرح برامج مالية مثل السندات، كما تفرض ضرائب جديدة لم تكن تخطرعلى بال مواطنيها قبل فترة وجيرة. وجميع هذه الاجراءات تأتي في إطار سياسة تنويع مصادر الدخل القومي.
وضمن القطاعات التي تعطى لها الأهمية الكبيرة في المنطقة الخليجية من جميع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص هو قطاع الطيران والسياحة. وتحاول كل دولة خليجية أن تسبق غيرها في هذا الأمر لجذب المزيد من الزوار والسياح سواء بقضاء عدة ليالي في مدنها أو بالمرور من خلال مطاراتها الدولية، خاصة وأن بعض الدول الخليجية أصبحت تفرض اليوم رسوم عبور على المسافرين عبر مطاراتها نظير استخدامهم للمرافق، حيث اتخذ مطار دبي الدولي وأخيرا مطار قطر الدولي هذه الاجراءات، بيد أن مثل هذه الضرائب لم تكن في الخيال قبل عدة شهور مضت.
ومن هذا المنطلق نجد أن دولة قطر الشقيقة، على سبيل المثال، تعطي أهمية كبيرة لطيرانها الوطني "الخطوط الجوية القطرية" وتنسّق مع الجهات الأخرى كالهيئة العامة للسياحة من أجل تعزيز بنود الايرادات العامة لحكومة قطر. ومؤخرا وقع الطيران القطري اتفاقاً مع شركة «VFS Global»، وهي شركة رائدة في تقديم خدمات التأشيرات، بحضور مسؤولي وزارة الداخلية القطرية لتطبيق نظام جديد لتقديم التأشيرات السياحية والحصول عليها خلال 48 ساعة، وتلبية احتياجات المسافرين الذين يتطلعون لزيارة قطر من مختلف دول العالم.
هذه الخطوة تأتي في إطار الجهود الرامية لدولة قطر في اجتذاب المزيد من الزوار إليها، وبما يتماشى مع الإستراتيجية الوطنية لقطاع السياحة التي أعدتها لعام 2030. والهدف من ذلك إنشاء نظام جديد لإصدار التأشيرات السياحية التي سيتم الاعلان عن تفاصيلها الكاملة قريبا، الأمر الذي سيعمل على تعزيز مؤشرالتنافسية في قطاع السياحة والسفر بدولة قطر.
وضمن هذه الخطوات المتخذة أشار الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر أن اتفاقية التأشيرة السياحية مرتبطة مع الخطط التوسعية للخطوط القطرية، بحث تستهدف رفع الطاقة الاستيعابية لها لتصل إلى 60 مليون مسافرا سنوياً، وستكتمل في موعدها المحدد في 2021، موضحا أن لدى "القطرية" خطة طلبيات بتوفير300 طائرة جديدة تصل قيمتها إلى 70 مليار دولار لكي تستطيع مواكبة البرامج التوسعية المقبلة. وهذا القرار يأتي أيضا بهدف استبدال عدد من الطائرات الموجودة حاليا في الأسطول ضمن إستراتيجية "القطرية"،في الوقت الذي تواجه فيه القطرية مشكلة بسبب تأخرها في استلام بعض الطائراتفي حينه.
إن توقيع الاتفاق الأخير للقطرية مع المؤسسات السياحية الأخرى سيساعد على زيادة أعداد الزائرين إلى قطر من 2.9 مليون زائر بنهاية العام 2015 إلى نحو 5 ملايين سائح سنوياً خلال الفترة المقبلة، مع ارتفاع عددهم قبل وبعد موعد لقاءات كأس العالم بقطر عام 2020. وبعض المؤشرات السياحية التي تم نشرها توضح أن هناك زيادة تم تسجيلها ما نسبته 7% في الزائرين القادمين من دول مجلس التعاون الخليجي خلال الشهور الستة الأولى من العام الحالي مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
إن دولة قطر تعمل اليوم من خلال اسطولها الجوي إلى توفير التأشيرات الالكترونية واستلامها خلال نحو 48 ساعة، مع تنفيذ اتفاقيات تتيح لمواطني بعض الدول وخاصة روسيا والصين والهند في الحصول على التأشيرات بمجرد وصولهم إلى مطار حمد الدولي مثلما يحدث حالياً مع مواطني 38 دولة أخرى. في الوقت نفسه تتخذ الجهات المعنية الأخرى ومنها وزارة الداخلية خطوات لتطوير برامجها التكنولوجية والمعلوماتية لتمكين حصول حاملي هذه الجنسيات الثلاثة على التأشيرة في المطار فور وصولهم، الأمر الذي سيعزز من حركة السياحة إلى دولة قطر ويجعل منها وجهة سياحية عالمية خلال الفترة المقبلة، وبالتالي يدعم من النمو الاقتصادي لها. والهدف من هذه الإجراءات وتسهيلها بالنسبة للزائر هو دعم الاقتصاد القطري الذي يواجه مثل بقية الاقتصادات الخليجية الأخرى تحديات عديدة، في الوقت الذي يمكن لهذا الاتفاق أن يتيح المزيد من فرص العمل التجاري ويعزز دور القطاع الخاص في تنمية قطاع السياحة، والمحافظة على معدلات النمو، وبالتالي تعزيز مسيرة التنمية والتنويع الاقتصادي.
لقد أصبحت صناعة السفر والسياحة اليوم أحد الحلول الممكنة في تحفيز الاقتصادات وتنميتها باعتبار أن زيادة أعداد الزوار يرفع من مستوى الإنفاق السياحي الداخلي، ويزيد من فرص العمل للمواطنيين، ويعطي الفرصة للقطاعين العام والخاص بتأسيس المزيد من المشاريع وإقامة الانشطة، وتوفير المزيد من الموارد واستغلالها بصورة فعالة.