بغداد – – وكالات
اختلفت التقديرات حول موعد تحرير الفلوجة، إذ رأى وزير المالية العراقي هوشيار زيباري أن هذه المدينة «ليست لقمة سائغة»، وتطهيرها قد يتطلبُ وقتا إضافيا حتى يدخل الجيش في قلب المدينة، موضحاً أن داعش يحتجز المدنيين كرهائن. ومقابل ذلك؛ أعلن ممثل الحكومة العراقية، بسام الحسيني، أن القوات الحكومية لا تحتاج لأكثر من أسبوع، لتحرير الفلوجة نهائيا من مسلحي تنظيم «داعش»، فيما قال متحدث باسم واحدة من الجماعات المسلحة الرئيسية المشاركة في الهجوم على الفلوجة إن العمليات كانت متوقفة تقريبا تماما في الأيام الثلاثة الفائتة. وطالب العبادي بإصدار أمر بمواصلة الهجوم.
قتال شرس
قال وزير المالية العراقي هوشيار زيباري إن تنظيم داعش يخوض قتالا شرسا في الفلوجة وتوقع أن يحتاج الجيش العراقي وقتا لاستعادة المدينة. وتقع الفلوجة على بعد 50 كيلومترا إلى الغرب من بغداد وكانت معقلا لمواجهة الغزو الأمريكي للعراق ولحكومات بغداد لاحقا.
ورفع مقاتلو داعش رايتهم على المدينة في يناير 2014 قبل أن يجتاحوا أجزاء شاسعة من شمال وغرب العراق ليعلنوا الخلافة بعد أشهر من مدينة الموصل. وقال زيباري في مقابلة مع رويترز «الفلوجة ليست لقمة سائغة.. يحتجز داعش السكان كرهائن ولا تسمح لهم بالفرار وهي يخوض قتالا شرسا هناك».
وقال زيباري «داعش متحصنة. الفلوجة مشكلة تواجه العراق الجديد منذ البداية. وقبل ذلك كانت قاعدة لتنظيم القاعدة وللمتمردين». وأضاف «لا يمكن لأحد أن يحدد موعدا لتطهير الفلوجة من داعش.. ويرجع ذلك أساسا للمقاومة وللعبوات الناسفة وللأنفاق» التي حفرها المقاتلون دون أن يتم رصدهم. وكان الجيش قد بدأ هجوما يوم 23 مايو مدعوما من قوات الحشد الشعبي وبدعم جوي من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة. وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي يوم الأربعاء إن الجيش أبطأ وتيرة الهجوم بسبب مخاوف بشأن سلامة عشرات الألوف من المدنيين المحاصرين في المدينة ويعانون نقصا في الماء والغذاء والرعاية الصحية. وقال زيباري «حققت قوات الأمن وقوات الحشد الشعبي تقدما واضحا لكن أعتقد أن اقتحام قلب الفلوجة فعليا سيستغرق وقتا. يجب ألا نعلن النصر قبل الأوان».
التحرير النهائي
من جانبه؛ أعلن ممثل الحكومة العراقية، بسام الحسيني، أن القوات الحكومية لا تحتاج لأكثر من أسبوع، لتحرير الفلوجة نهائيا من مسلحي تنظيم «داعش». وقال الحسيني في تصريح لوكالة «سبوتنيك» الروسية: «نأمل أنه في غضون ثلاثة أو أربعة أيام على الأكثر خلال أسبوع، الفلوجة ستكون حرة. هذا مئة في المئة».
وأضاف الحسيني: «إن الهجوم تباطأ بسبب رغبة السلطات العراقية لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين. ووفقا له، بعد تحرير الفلوجة سوف يتم تطويق قوات تنظيم «داعش» في العراق تماما». وقد بدأت عملية تحرير الفلوجة يوم 23 مايو. ويسيطر الإرهابيون على المدينة، التي تقع في غرب بغداد منذ أكثر من عامين.
وفي الأثناء؛ قال متحدث باسم واحدة من الجماعات المسلحة الرئيسية المشاركة في الهجوم على الفلوجة إن العمليات كانت متوقفة تقريبا تماما في الأيام الثلاثة الفائتة. وطالب العبادي بإصدار أمر بمواصلة الهجوم.
