خالد عرابي: فخر الصناعة العمانية تتألق في العواصم الأوروبية

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٣/يوليو/٢٠٢٥ ١٨:٠٧ م
خالد عرابي: فخر الصناعة العمانية تتألق في العواصم الأوروبية

لكم شعرت فالفخر والزهو والإعجاب وأنا أرى فخر الصناعة العمانية، جوهرة تتلألأ في قلب العواصم الأوروبية، بل وتنافس وتتفوق على أرقى العلامات والماركات الأوروبية والعالمية الشهيرة المنافسة لها في قطاعها.

هل توقعتم وهل عرفتم عما أتحدث، وأي منتج عماني أقصد؟ ربما يتوقعه الكثيرون لأنهم يعرفونه جيداً، ويعرفون إلى أي مدى ذاع صيت هذا المنتج المتميز الذي يفخر به كل عماني بل وعربي، وربما لا يعرف آخرون، عموما لا أريد أن أطيل في التقديم أنها منتجات "أمواج للعطور".

بينما كنت أقيم في فندق أنانتارا في العاصمة الهولندية أمستردام قبل أيام، وهو واحد من أرقى وأفخم فنادق العاصمة إذ أنه يكفي أنه يحمل اسم سلسلة فنادق أنانتارا العالمية الشهيرة، كما أنه يطل على ميدان " دام " الشهير ومقابل للقصر الملكي الهولندي مباشرة، كما يقابله من أحد الجوانب متحف مدام توساد وغيرها من المعالم الشهيرة – لفت انتباهي ومنذ الوهلة الأولى عند دخول غرفتي بالفندق أن منتجات أمواج للعطور من مستحضرات النظافة والعناية بالبشرة (الشامبو، الصابون وكريم الجسم) وغيرها هي المستخدمة في غرف الفندق.. سعدت جداً، ليس لأنها راقية وفخمة وجميلة جدا وأحبها فقط، ولكن والأهم لأنني كنت فخور جداً لأن أرى فخر الصناعة العمانية " أمواج " وكأنها جوهرة تتلألأ في العواصم الأوروبية.

بمجرد أن نزلت من الغرفة لألتقي أصدقائي للخروج للعشاء بعد الوصول مباشرة، كان أول سؤال وجهته لهم: ماذا وجدتم ولاحظتم في الغرف، وقبل أن أجيب وصلني رد أحدهم: نعم. لاحظت أن مستحضرات العناية بالبشرة في الفندق من " أمواج "، وأبدى أعجابه الشديد وسعادته اللامنتناهية بذلك، غير أن صديق آخر رد وقال: لا. ربما ليس في كل غرف الفندق، وإنما قد يكون في غرفنا فقط تقديرا لنا، وكان يقصد المجموعة المسافرة من عمان خلال تلك الفترة، إذا كنا مع وفد من الطيران العماني لتدشين أولى رحلاته إلى العاصمة الهولندية أمستردام لأول مرة.. رددت عليه وقلت له: " أعتقد أن منتجات أمواج في جميع غرف الفندق، لأنه لا تنسى أن منتجات أمواج في فنادق أنانتارا الجبل الأخضر في عمان، وربما مجموعة أنانتارا العالمية حينما أطلعت على منتجات أمواج وجربتها في فنادقها في عمان ورأت مدى جودتها وفخامتها وتفردها، وكذلك رأت مدى أعجاب ورضا الضيوف ممن يفضلون الفخامة والرقي والجمال عنها وأشادتهم بها، عممتها في كثير من فنادقها حول العالم.. رد صديقي الذي قال بأنها ربما في غرفنا فقط وقال: " لا أتوقع ذلك " ..

أكملنا عشاءنا وانتهينا وعدنا إلى الغرف ونسينا الأمر، ثم التقينا في صباح اليوم التالي على الإفطار لنتناول الإفطار وننطلق إلى جدول أعمالنا، وبعد الإفطار مباشرة، دخلنا حمامات الاستقبال لنغسل أيدينا قبل مغادرة الفندق لنجد أن منتجات أمواج من "الصابون" وكريم العناية بالجسم "بودى لوشن" موجودتان في عبوات فاخرة وبصدق كأنها جواهر تتلألأ من فخامتها علاوة على الرائحة وفخامة المنتج، وبعد أن خرجنا مباشرة لم أستطع أن أتجاوز الأمر، وفتحت الموضوع مرة ثانية وقلت لهم ألم تلاحظوا أن منتجات أمواج في حمامات الاستقبال وهي عامة، وهذا يعني أنها ليست لنا نحن المسافرون من عمان فقط، فرد صديقي الأول وقال ربما وضعوها في هذه الحمامات لأجلنا أيضا. قلت له: لا. أنني أستطيع الآن أن أجزم لك أنها في كل الغرف، وهنا وكأن الأمر أصبح شبه تحدي، فقلت له تعالى لنذهب للاستقبال ولنسأل، ولحسن الحظ كان ما زال لدينا متسع من الوقت إذ كنا ننتظر حضور بعض الأصدقاء، وبالفعل ذهبنا إلى الاستقبال ووجد أشخاص أحدهم يبدوا أنه أوروبي وسألناه إذا ما كانت منتجات أمواج في غرفنا فقط أم في غرف الفندق جميعا، فأجاب بل في جميع غرف الفندق وأنهم يعتزون بهذا المنتج كثيرا وأنه من الأشياء المميزة والمفضلة بل والمحبوبة جدا من قبل زبائنه، بل وزاد أنه على ذلك قائلا بأنه شخصيا عاشق لمنتجات أمواج وشخصيا يستخدم عطوراتها وعدد لنا بعض أسماء أنواعها.. وهنا كانت الإجابة الحاسمة والقول الفصل في ذلك.

