25عاما من الإصلاحات الاقتصادية رسمت نقطة تحول في الهند

مؤشر الأحد ١٤/أغسطس/٢٠١٦ ٢٢:١٧ م
25عاما من الإصلاحات الاقتصادية رسمت نقطة تحول في الهند

مسقط - ش

"لا توجد قوة على الأرض يمكن أن توقف فكرة حان وقتها"، هذه الكلمات لوزير المالية الهندي مانموهان سينغ، نقلا عن فيكتور هوغو، استخدمها عند تقديم ميزانية الحكومة الاتحادية يوم 24 يوليو 1991، وبها تم تم تدشين مرحلةالإصلاحات الاقتصادية في الهند. هذه الإصلاحات التي بدأت في وقت الأزمة غير المسبوقة، بشرت في النمو الاقتصادي الاستثنائي للهند الذي جعلها تكون صاحبة الاقتصاد الاسرع نموا في العالم وثالث أكبر إقتصاد من ناحية قوة الشراء.
وفي الوقت الذي تحتفل فيه الهند بالذكرى الـ 25 لإطلاق الإصلاحات الاقتصادية نسلط الضوء على بعض الإنجازات الرئيسية التي تحققت خلال هذا الفترة.

إجمالي الناتج المحلي
من العام 1991 زاد الناتج المحلي الإجمالي إلى 2216 في المائة، وإجتاز الناتج المحلي الإجمالي للهند 2 ترليون دولار أمريكي في 2015-2016 . وفي الوقت الحاضر تحتل الهند مكانة تاسع دولة في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي. ولكن من حيث القوة الشرائية-التكافؤ (PPP) فالهند هي بالفعل ثالث أكبر اقتصاد في العالم.
وغي إحدى المرات تفوقت الهند في معدل النمو في الصين وأصبح أكبر الاقتصاد واسرع نموا في العالم مع معدل نمو بلغ 7.6 في المائة في 2015-2016.

الاستثمار الأجنبي المباشر
قبل العام 1991 كان الاستثمار الأجنبي في الهند يعاني من الإهمال. وشهدت السنة الأولى من الإصلاح مجموع استثمار أجنبي وصل إلى 74 مليون دولار أمريكي فقط. وبحلول 31 مارس 2016 وصل مجموع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 371 مليار دولار، وفي العام 2015 حصلت الهند على 63 مليار دولار أمريكي وحلت محل الصين كوجهة أولى للاستثمار الأجنبي المباشر .

احتياطيات النقد الأجنبي
وكان الوضع المتردي للهند من ناحية احتياطى النقد الأجنبي في العام 1991 دافعاً لإجبار الحكومة الهندية على تطبيق الإصلاحات الاقتصادية. وفي الوقت الحاضر وبعد مرور 25 عاما من الإصلاحات الاقتصادية وصل احتياطى النقد الاجنبى إلى مستوى قياسي. وفي عام 1991 كان احتياطى النقد الاجنبى للهند فقط 5.8 بليون دولار أمريكي. ولكن في 1 يوليو 2016 وصل احتياط النقد الاجنبى للبلاد إلى 363.17 بليون دولار أمريكي.

نصيب الفرد من الدخل
ما بين العامين 1991 و 2016، ارتفع دخل الفرد من 6270 روبية هندية إلى 93293 روبية هندية ما يشكل قفزة ضخمة بنسبة 1388 بالمئة. ويعطي مؤشر معدل القوة الشرائية (PPP) أحسن فكرة عن المستوى المعيشية والتكاليف المعيشية في بلد معين. ومنذ العام 1991 تحسن المستوى المعيشة وكذلك التكاليف المعيشية. وفي العام 1991 كان نصيب الفرد على أساس معدل القوة الشرائية 1173 دولاراً أمريكياً. وفي عام 2015 فقد ارتفع ما يقرب من خمسة أضعاف ليصل إلى 6020 دولار أمريكي.

حصةالقطاعات من الناتج المحلي الإجمالي
تظهر الفترة ما بعد الإصلاح 1991 الانخفاض التدريجي من الاعتماد على القطاع الزراعي وارتفاع قطاع الخدمات وقطاع الصناعة. تساهم الزراعة الآن سوى حوالي 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي فقط وذلك انخفاضا من 29 في المائة في العام 1991. ويساهم قطاع الخدمات حاليا بنحو 53 في المائة في الاقتصاد الوطني.

توليد الطاقة والاستهلاك
استهلاك الكهرباء هو مؤشر جيد للنمو. فكلما ازدهرت البلاد اقتصاديا ازداد استهلاكها للطاقة. وفي الفترة ما بعد الإصلاحات الإقتصادية زاد نصيب الفرد من استهلاك الطاقة في الهند. وتحقق نمواً في ذلك بنسبة 162 في المائة بين 1990-1991 و2012-2013 ارتفاعاً من 291.8 كيلووات إلى 765 كيلووات.

