المدارس الباكستانية في عُمان: خمسون عامًا من التميّز والتطوّر

مزاج الأحد ١٣/أبريل/٢٠٢٥ ١٩:٢٣ م
المدارس الباكستانية في عُمان: خمسون عامًا من التميّز والتطوّر

مسقط - ش

تُجسّد المدارس الباكستانية في سلطنة عُمان عمق العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين جمهورية باكستان الإسلامية وسلطنة عُمان.. بدأت هذه المسيرة التعليمية الرائدة بدعم كريم من الحكومة العُمانية التي قدّمت أرضًا لإنشاء أول مدرسة باكستانية في السلطنة، وأساسي الذي يمثل اللبنة الأولى لنظام تعليمي يجمع بين القيم الثقافية والتعليمية لكلا البلد..

صرح بذلك أمير حمزة ، رئيس مجلس إدارة المدارس الباكستانية في سلطنة عُمان وقال: مع احتفال المدرسة الباكستانية في مسقط بمرور خمسين عامًا على تأسيسها، نقف اليوم وقفة فخر وتأمل في إنجازاتنا المتعددة والتطورات التي شهدناها خلال العقود الخمسة الماضية..

وأضاف: بفضل وتوفيق من الله أصبح للمدارس الباكستانية في عُمان الآن سبعة أفرع، من أبرزها فرعا مسقط والسيب، فيما يقدّم فرع صلالة تعليمًادوليًا متطورا إلى جانب المنهج الباكستاني. كما يشهد فرع صحار خطط توسعية طموحة، في حين تستعد مدرستا السيب ونزوى لتوسيع نطاقهما الأكاديمي بدءًا من العام الدراسي المقبل. أما فرعا السويق والبريمي، فهما يواصلان أداء دورهما الفاعل في خدمة المجتمعات المحلية وتعزيز جودة التعليم. إن مجموعة المدارس الباكستانية في سلطنة عُمان ليست مجرد مبادرة تعليمية، بل هي رمز للتحالف الاستراتيجي والأخوي بين البلدين. تعمل هذه المدارس على تعزيز الروابط الثقافية والعلاقات الثنائية من خلال توفير تعليم عالي الجودة ورعاية أجيال شابة تحمل قيم التعاون والاحترام المتبادل.

وأوضح قائلا: من أبرز محطات التوسعة المستقبلية، العمل الجاري على إنشاء حرم جديد لمدرسة السيب، بعد تخصيص الحكومة العُمانية أرضًا بمساحة فدانين لهذا المشروع الحيوي. ونتقدّم بالشكر الجزيل لوزارة الإسكان على تسهيل عملية التخصيص، ولوزارة التربية والتعليم العُمانية على دعمها المتواصل وإشرافها المستمر، والذي تجلّى من خلال زيارات ميدانية دورية تهدف إلى تقييم وتعزيز الأداء التعليمي. وقد جاءت زيارة وفد الوزارة في 19 فبراير 2025 تأكيدًا واضحًا على التزامهم الدائم بدعم مسيرتنا التعليمية..

كما نخص بالشكر سعادة السفير السابق لجمهورية باكستان في سلطنة عُمان، السيد عمران علي تشودري، لدوره البارز في تسهيل إجراءات الحصول على الأرض. وتستعد المدرسة الباكستانية في مسقط لإطلاق مشروع بناء حرم جديد، في حين تشهد فروع البريمي وصلالة توسعات إضافية لمواكبة الزيادة في أعداد الطلبة وتلبية تطلعات أولياء الأمور..

وقال حمزة: تمثل هذه الإنجازات المتواصلة دليلاً على التزام المدارس الباكستانية في عُمان بتقديم تعليم نوعي يعزز القيم المشتركة ويُسهم في إعداد جيل واعٍ ومتميّز يخدم المجتمعات الباكستانيةوالعمانية.

نهوضٌ المدارس الباكستانية في عُمان بعد الجائحة ورؤيةٌ للمستقبل.

وأكد قائلا: مثلها مثل العديد من المؤسسات التعليمية حول العالم، واجهت مدارس باكستان في عُمان تحديات جسيمة خلال جائحة كوفيد-19، حيث تكبّدت خسائر مالية وأكاديمية كبيرة. إلا أن المدرسة لم تتعثر أمام هذه الأزمات، بل خرجت منها أقوى، لتنطلق في مسيرة طموحة من التعافي والتطور. فمنذ عام 2021، أُطلقت سلسلة من المبادرات الجريئة التي دفعت بالنظام التعليمي إلى آفاق جديدة، واضعةً إياه في مصافّ أفضل المدارس الدولية في السلطنة.

وكان التحول الجذري في مسيرة المدرسة مرتبطًا برؤية عُمان 2040، حيث أُجريت عمليات تدقيق أكاديمية ومالية عقب الجائحة لتقييم احتياجات المدارس. وبناءً على نتائج هذه التقييمات، تم اتخاذ خطوات سريعة لسد الفجوات، شملت تحسينات في البنية التحتية، ورفع معايير النظافة، وضمان توفير مياه شرب نظيفة. كما تم تزويد الفصول الدراسية في جميع الفروع بالسبورات الذكية، وتحديث المختبرات والمكتبات لتوفير بيئة تعليمية حديثة ومتطورة.