وهنا أردت أن أتحدث كيف وصلت أمواج إلى العالمية، وأن هذا ما وصلت إليه كثير من المنتجات العمانية في شتى المجالات والقطاعات الصناعية وليس أمواج فحسب.. فبالنسبة لأمواج أنها مسيرة عدة عقود من العمل الدؤوب والحرص على الجودة والفخامة والتفرد، وهي قوة صناعية رسمت لنفسها خط واضح منذ البداية، ولذا كانت هذه النتيجة، وهو ما جعل " فخر الصناعة العمانية " تتفوق على شانيل وهريرا ودافنشي وفيرذاتشي وهوجو وعشرات العلامات الأوروبية والعالمية الشهيرة في عالم العطور ومستحضرات التجميل.

وكما أمواج هناك الكثير من المنتجات العمانية الصناعية الأخرى في مختلف القطاعات أستطاعت أن تظل لهذه المنزلة وأن تثبت نفسها وحضورها وانتشارها العالمي، ومنها على سبيل المثال لا الحصر منتجات شركة كابلات عمان التي تبيع منتجاتها في أكثر من 50 دولة حول العالم، ومنتجات نحاس عمان ومياه الواحة ساعات مجان وغيرها الكثير والكثير.

قد يخرج علينا في بعض الأحيان بعض من "المتحذلقين" ويقول أن المنتج العماني لا يستطيع أن ينافس وأنه في بعض الأحيان يتفوق عليه المنتج الأجنبي لأنه أجود وأقل سعرا، ولكن هنا نؤكد ونقول: أولا لا نستطيع أن نعمم أي شيء أو أية معلومة أو حتى قاعدة، وأنه كما كل مكان يوجد هذا وذاك، فهناك الكثير من المنتجات التي تتفوق وتنافس ومنها ما ذكرنا سابقا عن أمواج نموذجا، وأيضا هناك منتجات قد لا تنافس، وهنا علينا أن نتوقف قليلا ونقول: علينا أن نبحث عن تلك ولنرى سبب عدم المنافسة، وإذا كان في السعر مثلا لندرس سبل الوصول إلى حلول عملية لذلك.

كما يجب علينا أيضا أن نلتف حول منتجنا العماني، فكما نشجع منتخباتنا ونلتف حولها في البطولات الرياضية ينبغي أن يكون كذلك وأكثر في دعم المنتج العماني وتشجيعه واختياره سواء من الأفراد وحتى الشركات، وقد علمت أن هناك توجيهات أو حتى شبه قانون يلزم بعض مؤسسات القطاع الخاص والعام بشراء حصص أو حتى الالتزام بالمنتجات العمانية، وبصراحة شاهدت مرارا أن غرفة تجارة وصناعة عمان تلتزم بذلك، وأرى أن هذا جيد جدا ومهم ولا ضير في ذلك، فكثير من دول العالم تفعل ذلك ومنها الولايات المتحدة والصين، وليس أدل على ذلك مما يحدث من حرب تجارية، وما فرض رسوم جمركية متبادلة ومبالغ فيها بين الولايات المتحدة والصين إلا نوع من حماية المنتج المحلي لدى كلا منهما ..

وأرى أن ما قامت به فنادق أنانتارا في عمان لهو عمل عظيم إذ بدأت من عمان، ومنها انتقل الأمر إلى كثير من فنادق هذه المجموعة الفخمة والراقية، ويجب على بقية أو كثير من الفنادق الأخرى في السلطنة أن تحذو حذوها، لأنه عمل وطني عظيم.

كما أرى أنه يجب إعطاء المنتج العماني أولوية كبيرة في المجمعات التجارية وفي غيرها من المحلات وحتى البقالات، وألا تقوم المجمعات الكبيرة على سبيل المثال بالتعبئة لمنتجات تحمل اسمها في الخارج ووضعها في أماكن مميزة على حساب المنتج العماني، أو أن توفر المنتج الوطني بعبوات كبيرة مثلا وقد لا يرغب فيها الزبون، بينما المنتج الذي يحمل أسمها والمعبأ في الخارج متاح بكميات كبيرة في عبوات صغيرة مفضلة من بعض الفئات وغيرها من أساليب التلاعب التي نشاهدها جميعنا.

كما أن على الشركات والمصانع العمانية الأخرى التي لم تصل إلى هذا المستوى من المنافسة العالمية بعد أن تحذو حذو أمواج وكابلات عمان وغيرها وأن تطور من ذاتها وأن تركز على الجودة والفخامة والقدرة على المنافسة، كما ينبغي على الجهات المعنية مثل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، والمؤسسة العامة للمناطق الصناعية "مدائن" أن تتبنى خطة أو استراتيجية وطنية للنهوض بالمنتجات الصناعية العمانية، كما ينبغي أن يكون هناك حراك ونقاش وطني حول ذلك، أعلم أن الجهات التي ذكرتها الآن وخاصة "الوزارة" و" مدائن " لم تقصران وتبذلان جهودا كبيرة ولكن لا ضير من تكثيف الجهود والسعى أكثر والتكاتف والتعاضد جميعا لنرى كل أو معظم منتجاتنا تنافس في محليا وإقليميا كما منافسة أمواج، بل وأن تتفوق لتنافس وتتألق في الأسواق العالمية.