قوة العمل والتوظيف
تقدر القوى العاملة في الهند حاليا بنحو 497 مليون عامل. وفي العام 1991 كانت لا تتخطى عتبة 337 مليوناً. وفي القطاع الزراعي الذي يعتبر العمود الفقري للهند يعمل الآن أقل من 50 في المائة من القوى العاملة بينما ارتفعت القوى العاملة في القطاعات الصناعية والخدمية بشكل كبير.
اتصالات
يمكن أن تعتبر ثورة الاتصالات في الهند أكبر إرث اقتصادي ما بعد الإصلاحات الإقتصادية في العام 1991 . وشهدت إشتراكات الهاتف وخاصة اللاسلكي نموا متسارعا منذ فجر هذا القرن. وأحدثت الهواتف النقالة ثورة في وسائل التواصل الهندية. في السنوات الـ 15 الماضية نمت الاشتراك اللاسلكية بنسبة هائلة بلغت 28611 في المئة. وفي مارس 2016 وصل عدد المشتركين في الهاتف المحمول إلى أكثر من 1.03 بليون مشترك في البلاد. في الوقت الحاضر تحوي الهند ثاني أكبر عدد لمشتركي الهاتف المحمول في العالم بعد الصين.
استمرار الإصلاحات الاقتصادية
الإصلاح الاقتصادي هو عملية مستمرة. والحكومة الهندية الحالية تحمل إرث الإصلاحات الإقتصادية التي انطلقت العام 1991 والتي أتاحت في معظم قطاعات الاقتصاد إمكانية ان تصل نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 100 في المئة. يعتبر الاقتصاد الهندي واحدا من أكثر الاقتصادات انفتاحا ويبدو في وضع يمكنه من الوصول إلى آفاق جديدة. ولمزيد من المعلومات عن سياسات الاستثمار الأجنبي المباشر الموحدة للهند يرجى اطلاع الموقع: http://dipp.nic.in/English/Policies/FDI_Circular_2016.pdf.

أطلقت الحكومة الهندية أيضا مشاريع عدة رائدة تهدف إلى تجديد النمو الاقتصادي في الهند وتحسين حياة الناس. إن حملة "اصنع في الهند" ومشروع لإنشاء 100 المدن الذكية ومشروع الرباعي الذهبي والممرات الصناعية ومجموعة من المشاريع التي من المقرر كل أن تكون بمثابة محفزات للاستثمارات المحلية والأجنبية للنمو الاقتصادي المستدام والمستمر والشامل في الهند.

كيف يرى العالم اقتصاد الهند اليوم
قالت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد خلال مشاركتها في مؤتمر في الهند:"تبقي الهند نقطة مضيئة خاصة مع ارتفاع الدخل الحقيقي والثقة في تعزيز الطلب المحلي" وأعربت عن تقديرها لاستمرار الإصلاحات الاقتصادية معتبرة أن الهند :"تقف في لحظة حاسمة في تاريخها مع فرصة غير مسبوقة للتحول. ومع الوعود من المزيد من الإصلاحات القادمة، أصبحت نجمة الهند تضيء مشرقة". وفي التعبير عن التوقعات المماثلة، تقول ماري ديرون نائبة الرئيس الأول في كلمات مودي "من المرجح أن تزيد تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تفاعلاً مع التدابير التي اتخذتها الحكومة مثل الجهود المبذولة لتحرير حدود الاستثمار الأجنبي في العديد من القطاعات و مبادرة حملة "إصنع في الهند".
وأشارت منظمة التعاون والتنمية في تقريرها "ستواصل الهند في النمو بقوة، بنسبة 7.4 في المائة في 2016 و 7.3 في المائة في عام 2017" . وقال بول شيرد - كبير الاقتصاديين في S & P العالمية "الهند لديها أعلى إمكانات النمو الاقتصادي في العالم التي سوف يتم تحديدها من قبل النمو المتوسط في العامين المقبلين". تتوقع "فيتش" رفع الناتج المحلي الإجمالي في الهند إلى 7.7 في المائة في السنة المالية (2016-2017) وزيادة إلى 7.9 في المائة في السنة المالية من أبريل 2017 إلى مارس 2018 .

ماذا ينتظرنا في المستقبل؟
وقال الدكتور مانموهان سينغ - وزير المالية آنذاك ختاما لكلامه في مناقشة الميزانية في عام 1991"دع العالم كله يسمع بصوت عال وواضح. الهند الآن استقيقظت بقوة" وبعد 25 عاما من الاصلاحات الاقتصادية والعالم يسمع بصوت عال وواضح أن الهند هي الاقتصاد الكبير الأسرع نموا. ويقول أندرو ماكنزي، المدير التنفيذي لشركة التعدين العملاقة بي اتش بي بيليتون، "ستكون الهند من بين أكبر ثلاثة اقتصادات في العالم بحلول عام 2050". وبحلول عام 2025 من المتوقع ان تتفوق الهند على الصين في عدد السكان وتصبح البلد الأكثر سكانا في العالم مع 1.396 مليار نسمة من الناس. ومع أكثر من 200 مليون أسرة تصبح الهند أكبر سوق استهلاكي ووجهة استثمارية جذابة وذلك بسياسة الهند الديموقراطية والكثافة السكانية الشابة والمهرة.
لقد تغير الكثير في السنوات الـ 25 الفائتة في الهند، وانتقلت الهند من الوضع الاقتصادي الصعب إلى إلى أمة من غنية وتم رفع الملايين من البشر من براثن الفقر. وفي السنوات الـ 25 القادمة تتوقع الهند مواصلة طريق النمو المستدام الشامل لمحو الفقر تماما.
إن أساسيات الإقتصاد الهندي متينة جدا. وتبقي الحكومة الهندية ملتزمة للسير بالخطوات المطلوبة لتحقيق النمو المستدام في دخل الفرد. وبفضل البيئة المناسبة للاستثمارات والاستهلاك الداخلي المتزايد ووجود القوى العاملة الماهرة من المتوقع أن يؤدي الإقتصاد الهندي دورا قياديا في الاقتصاد العالمي.