جمود على جبهات القتال
وقال جواد الطليباوي المتحدث العسكري لعصائب أهل الحق التي تدعمها إيران «نحن نطالب الأخ رئيس مجلس الوزراء الدكتور العبادي بالاستمرار بعملية تحرير الفلوجة وعدم الرضوخ للضغوط الأمريكية والغربية لوقف العمليات. نقول ذلك بعدما أن لاحظنا نوع من الجمود على جبهات القتال منذ يومين أو ثلاث. ونقول للدكتور العبادي إن تحرير الفلوجة ضرورة لحماية بغداد».
وأصدر العبادي أمرا ببدء الهجوم على الفلوجة بعد سلسلة تفجيرات أعلنت داعش المسؤولية عنها واستهدفت مناطق في بغداد وأسقطت أكبر عدد من القتلى منذ بداية العام. وستكون الفلوجة ثالث مدينة رئيسية في العراق تستعيد الحكومة السيطرة عليها بعد تكريت -مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين- والرمادي عاصمة محافظة الأنبار المترامية الأطراف بغرب البلاد. وأعرب العبادي عن أمله في أن يكون 2016 عام النصر النهائي على داعش باستعادة السيطرة على الموصل المعقل الرئيسي للتنظيم في شمال العراق. وقال محللون سياسيون في بغداد إن معركة الفلوجة ستكون أكثر صعوبة من معركتي تكريت والرمادي بسبب القيمة الرمزية للمدينة لدى المتشددين ولأنهم لا يستطيعون التراجع إلى أماكن أخرى نظرا لحصار الجيش والميليشيات المتحالفة معه للمنطقة بأكملها. وقال المحلل السياسي ولواء الجيش السابق جاسم البهادلي «في الفلوجة تنشر داعش مقاتلين أشداء يدافعون عن مدينة يعتبرونها رمز الجهاد.»، وقال المحلل السياسي علي هاشم إنه حتى إذا نجحت الحكومة في استعادة الفلوجة فستظل في مواجهة مشكلة كسب ود سكانها الذين يرى البعض أنهم يعانون تهميشا من جانب الحكومة المركزية.
نزوح جماعي
وفي غضون ذلك؛ أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية، أمس الجمعة، عن نزوح 868 أسرة نزحت من الفلوجة كبرى مدن محافظة الأنبار غربي البلاد، مع اشتداد المعارك في محيطها بين القوات العراقية ومقاتلي تنظيم «داعش».
جاء ذلك على لسان مسؤول فرع الوزارة في الأنبار محمد رشيد في تصريح صحفي بثه التلفزيون الرسمي. وقال رشيد إن 852 أسرة نزحت من قضاء الفلوجة إلى مخيمات عامرية الفلوجة (23 كلم جنوب المدينة) و16 أسرة إلى مخيمات المدينة السياحية (20 كلم غرب). وأضاف رشيد أن وزارة الهجرة والمهجرين شكّلت لجنة لاستقبال الأسر النازحة من الفلوجة بالتنسيق مع القوات الأمنية، مشيراً إلى توزيع مواد إغاثية على النازحين فور وصولهم للمخيمات. ولم يُشر المسؤول نفسه إلى الفترة الزمنية التي شهدت حالات النزوح هذه، أو عدد أفراد هذه الأسر. وقبل أربعة أيام، قالت الوزارة إنها سجلت نزوح 574 أسرة من سكان الفلوجة منذ بدء الحملة العسكرية على المدينة. لكن راجع بركات، عضو اللجنة الأمنية في مجلس الأنبار، قال إن نحو 5000 مدني نزحوا من جنوب المدينة صوب ناحية عامرية الفلوجة بعد طرد مسلحي «داعش» من قرى محيطة بالمدينة مؤخراً. وأوضح بركات أن «900 أسرة تتكون من 5000 شخص تمكنوا من الهروب من مناطق قرى زوبع جنوبي شرق الفلوجة والنزوح إلى ناحية العامرية».
ووفق الأمم المتحدة فإن نحو 50 ألف مدني لا يزالون في المدينة بينهم ما لا يقل عن 20 ألف طفل، بينما تشير تقديرات أمريكية وعراقية إلى وجود ما بين 60 و90 ألفا. وتخشى المنظمات الدولية والمحلية من أن «داعش» يسعى لاستخدام المدنيين كدروع بشرية.