لم تقتصر الجهود على البنية التحتية فقط، بل أصبح التميز الأكاديمي من صميم أولويات المدرسة. فإلى جانب المنهج الباكستاني التقليدي، تم إدخال منهج كامبردج لتوسيع الخيارات التعليمية أمام الطلبة. كما أُعطيت أولوية كبيرة للتحول الرقمي، لتصبح المدرسة الباكستانية في مسقط مؤسسة رقمية بالكامل في ما يخص إدارة البيانات والعمليات الأكاديمية. وفي خطوة رائدة، أصبحت المدرسة أول شريك رسمي لليونسكو في سلطنة عُمان، بما يعكس التزامها بالتعليم العادل والشامل، خاصة أنها تخدم طلابًا من أكثر من 19 جنسية.

وفي عام 2024، تم تأسيس “إدارة البحث والتطوير” بهدف دمج رؤية عُمان 2040 في الإطار الأكاديمي، إلى جانب أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة ومهارات القرن الحادي والعشرين. ويركز المنهج الحالي على تنمية التفكير النقدي، والمهارات الرقمية، والصحة النفسية للطلبة، بما يضمن تخرج طلاب قادرين على مواجهة تحديات المستقبل. كما تشرف هذه الإدارة على برامج تدريب المعلمين لضمان التطوير المستمر لجودة التعليم.

وفي إطار تعزيز الاستدامة، بدأت المدارس الانتقال إلى بيئة تعليمية خالية من الورق من خلال اعتماد التعلم القائم على المشاريع. وستبدأ المدارس، اعتبارًا من العام الدراسي القادم، بإطلاق الصفوف الإلكترونية للصف الثامن والصف الأول الثانوي، إلى جانب تقديم “دبلوم بي تيك الموسع في إدارة الأعمال – المستوى الثالث”، في خطوة تعزز من دمج التكنولوجيا في التعليم .

ولا تزال خدمة المجتمع والتواصل المجتمعي من أولويات مدارس باكستان في عُمان، حيث أُبرمت شراكات مع جامعات وكليات مرموقة لتوسيع فرص التعليم العالي والتطوير المهني. كما أُجريت عمليات تدقيق مالي في عام 2022، لأول مرة منذ عام 2016، وأظهرت النتائج أن المدارس أصبحت تحقق فائضًا ماليًا بعد سنوات من التحديات، مما يُعزز القدرة على مواصلة تطوير البنية التحتية والارتقاء بالمنظومة التعليمية.

وفي سياق تعزيز التواصل بين المدرسة وأولياء الأمور، تم تأسيس “مجلس أولياء الأمور” ليعمل كسفراء للمدرسة، مما يعزز التعاون بين المؤسسة التعليمية والأسر. كما تحظى آراء الطلاب باهتمام بالغ، حيث تُعطى لهم الفرصة للتعبير عن طموحاتهم وتوجيه خياراتهم بما يتماشى مع رؤية المدرسة ورسالتها .

المدارس الباكستانية في عُمان: مسيرة تواصل العطاء وتُعيد رسم ملامح التميّز التعليمي

نتوجّه بخالص التقدير والامتنان إلى سعادة الدكتور نويد صفدر بخاري، السفير الحالي لجمهورية باكستان الإسلامية لدى سلطنة عُمان، على دعمه المتواصل الذي كان ولا يزال ركيزة أساسية في استمرار مسيرة مدارس باكستان في عُمان. وبفضل هذا الدعم، إلى جانب الجهود المؤسسية المتكاملة، يشهد عدد الطلاب تزايدًا مطردًا، مما يعكس النمو المستمر في المعايير الأكاديمية ويُعزّز مكانة المدارس كإحدى أبرز المؤسسات التعليمية الرائدة في السلطنة.

لقد حافظت مدارس باكستان في عُمان على إرثها العريق، وأعادت تعريف مفاهيم التميّز في التعليم، لتغدو اليوم نموذجًا في التقدّم، والانفتاح، والابتكار. ومع انطلاق المرحلة المقبلة من رحلتها، تستعد هذه المنظومة العريقة لتأدية دور محوري في صناعة قادة المستقبل، حيث تُبشّر الخمسون عامًا القادمة بمزيد من النجاحات والإنجازات، في تأكيد دائم على التزام المدارس بالتميّز الأكاديمي والتنافسية العالمية..

وستواصل المدارس التقدّم متمسكةبرؤيتها ورسالتها، في بناء مجتمع تعليمي متماسك يُعزز قيم الاحترام والمساواة والكرامة، مع انفتاح واعٍ على التنوّع الثقافي الذي يُشكّل مصدر قوة وإثراء. وتتّسق هذه الرؤية مع التوجيهات الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – الذي يؤكّد دائمًا على أهمية التعليم ومراكز البحث والمعرفة كركائز أساسية للتنمية الاقتصادية..

وتفخر مدارس باكستان في عُمان بأن تكون جزءًا من هذا الهدف الوطني النبيل، من خلال إعداد كوادر مؤهلة لمواكبة متطلبات المستقبل، تمتلك المهارات والقيم التي تمكّنها من فهم العالم المتغيّر والمساهمة في تشكيله بإيجابية..